المؤسسات الدينية تفند أراء رافضي تهنئة المسيحيين بأعيادهم
صورة أرشيفية
اتخذت المؤسسات الدينية الرسمية موقفا متشددا من المتطرفين الذين يحاولون منع المسلمين من تهنئة المسيحيين بمناسبة عيد الميلاد الجديد، ووجه الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، جميع قيادات الوزارة الدعوية وجميع مديري المديريات الإقليمية بالمبادرة بالتهنئة بأعياد الميلاد لأشقائنا في الوطن من الأخوة المسيحيين كل في نطاق مسئوليته، ودعى الوزير في بيان له، المصريين جميعا أَن يبادروا بتهنئة أشقائهم المصريين المسيحيين بجميع طوائفهم سواء أكانوا جيرانًا لهم أم زملاء في العمل بأعياد الميلاد، فذلك بر وقسط.
وأكد الوزير أن التهنئة تأتي في إطار سماحة الأديان السماوية، وإيماننا بحرية المعتقد، وأنه لا إكراه في الدين ولا على الدين، وإيماننا بالتنوع والاختلاف الذي هو سنة من سنن الله الكونية، وإيماننا بحق المواطنة المتكافئة وأننا جميعا شركاء في هذا الوطن على قدم المساواة، وأن الوطن لنا جميعا وبنا جميعا، وأن قوتنا في وحدتنا، وأن تقدم الوطن مرهون بجهود جميع أبنائه بلا تفرقة ولا تمييز.
وحذرت دار الإفتاء عبر مؤشرها العالمي للفتوى من الوقوع في شراك التنظيمات المتشددة سواء الإخوانية أو السلفية أو تنظيم القاعدة، وداعش واتباع آراءهم المتطرفة في تحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وذكر المؤشر في تحذيره أسماء بعض المتشددين الذين ينبغي عدم الإستماع لهم.
وأكد المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية، في بيان له أنه بحلول الاحتفال بالكريسماس كل عام، تخرج مجموعة من الفتاوى تحرِّم الاحتفال به وبأي مظهر من مظاهره، محدثة بدورها تفككًا في أواصر الترابط بين أبناء الوطن الواحد، مؤكدًا على أن فتاوى الإخوان والسلفيين احتلت المرتبة الأولى في التحريم.
وأوضح أن 80% من فتاوى التيارات والتنظيمات غير الرسمية تحرِّم الاحتفال بالكريسماس، واحتلت فتاوى الإخوان والسلفيين أكثر من 40% منها، في المقابل أجازت فتاوى المؤسسات الدينية الرسمية الاحتفال بالكريسماس وتهنئة المسيحيين بنسبة 95%.
وأشار مؤشر الفتوى العالمي إلى مجموعة من الفتاوى المتطرفة مثل فتوى حسين مطاوع السلفي حيث قال: "إذا كنا نقول ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي وننكر على مَن يحتفل به لمخالفة ذلك سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وفعل صحابته والتابعين من بعده، فكيف بمن يشارك النصارى احتفالهم بميلاد ابن الرب؟!".
وفتوى السلفي المصري سامح عبدالحميد: "يجوز تهنئة المسيحيين بمناسباتهم الدنيوية وليس الدينية، والكريسماس من جملة شعائرهم الدينية، والمشاركة فيه حرام ومنكر عظيم، ويحرُم الاشتراك فيه بأي شكل؛ فلا يجوز تقديم الهدايا، وتبادل التهاني".
كما أفتت "الدعوة السلفية في مدينة صبراتة الليبية": "أن يرتكب المسلم جميع الكبائر مجتمعةً أهون عند الله من أن يُهنِّئ النصراني بعيده"، أما الإخواني وجدي غنيم فقال: "إن المسيحيين كفار لا يجوز تهنئتهم بمناسباتهم الدينية".
وأوضح المؤشر أن الحل لهذه الظاهرة المتكررة يكمن في توسيع دائرة الانضباط الفقهي وضرورة توحيد الأحكام الشرعية، وإنشاء نوافذ إعلامية بصورة أكبر للحديث عن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي يثيرها المتطرفون والخاصة بالجزية والتعامل مع غير المسلمين، وبيان بعض الإشكاليات الفقهية التي تثير اللغط، والمفاهيم الكلاسيكية الخاطئة، مثل المفهوم الصحيح للجهاد، وفكرة التعايش بين المجتمع المسلم وغيره، والفتاوى والأحكام التي يتخذها البعض ذريعة لبعض الأفعال الإرهابية.
وأكد مركز الأزهر العالمى للفتوى، أن تهنئة المسيحيين بأعيادهم "جائزة"، وتندرج تحت باب البر بهم، كما تدخل فى باب لين الكلام وحسن الخطاب، وهذه الأمور أمرنا الله عز وجل بها مع الناس جميعًا دون تفرقة، خاصة مع إخوتنا المسيحيين شركائنا فى الوطن.
وأوضح مركز الأزهر، أن الدليل على جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم من القرآن قوله تعالى فى سورة الممتحنة: "لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ"، وقوله تعالى فى سورة البقرة: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"، كما أن هذه التهنئة تُعد من قبيل العدل معهم والإحسان إليهم، وهو ما أمرنا به المولى عز وجل فى سورة النحل: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ".
وأشار الأزهر للفتوى الإلكترونية، إلى أن جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، يتوافق مع مقاصد الدين الإسلامى ويُبرِز سماحته ووسطيته، وأن هذا الأمر من شأنه تزكية روح الأخوة فى الوطن، والحفاظ على اللحمة الوطنية، ووصل الجار لجاره، ومشاركة الصديق صديقه فيما يسعده من مناسبات.