يقول «طمان».. صاحب أقدم مصبغة فى «باب الشعرية»: الشغل بقى يسد النفس
«طمان» أمام مصبغته فى باب الشعرية
فى أحد شوارع منطقة باب الشعرية، تلمح ورشة قديمة يرجع عمرها لأكثر من 100 عام، حرص صاحبها حمدى طمان، 66 عاماً، على فتح أبوابها، وبقائها على صورتها البدائية واستمرار نشاطها رغم ندرة زبائنها وركود تجارتها، متخذاً منها ملجأً يخبئ به ذكرياته ويحتمى به من غدر الزمان: «مهنة أبويا، ومصدر رزقى الوحيد. ماتعلمتش صنعة غيرها».
طبيعة المهنة تركت آثارها على يدى «طمان» المشققتين من كثرة الاحتكاك مع ثالوث الماء والصبغة والقماش، ما يعتبره مدعاة للفخر: «كل علامة من دول شاهدة على حاجة جديدة اتعلمتها فى المهنة»، وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة قل زبائن المصبغة، للدرجة التى تجعله يغلق أبوابها للقفل وينهى يوم عمله مع دقات الساعة 12 ظهراً: «اللبس الصينى مغرق السوق، وهو السبب فى حال الورشة دلوقتى، بعد ما كنت باصبغ لمصانع».
خطوات عديدة تمر بها قطعة الملابس المراد صبغها داخل ورشة «طمان»: «فى الأول لازم تكون المية سخنة 60 درجة مئوية، ونحط جواها صبغة وملح، وأبدأ أنزل فيها قطع الملابس مرتين تلاتة، وبعدها بنسيبها تنشف. دى طريقة أجدادنا وماغيرتهاش»، العملية التى تستغرق يوماً لتكون جاهزة خلال فصل الصيف، وثلاثة أيام خلال الشتاء: «الشغل دلوقتى يسد النفس، ولما بيجيلى بنطلونين من عيال المدارس بفرح إنى بشتغل».
أكثر ما يشكو منه «طمان» هو غياب الصنايعية عن المصبغة: «مفيش صنايعى عاوز يتعلم ويشتغل، كلهم عاوزين المكسب الكبير والسريع»، ولكى يضمن استمرار اسم «طمان» فى السوق، قرر أن يسمى ابنه بنفس الاسم: «سميته على اسم جدى عشان يفضل الاسم علامة محفورة فى باب الشعرية».