مترجم مبارك السابق: ظاهرة الانتحار مستمرة في الجيش الإسرائيلي.. والقادة يتكتمون الأمر
اعتقد يهود العالم المشتتين قبل أن يصبحوا إسرائيليين، ويتبعوا ادعاءات قادة الحركة الصهيونية، بأن أرض فلسطين ستكون لهم مخلصًا من الحياة في أرض الأغيار – غير اليهود - ولكنهم فوجئوا بأنهم هبطوا على أرض غير أرضهم، وموجودين في مجتمع مختلف تمامًا عن المجتمع الذي وعد به قادة الصهاينة، مجتمع تتفشى فيه المشاكل، وتكثر الصراعات بأنواعها المختلفة سواء عرقية نظرًا لكثرة الانتماءات، أو دينية نظرًا لدرجات التدين المتباينة، أو صراع الأجيال الذي اجتاح إسرائيل أعقاب قيامها، وكان نتيجة ذلك تكوين مجتمع هش ضعيف يعج بالأمراض النفسية لكثرة الصدمات التي تلقوها، وإيمان البعض منهم أنهم أتوا إلى هذه الأرض عن طريق الخطأ، وخوف بعض آخر من التهديد العربي المحيط له، والمقاومة الفلسطينية التي تستهدفهم.
ونشرت وزارة الصحة الإسرائيلية تقريرًا، مؤخرًا، ذكرت فيه أن إسرائيل تشهد سنويًا 500 حالة انتحار بين مواطنيها، معلنة أن وزيرة الصحة قامت بوضح خطة للحد من انتشار الظاهرة وسط الإسرائيليين، وأكد التقرير أن سبب انتشار الانتحار في إسرائيل يرجع إلى المشاكل المجتمعية التي تؤدي إلى التفكك الأسري.
وكشف تقرير أصدرته سلطة محاربة المخدرات والكحول الإسرائيلية، أن انتشار ظاهرة الانتحار سببها تفشي الأمراض النفسية بين الشباب الإسرائيلي، موضحا أن واحدًا من كل طفل إسرائيلي يعاني من اضطرابات نفسية، ما دفع الحكومة لإعداد خطة لشغل ساعات الشباب والأطفال الفارغة، وإطلاع الأهالي على هذه المشاكل وخطورتها للتغلب عليها مسبقًا.
وأفادت إحصائيات نشرها مجلس سلامة الطفل في إسرائيل، بأن هناك أكثر من 10آلاف صبي إسرائيلي يفكرون في الانتحار بشكل جاد، إلا أن محاولات معظمهم تبوء بالفشل، ونصفها تقريبًا ينتهي بالإصابة فقط، مشيرًا إلى أن العالم الغربي يعاني من نفس المشكلة، ولكن تحتل إسرائيل المركز الخامس في هذه الظاهرة.
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، نشرت تقريرًا يفيد بأن هناك 14 جنديًا أقدموا على الانتحار خلال عام 2012، مشيرة إلى أن مركز المعلومات والدراسات الإسرائيلي، أفاد بأن 37% من الذين أقدموا على الانتحار في السنوات الأخيرة من المهاجرين الجدد، ما دفع لجنة الاستيعاب والهجرة بالكنيست الإسرائيلي لمناقشة هذه الظاهرة، وحذر الجنرال أيال برختر، رئيس هيئة الصحة النفسية بالجيش الإسرائيلي من نشر هذه المعطيات؛ خوفًا من كون نشرها يشجع على الانتحار.
وكشفت "هآرتس"، أن قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، يعقد صفقات للتزود بكميات من المنشطات الجنسية التي تصرف كترفيه للجنود في صفوف الجيش، وأرجع المتخصصون أسباب توزيع هذه المنشطات بأن المواطن الإسرائيلي يصاب بأزمة نفسية عند انتقاله من الحياة المدنية إلى الحياة العسكرية، ما ينتج عنه عجز في غرائزه الطبيعية، ما يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب، ومن ثم زيادة حالات الانتحار.
وذكرت الصحيفة أن عضو الكنيست الإسرائيلي دوف حنين، اتهم قيادات جيش الاحتلال بعدم اهتمامهم بظاهرة انتحار الجنود وأنهم يحاولون إخفاء الأمر، حيث علم من مصادر خارجية بانتحار 124 جنديًا من 2007 حتى 2012، وكان منهم 63% من السكان الأصليين و37% من المهاجرين، وأشارت الصحيفة إلى أن 123 منهم في صفوف الجيش، وواحد فقط ينتمي إلى جهاز الشرطة، وأن 2010 سجلت أعلى نسبة منتحرين حيث حدثت 27 حالة، أما الأقل فكان عام 2012 وشهد فقط 14 حالة.
وقال الدكتور منصور عبد الوهاب الخبير في الشؤون الإسرائيلية ومترجم اللغة العبرية للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، إن "جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي يلاقون ضغوط نفسية داخل الجيش بسبب التناقض بين القيم الانسانية، ومعاملاتهم مع العرب، حيث سلوكهم الوحشي الذي يتبعوه مع الفلسطينيين".
وأضاف عبد الوهاب في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، أن "قيادات جيش الاحتلال تحاول التكتم على ظاهرة الانتحار، وما يشبهها من ظاهرات أخرى؛ لأن انتشار مثل هذه الحالات يصيب الجنود بإحباط، ويؤثر بالطبع على روحهم المعنوية في القتال.
وأكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن المشاكل التي تتسبب في حالات الانتحار داخل المجتمع الإسرائيلي، مشاكل متأصلة ولن تتغير، وأشار إلى أن الأوضاع حول الجندي الإسرائيلي مشتعلة في كل مكان وغير مستقرة، ما يتسبب في إصابته بالمشاكل النفسية، مضيفًا أن المشاكل مستمرة في التفاقم من جميع الجهات، وليس هناك تحسن في العلاقات سواء مع الفلسطينيين أو غيرهم، ولذلك يظل الضغط النفسي والعصبي مستمر، ما يجعل حالات الانتحار في زيادة.
وبرر عبد الوهاب زيادة نسبة الانتحار في الجيش الإسرائيلي بين المهاجرين، بأن القادمين إلى إسرائيل يحلمون بأرض بها المن والسلوى، ويتوقعون امتلاك مميزات في حياتهم بسهولة من شقة وسيارة وغيره، ولكنهم يفاجأون بضريبة ثلاثة سنوات من حياتهم تحت ضغط كبير بسبب وضع عدم الاستقرار.