وزير الثقافة المغربى الأسبق: مصر قادرة على «جر» القطار الثقافى العربى بدرجة أسرع
محمد الأشعرى، وزير الثقافة المغربى الأسبق
قال محمد الأشعرى، وزير الثقافة المغربى الأسبق، الشاعر والروائى الحاصل على جائزة «البوكر العربية» عام 2011، إن مصر قادرة على «جر» القطار الثقافى العربى بقوة إلى مسافات أبعد.
محمد الأشعرى: «تهميش المعرفة» أدى إلى ظهور دعاة «الارتباط بالماضى»
وأضاف «الأشعرى»، فى حوار لـ«الوطن»، على هامش مشاركته فى الدورة الخمسين «الذهبية» لفعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب المقامة حالياً، أن تهميش المعرفة والفن فى مجتمعاتنا العربية، أدى إلى خلق مساحات واسعة لصالح دعاة «الارتباط بالماضى»، وإلى نص الحوار:
ما انطباعكم عن معرض القاهرة الدولى للكتاب؟
- هو معرض متميز، أولاً لأنه مستمر على مدار 50 سنة، وهذا تراكم قوى ومهم، وأتمنى أن يواصل المعرض تطوره فى الدورات المقبلة، بما يمكنه أن يسهم فى نشر الأدب والفكر فى أرجاء الوطن العربى، خاصة أن المعارض الدولية تقوم بدور أساسى فى تبادل الثقافة، وتمكننا من الاطلاع على آخر المنتجات الأدبية والفكرية للأشقاء العرب.
وماذا ينقص معارض الكتب العربية كى تصبح على مستوى المعارض فى أوروبا؟
- أظن أنه ينقصها الجانب المهنى، كما تفتقر إلى عمل تعاقدات بين المؤلفين والناشرين خارج أقطارهم، ونتمنى أن يتم الاهتمام بعمل عقود نشر بين المؤلفين والناشرين فى المعارض العربية.
كيف ترى تفاعل المواطن فى البلاد العربية مع مفردات الثقافة؟
- نحن نحصد الآن نتائج ما زرعته المجتمعات العربية منذ سنوات، حيث تقلصت حقوق المواطن فى التعليم والثقافة، ومن يطلع على أرقام الاستهلاك الثقافى سيُصاب بذعر، فنحن أمة كبيرة، ومع ذلك فإنتاجنا وتوزيعنا للكتاب أقل ما يمكن، قياساً بالمجتمعات الأخرى. وقد أدى تهميش المعرفة والفن فى مجتمعاتنا إلى خلق مساحات واسعة لصالح دعاة «الارتباط بالماضى»، ولو رسمنا خريطة لتطوراتنا الكبرى لأكثر من 70 سنة، نجد أن المرحلة الكبيرة كانت مقاومة الاستعمار، وبعد ذلك سقطنا فى جمود، لا نتقدم خطوة إلا ونتراجع خطوتين، والمواطن لا يفكر إلا فى تفاصيل حياته اليومية و«مشغول بلقمة العيش»، وعندما أسمع بعض المسئولين يتباكون على انتشار الظلامية أسخر منهم فى أعماقى، لأنهم هم من صنعوا هذه المساحات التى استولى عليها الأصوليون، صنعوها بعدم الاستثمار فى العلم والمستقبل، وبإلغاء المواطن من المعادلة السياسية، لذلك فإن محاربة التطرف لن تكون أمنياً فقط، وإنما بالانتصار لقيم العلم والمعرفة وحرية الإبداع، فالثقافة هى القادرة على تغيير الأوضاع السياسية، لا العكس.
من يطلع على أرقام «الاستهلاك الثقافى» العربى حالياً سيُصاب بالذعر.. فنحن لا نتقدم خطوة إلا و«نتراجع خطوتين».. وترجمة أعمالنا الأدبية مسئولية الجهات الأجنبية
يقال إن المثقف معزول عن مجتمعه، فكيف ترى تأثيره الحقيقى فى المجتمعات العربية؟
- الجهات السياسية همّشت المثقف الذى يحمل دائماً فى إنتاجه الفكرى أسئلة مقلقة لهذه الجهات، لذلك لم نعد نرى تأثيراً مباشراً للمثقفين فى القرار والنقاش العام، وأسمع دائماً جملة «انسحاب المثقفين»، هم لهم دور مرتبط بالمجال الثقافى، وهو دور مستقل عن المجال السياسى تماماً، خصوصاً أن المناخ العام لا يتيح مشاركة المثقف بأكثر من ذلك الدور المحدود.
ومصر كان لها سبق تاريخى فى عدد من الأمور فى الثقافة والسينما والإعلام، والترجمة، لكننى التقيت بعدد كبير من المثقفين المصريين ورأيتهم يشتكون من تراجع هذا السبق، وهذا شىء مؤسف، لأن مصر من الممكن أن تلعب دوراً رائداً فى جر القطار الثقافى بدرجة أسرع، وإلى مسافات أبعد.
كيف نوصّل أصواتنا كعرب وثقافتنا إلى الخارج؟ وماذا عن «الترجمة العكسية» من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى؟
- نقل الأعمال الأدبية إلى اللغات الأخرى يسهم فى التعريف بتحولات الثقافة وتطلعاتها، وهو مفيد جداً لطرد الإكليشيهات المسبقة لدى الآخر عنا، لكن أهم ما فى هذا النقل من ثقافة إلى أخرى هو نقل الأعمال الأساسية من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، فنحن لا يمكن أن نستمر فى نوع من الاكتفاء الذاتى، لذلك أحيى الجهود التى يقوم بها «المركز القومى للترجمة» فى مصر، وهذا المركز يجب أن يكون له نظائر فى كل الدول العربية، شريطة أن تكون هناك استراتيجية وتنسيق حتى لا تتكرر الترجمة بتجارب عشوائية.
وعندما نتحدث عن الترجمة إلى اللغة العربية، فإننا نتناول استراتيجية عملية نحن من نملك ناصيتها ولا نتوقع أن يكون للآخر نفس مطالبنا، فهذا دور الآخر، وإلا سنسقط فى فخ مشروعات الترجمة العشوائية. ومن المفترض أن يكون هذا العمل مسئولية الجهات الأجنبية القادرة على الترجمة والنشر والتوزيع داخل هذه المجتمعات.