«النسيج المصرى»: متحف بلافتة مدرسة
إحدى قاعات العرض بالمتحف
زحام شديد يحيط به، بحكم موقعه فى شارع المعز لدين الله الفاطمى، أحد أهم الشوارع التاريخية بالقاهرة، بينما هدوء وسكون واضحان يسودان داخله، بحكم قلة عدد زائريه، إما للجهل به، أو للافتة «مدرسة النحاسين» المعلقة على واجهته، حيث حرصت وزارة الآثار على الاحتفاظ بها، باعتبارها جزءاً من المبنى. ولأن مصر هى الدولة التى اخترعت صناعة النسيج، حاول المتحف رصد تاريخ تلك الصناعة على مدار 6 آلاف عام، من خلال مقتنيات متنوعة هى الأهم فى العالم.
الدكتور أشرف أبواليزيد، مدير عام المتحف، أوضح أنه حديث العهد نسبياً، حيث افتتح عام 2010 داخل مبنى قديم تم بناؤه عام 1828 يسمى «سبيل محمد على»، أنشأه محمد على باشا، وكان يستخدم سبيلاً وألحقت به مدرسة، وكلاهما كانا يعملان حتى خمسينات القرن العشرين، ومن أشهر رواد المدرسة نجيب محفوظ والرئيس جمال عبدالناصر.
فى عام 2000 ظهر مشروع لرفع كفاءة المبنى وترميمه، بعد أن تدهور وساءت حالته، وأرادت وزارة الثقافة الاستفادة من المبنى ثقافياً، ووقع الاختيار على إنشاء متحف نوعى للنسيج المصرى، وكانت فكرة صائبة، بحسب «أبواليزيد»، لأنه كان الوحيد فى مصر والشرق الأوسط آنذاك، والثالث حول العالم، وما زال يعتبر الأهم عالمياً بالنظر إلى محتوياته. المتحف يضم نحو ألف قطعة، نصفها معروض، بينما النصف الآخر موجود فى المخازن ويستخدم فى العروض المؤقتة، وفقاً لـ«أبواليزيد»، مثل معرض «الله محبة»، الذى افتتح فى الثانى من يناير الماضى، للاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة، وتم عرض مجموعة قطع من جبانة «البجوات» فى الواحات الخارجة، وحضر حفل الافتتاح عدد من قيادات الكنيسة المصرية والمهتمين بالآثار والشأن العام. المتحف عبارة عن 11 قاعة، 4 فى الدور الأرضى، و7 فى العلوى، تتناول صناعة النسيج فى مصر من الفترة الفرعونية وحتى العصر الحديث، أقدم قطعة تعود إلى الأسرة الخامسة من الدولة القديمة، عبارة عن فستان لسيدة، بينما تتمثل أحدث قطعة فى كسوة الكعبة المشرفة، وترجع إلى عام 1942 فى فترة حكم الملك فاروق، حيث كانت مصر منذ الفتح العربى تهدى كسوة الكعبة كل عام، فترسل الكسوة الجديدة وتعود القديمة.
أنشئ عام 2010 داخل «سبيل محمد على».. وجمال عبدالناصر ونجيب محفوظ أشهر الرواد
تذكرة دخول المتحف للمصريين 10 جنيهات للكبار و5 للأطفال، وهناك فئات عديدة مستثناة، بحسب «أبواليزيد»، ويمكنها زيارة المتحف مجاناً، مثل المصريين فوق سن الـ60، والأطفال فى عمر صغير، وذوى القدرات الخاصة، وطلبة الفنون والآثار والتاريخ، وهناك تخفيض بنسبة 50% لجميع طلاب المدارس والجامعات.
على مدار السنوات الماضية تم تدشين فعاليات مختلفة بالمتحف، ولقاءات عديدة فى وسائل الإعلام، لتنشيط حركة الزيارة، حيث تنحصر غالباً فى المختصين والباحثين. وأوضح «أبواليزيد» أن الإيرادات زادت مع انتعاش حركة السياحة فى مصر عموماً، والأمور تتحسن، كما أن المتحف يستفيد من وجوده فى شارع المعز، الذى يشهد إقبالاً كبيراً من الزوار.
أبرز مشكلة تواجه المتحف فى رأى «أبواليزيد»، تكمن فى أن المبنى معروف بـ«سبيل محمد على»، وكثير من الناس يصابون بحيرة ولا يعرفون هل المبنى سبيل أم متحف أم مدرسة؟ خاصة أن يافطة «متحف النسيج»، مكتوبة بخط كوفى غير واضح، واشتكى البعض منها.
«أبواليزيد»: ١٠٠٠ قطعة أقدمها لسيدة تعود للأسرة الخامسة الفرعونية.. وأحدثها كسوة الكعبة وستارة الحجرة النبوية الشريفة
يحرص المتحف على تدشين فعاليات مختلفة للترويج له، وهناك قطع نادرة تعرض لأول مرة فى كل حدث، ففى معرض للمولد النبوى الشريف تم عرض قطعة عبارة عن ستارة كانت مبطنة للحجرة النبوية الشريفة فى العصر العثمانى، وفى شم النسيم الماضى تم تنظيم معرض بعنوان «أعياد الربيع» وتضمن عرض عدة قطع لأول مرة.