عيد الحب وحكايات شيخ فراشي الجامعة.. مشاهد من "الزمن الجميل"
بنات أحد الأغنياء تعلم القرويات التفصيل
بملابس الريفيات أشرقن على القرية سائرات على أعشابها الخضراء، وهن السيدة "محاسن" كريمة محمود شاكر بابا، وعن يمينها شقيقتها الآنسة رشيقة، وعن يسارها مربيتها القديمة تحمل على رأسها بطيخة، بهذا المشهد تسير "فلاحات من الهايلاف"، حسب ما وصفتهن مجلة "الاثنين والدنيا" التي كانت تصدر عن دار الهلال.
وللترفيه عن القرويات الصغيرات عمدت الشقيقتان إلى إهدائهن ثيابًا جديدة من صنعهما، وتقيس إحدى الشقيقتان الثوب على الريفيات، بينما جلست الأخرى تخيط ثوبًا آخر، ليعملا بعد ذلك على تلقين القرويات دروسًا في تفصيل الثياب، وقد جلسن كلهن على "شلت" وضعت على الأرض في حديقة الدار. بينما يجلس الرجال يفترشون الأعشاب يدخنون ويشربون "القهوة".
روح القانون، ذلك التعبير الذي استخدمته الدراما التلفزيونية والسينمائية كثيرًا لإبرازه إلا أن من بين مشاهد تحقيقه الواقعية، وفقًا لما رصدته مجلة الاثنين والدنيا في عددها 552 لعام 1945، حينما توفى والد أحد صغار الموظفين وترك له أسرة مؤلفة من تسعة أشخاص عدا عائلته المكونة من زوجة وثلاثة أطفال فتعذر على الموظف إعالتهم، وتقدم اسكندر صديق باشا، مراقب معاشات حينها، إلى وزير المالية باقتراح منح عائلة الموظف إعانة مالية وترقيته إلى الدرجة السابعة، وتم إحالة المذكرة إلى اللجنة المالية، واعترض بعض أعضاء اللجنة بدعوى أنه قد يكون بين الموظفين من هو أكفأ منه، واستدعى "اسكندر" ليسأله في هذا الصدد في شرح حالة الموظف كاد يبكي لشدة تأثره، وقال: "يجب تنفيذ اقتراحك في الحال.. وترقية كل موظف يبلغ به الشقاء إلى هذا الحد ترقية استثنائية".
"أنا مبسوط لأني اشتغلت مع أعظم ناس"، حالة من الحب الخالص اجتاحت الشيخ عبدالعاطي سليمان وهو أقدم فراشي جامعة القاهرة، حينما كانت باسم "فؤاد الأول"، وعرف بـ"شيخ فراشي الجامعة" حكى في حوار صحفي عن الكثير من المواقف التي سادها الحب والمودة داخل الحرم الجامعي، ليتذكر بكل ما يحمله من فخر أن "كل عظماء البد كانوا تلامذتي، منصور باشا فهمي، طه حسين بك، العناني بك، كل هؤلاء أمثلة لطلبة جامعة مصر القديمة"، مستدركًا الحديث عن لطفي باشا السيد، رئيس الجامعة، حينذاك فقال: "إنه عين مديرًا للجامعة بعد نفي سعد باشا ومرقص حنا، ولأنه خدمه سنوات وكل مرة أدخل عليه فيها وأقدن فنجان القهوة أطلع كسبان حكمة أو فكرة وبعض الحكم كانت عويصة على إدراكي فكان يفسرها لي الكثير من تلامذتنا القدماء".