«رواد الأعمال السمر».. آلية جديدة لتحويل تراب أفريقيا إلى كنوز ثمينة
جانب من فعاليات المنتدى العام الماضى
منذ بدايات التاريخ كان تنظيم المشروعات يحكمه دائماً قوى السوق المعروفة بـ«العرض والطلب» ولكن بشكله البسيط، إلى أن حدث التحول الكبير والأول فى ريادة الأعمال فى أعقاب الثورة الزراعية الأولى منذ نحو 12 ألف سنة، حيث ابتكر فيها الإنسان أدوات تخدم احتياجات الزراعة والمزارعين، وذلك فى مقابل الحصول على الطعام لأسرهم، ومن هنا بدأت فكرة ريادة الأعمال تنمو فى بيئة اقتصادية خصبة تتسم بالبساطة.
ومع مرور القرون تغيرت أساليب تنظيم المشروعات بشكل كبير، لكن الأسباب الأساسية لريادة الأعمال بقيت على حالها بكل مكان فى العالم. ظهر رواد الأعمال لمعالجة ضغوطات الطلب من خلال توفير العرض، أبدعوا وابتكروا تقنيات جديدة لحل المشاكل التى لم يحلها أحد من قبل، لتصبح ريادة الأعمال بمثابة شريان الحياة للاقتصاديات فى جميع أنحاء العالم، لذا يتم حالياً تقييم فعالية المشروعات فى الاقتصادات الرائدة، مثل الصين، من خلال مساهماتها فى الاقتصاد، وتشجيعها على الابتكار للتنافس مع المؤسسات الأخرى فى جميع أنحاء العالم.
هانى أبوالفتوح: «أفريقيا 2018» فرصة جيدة للشركات الناشئة.. ودينا شرف: الإصلاحات الاقتصادية أسهمت فى تهيئة بيئة ملائمة لانطلاق ريادة الأعمال فى مصر
وبالنظر إلى القارة السمراء، سنجد أن حجم الموارد البشرية، الذى هو أساس أى عمل إبداعى وريادى، يُقدَّر بـ1.2 مليار نسمة، تمثل نسبة الشباب أقل من 25 سنة منهم ما يقرب من 60%، وهى تُعد الشريحة الأكثر استعداداً للتعلم والتطور مع الثورات التكنولوجية الحديثة المتداخلة مع كل القطاعات، لتولد لنا ما يسمى الثورات الرابعة فى كل من الصناعة والزراعة والتكنولوجيا وغيرها من القطاعات، بالإضافة إلى الثروات الطبيعية الهائلة التى لم تُستغل بعد، فهل ستتمكن القارة الشابة من استغلال هذه الموارد العظيمة والاستحواذ على عرش ريادة وقيادة العالم خلال العقود القليلة المقبلة؟!
فى هذا الصدد أشار هانى أبوالفتوح، نائب رئيس شركة «متروبوليتان مصر»، إلى الموارد الضخمة غير المستغلة التى تمتلكها القارة الأفريقية، مثل المواد الخام والأراضى البكر، قائلاً «إن هذه الموارد تُمثل ثروة هائلة يمكن استغلالها وتطويرها من خلال أفكار مبتكرة فى مختلف المجالات، سواء الصناعية أو الزراعية أو الخدمية، وهنا يبرز دور رواد الأعمال والشركات الرائدة التى تستطيع استغلال هذه الموارد لتقديم منتجات وخدمات جديدة»، متوقعاً حصول أصحاب الشركات الناشئة فى أفريقيا على استفادة كبيرة من التواصل مع كبار المستثمرين الدوليين ورجال الأعمال والمؤسسات المالية، وواضعى السياسات من دول أفريقيا، فى إطار منتدى «أفريقيا 2018» من خلال الحصول على الدعم التقنى الذى تحتاج إليه مثل هذه الشركات.
كما أشارت دينا شريف، مديرة مركز ريادة الأعمال بالجامعة الأمريكية، إلى الدور الذى قامت به الدولة المصرية لدعم رواد الأعمال خلال الفترة الأخيرة، وذلك من خلال حزمة السياسات الإصلاحية التى تتبناها، والتى دفعت السوق المصرية لتكون أرضاً خصبة لنمو المشروعات الريادية، مؤكدة أهمية منتدى «أفريقيا 2018» كفرصة واعدة لرواد الأعمال الأفارقة لعرض نماذجهم أمام العالم والحصول على الدعم الفنى والتمويلى، مضيفة أن ريادة الأعمال تُعد الحل الأمثل للتغلب على العديد من المشكلات الاقتصادية، أبرزها البطالة بين الشباب، كما أنها تمكنهم اقتصادياً.
نقيب المستثمرين: تخصيص يوم «YED» لرواد الأعمال فرصة لتسويق أفكارهم.. و«السقطى»: نقص التدريب والمعلومات أبرز التحديات
وشددت غادة درويش، نائب الرئيس الأسبق لجمعية شباب الأعمال، على أهمية دمج مناهج لتعليم الطلاب مهارات ريادة الأعمال، وتغيير ثقافتهم فى الحصول على وظيفة براتب شهرى ثابت، مؤكدة أن هذه العوامل لم تعد رفاهية وإنما ضرورة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن وضع ريادة الأعمال فى مصر والقارة الأفريقية قد تحسن كثيراً عما سبق، ولكن ينقصهم تأهيل الشباب لعدم الخوف من المخاطرة خلال سعيهم فى بدء مشروعات جديدة.
ويرى علاء السقطى، رئيس جمعية مستثمرى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أنه من الصعب، فى الوقت الراهن، أن يقود رواد الأعمال الأفارقة تحقيق التنمية للقارة خلال الفترة المقبلة، نتيجة فقدانهم بعض التقنيات، وذلك بالإضافة إلى التحديات التى تواجههم مثل ضعف البنية التحتية ونقص البرامج التدريبية التى يحتاجونها، وعدم توافر قاعدة معلوماتية قوية يمكن الاعتماد عليها فى دراسة السوق، بجانب عدم تمكنهم من الاستفادة من التسهيلات التمويلية، مشدداً على ضرورة تحرك أجهزة الدولة بخطوات سريعة فى الاتجاه الذى يخدم رواد الأعمال والمستثمرين.
ومن المقرر أن يضم «منتدى أفريقيا 2018» فى نسخته الثالثة، يوماً خاصاً يطلق عليه «YED» تناقش فعالياته القيود الرئيسية التى يجب معالجتها لتعزيز الابتكار وتهيئة بيئة أكثر ملاءمة لرواد الأعمال، بالإضافة إلى إدراك الإمكانيات الاقتصادية لأصحاب المشاريع والمبدعين الشباب فى القارة لخلق ملايين من الوظائف عالية الجودة وتحفيز النمو الاقتصادى الشامل على مستوى القارة، وذلك بمشاركة رؤساء دول أفريقية، وحضور رواد الأعمال من جميع أنحاء القارة، ووجود كبار المستثمرين والممولين.
شريف الجبلى: اللوجيستيات والتكنولوجيا أبرز القطاعات التى تمتلك فرصاً استثمارية ضخمة لرواد الأعمال الأفارقة
ومن جانبه قال شريف الجبلى، رئيس جمعية شباب الأعمال المصرية، إن تخصيص يوم «YED» لدعم رواد الأعمال الشباب يساهم فى تقليل الفجوة بين هؤلاء المبدعين والمستثمرين والممولين وصنّاع السياسات فى الدول الأفريقية، حيث ييسر من عملية التواصل بينهم، وذلك فى ظل الفرص العديدة الممكن اقتناصها من قبَل رواد الأعمال فى القارة الغنية، والتى تتركز فى العديد من القطاعات، أبرزها اللوجيستيات وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية.
وأوضح «الجبلى» أن القارة ما زالت تحتاج إلى مشاريع عديدة للنهوض بها، الأمر الذى يحتم ضرورة إيجاد حلول جذرية للتحديات التى يواجهها رواد الأعمال، والتى من أبرزها التقلبات السياسية والاقتصادية التى تسيطر على العديد من دول القارة، مشيراً إلى أن هناك دولاً عديدة فى القارة الأفريقية اتخذت خطوات جادة ومميزة فى مجال ريادة الأعمال، أبرزها مصر وجنوب أفريقيا ورواندا وكينيا وإثيوبيا.
وقال محمد جنيدى، نقيب المستثمرين الصناعيين، إن انعقاد منتدى «أفريقيا 2018» فى نسخته الثالثة على أرض مصر ساهم بشكل كبير فى إعادة العلاقات التاريخية التى تجمع مصر مع القارة السمراء، بجانب العديد من الفعاليات الأخرى التى تجمع الأشقاء الأفارقة، ويأتى هذا النجاح بدعم هائل من القيادة السياسية فى مصر.
وتابع أن تخصيص يوم للشباب «YED» ضمن فعاليات المؤتمر، يساهم فى تبادل المعرفة والخبرات والأفكار الريادية من التجارب المختلفة التى يتم تناولها فى مجموعة من الحلقات النقاشية، الأمر الذى ينعكس على رواد الأعمال الشباب بالإيجاب، منوهاً بأن الفرص الاستثمارية لرواد الأعمال فى القارة الأفريقية متاحة دون أدنى شك، ولكنها غير مستغلة، نظراً لوجود الكثير من التحديات التى تتمثل فى التسهيلات الائتمانية وتيسير عمليات التحويلات، خاصة أن الجهاز المصرفى المصرى غير موجود بشكل كبير فى الدول الأفريقية.