بعد اعتزالها السياسة .. ماذا تعرف عن تسيبي ليفني "عصفورة" الموساد؟
تسيبي ليفني - أرشيفية
في وقت يسعى كثير من الليبراليين إلى توحيد قوى المعارضة الإسرائيلية في تكتل واحد لإسقاط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، باعتبارها الخطوة الوحيدة الممكنة لإنقاذ "حل الدولتين"، تشهد ساحة المعارضة الإسرائيلية موجة انقسامات تزيد من تفسخها وتشتتها وتعزز مكانة "نتنياهو" واحتمالات فوزه من جديد برئاسة الحكومة.
وأعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، التي تراجع حزبها في استطلاعات الرأي قبل انتخابات 9 أبريل، استقالتها من الحياة السياسية، وقالت ليفني، التي عرفت على الساحة الدولية بفضل دورها السابق في التفاوض مع الفلسطينيين، إن حزب كاديما الذي تتزعمه لن يخوض الانتخابات.
وذكرت في بيان أمام الصحفيين في تل أبيب أنها ستحل حزبها، مضيفة "وأنا أعرف أنني فعلت كل ما بوسعي لدولتي الحبيبة ولتوحيد القوى التي ستقاتل من أجلها، الأمر لم يعد بيدي".
وساعدت "ليفني" مؤخرًا في قيادة تحالف الاتحاد الصهيوني "يسار الوسط"، المعارض الرئيسي في إسرائيل، إلا أن انقساما في يناير أنهى ذلك الترتيب الذي كان يشمل كذلك حزب العمال، وبعد ذلك أعلن زعيم حزب العمل -افي جاباي- أنه لم يعد شريكًا لليفني، وجاء هذا الإعلان بطريقة فظة بشكل خاص، إذ دعا "جاباي" "ليفني" للجلوس معه على المنصة في مؤتمر صحفي، ليصدمها بإعلان الانفصال، وتمنى لها أن تنجح في العثور على كتلة أخرى تخوض معها الانتخابات إذا قررت مواصلة المسيرة السياسية، وخاطبها جاباي قائلا: "كنت امل وأتمنى أن تؤدي الشراكة بيننا إلى نمونا وتوسيع صفوفنا، وإلى نسج علاقة حقيقية وشراكة متبادلة، لكن الجمهور يرى أنها شراكة فاشلة فانفض عنا، وعليه فأتمنى لك النجاح في الانتخابات، في كل حزب ستكونين فيه".
وقد بدا على ليفني حينها أنها مصدومة من القرار، فالتزمت الصمت وامتنعت عن أي رد وتركت قاعة الاجتماعات من دون أي تصريح.
وبعد ساعات، عقبت في بيان صحفي أنه من الجيد أن تتضح الشكوك ويمكننا الان التركيز على التحدي الوطني الذي أمامنا ومن المهم مواجهته، علينا أن نؤمن بهذا النهج والطريق بضرورة إحداث الانقلاب في الانتخابات المقبلة.
ويرجع صعود "ليفني" السريع في الحياة السياسية والحزبية إلى الثقة التي منحها إياها رئيس الوزراء الأسبق "اريئيل شارون"، اعتبارا من عام 1996 حتى انتخبت بالكنيست الإسرائيلي عام 1999 ، وشاركت "شارون" في تأسيس حزب "كاديما" 2005 بعد الانفصال عن "الليكود" الحاكم، وعملت "ليفني" في جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي "الموساد"، وترقت في المناصب داخل الجهاز، وكادت أن تعتقل في بعض الدول الأوروبية، ففي ديسمبر 2009 صدر قرار قضائي عن محكمة بريطانية باعتقال ليفني المتهمة بارتكاب جرائم حرب حينما كانت في زيارة إلى لندن، قبل أن تتمكن من الهرب خارج البلاد.
ومنذ أعوام نشرت صحف عربية معلومات مغلوطة خاصة بمقابلة أجرتها "ليفني" مع صحيفة التايمز البريطانية، ونقلت أن "ليفني" اعترفت أنها مارست الجنس من أجل بلدها عندما عملت بالجاسوسية في الموساد، وأنها ليس لديها أي مشكلة في ممارسة الجنس من جديد لأجل بلدها، مؤكدة أن هذا شيء مشروع، بل إن بعض الصحف رسمت سيناريوهات مشاهد بين "ليفني" وزعماء عرب، بينما الحقيقة أن كل ذلك محض خيال، وأن "ليفني" خلال المقابلة أجابت عن استخدام الجنس خلال العمل بالموساد وأجابت إنها لم تتعرض لذلك الموقف ولم يطلب منها خلال عملها بالموساد.
وتنحدر ليفني من عائلة كبيرة في إسرائيل، وهي بولندية الأصل، حيث ولدت في تل أبيب عام 1958، ودرست القانون في جامعة بار إيلان، واسمها "تسيبي" هو اختصار للاسم "تسيبوره" وترجمته بالعبرية "عصفورة"، وهي الصفة التي أطلقها عليها البعض أحيانا، فهي تتوافق مع طبيعة عملها في نقل المعلومات خلال عملها بالمخابرات الإسرائيلية فهي "العصفورة الحسناء"، وكان والدها "إيتان ليفني" عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود بين 1973 و1984 ، وحسبما قالت ليفني لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه تزوج من أمها "سارة" في ذكرى قيام دولة إسرائيل ليرتبط زواجهما بقيام الدولة عام 1948.
وتزوجت "ليفني" بعد إنهاء عملها في "الموساد" من المحامي الإسرائيلي الشهير "نفتالي شبيتسر" ولها ابنان "عمري" و"يوفال"، ذلك بعد فترة طويلة من الإضراب عن الزواج أثناء عملها في "الموساد"، وقارن المحللون السياسيون بينها وبين رئيسة الوزراء الراحلة "جولدا مائير"، أول أنثى تتقلد هذا المنصب في إسرائيل، إذ اعتقد البعض أن "ليفني" سوف تكمل هذه المسيرة وتصبح ثاني أنثى تتقلد هذا المنصب في تاريخ إسرائيل، بالرغم من اختلاف الشكل بين "جولدا مائير" التي كانت توصف بـ"المرأة الحديدة" و"المرأة الرجل" نسبة لصلابتها وقوة شخصيتها وإسهاماتها في إنشاء الكيان الصهيوني، إضافة إلى توليها حقيبة وزارة الخارجية قبل تولي رئاسة الوزراء، على عكس "ليفني" التي ظلت محتفظة بجمالها بعد العقد الخمسين من عمرها؛ وبسؤال "ليفني" عن هذه المقارنة ردت بأنها لم تكن "جولدا مائير" ثانية بل أنها "تسيبي ليفني" الأولى.
وفي عام 2017 ذكرت تقارير إعلامية أن الأمم المتحدة قدمت اقتراحا بتولي "ليفني" منصب مساعد الأمين العام للمنظمة الدولية، وهو ما أثار جدلا حيث إن ترشيحها لمنصب دولي سيكون سابقة لمسؤول تضم سيرته الذاتية اتهامات باغتيالات وبارتكاب جرائم حرب، ولم تؤكد "ليفني" تلقيها عرضا رسميا، بينما ذهب البعض إلى صفقة ستتيح في المقابل تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض مبعوثا دوليًا.