"ميركل" رغبت أن تصبح معلمة وعملت نادلة قبل أن تصبح مستشارة لألمانيا
ميركل - أرشيفية
أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عزمها عدم الترشح مجددًا لمنصب المستشارة في 2021، بعد الاخفاقات الأخيرة التي مني بها حزب الاتحاد المسيحى الديمقراطي في الانتخابات الأخيرة، وبعد قراراها بترك زعامة الحزب، فيما يلي لمحات من حياة أول مستشارة لألمانيا.
ولدت "ميركل" في 17 يوليو عام 1954 وكان اسمها حينها أنجيلا دوروثيا كاسنر في مدينة هامبورج، وهي ابنة قس مسيحي لوثري ومدرس انتقل غربًا ليتابع دراساته في علم اللاهوت.
نشأت ميركل في منطقة ريفية بالقرب من برلين، في المدرسة كانت ميركل طالبة متميزة وبالتحديد في اللغة الروسية والرياضيات، بعد الانتهاء من مرحلة المدرسة انتقلت إلى جامعة لايبتزج لتدرس الفيزياء وحصلت على الدكتوراه عام 1978، ثم عملت بعدها كيميائية في المعهد المركزي للكيمياء الفيزيائية في أكاديمية العلوم بين عامي 1978 و1999.
وفي صغرها واجهت انجيلا التي كانت تبلغ من العمر 6 سنوات عندما بني الحائط في عام 1961 مشكلات في الشرق الشيوعي، بسبب طبيعة عمل والدها، أحد الأصدقاء كان يحثها على إخفاء عمل والدها تجنبا للمشكلات "ابلغي الناس انك ابنة سائق".
وكانت والدتها تعمل في تدريس اللغتين الإنجليزية واللاتينية في ألمانيا الغربية ولكنها منعت من العمل بسبب ذلك وبسبب عمل زوجها في الكنيسة.
وكانت "ميركل" ترغب في ان تصبح معلمة ولكنها حرمت من ذلك بسبب والديها، وسمح لانجيلا بدراسة الفيزياء وتركت منزلها فيشمالي برلين وانتقلت الى لايبزيج حيث تغيرت حياتها.
ومارست عملا لبعض الوقت في حانة، وتحكي "ميركل" عن ذلك: "نعم، عملت نادلة في حانة... كنت أحصل على أجر يتراوج بين 20 و30 فينينج عن كل مشروب ابيعه، وهذا منحني دخلا إضافيا تراوح بين 20 و30 ماركا في الأسبوع، وهذا ساهم إلى حد كبير في سداد الإيجار".
لم تنخرط ميركل في الحياة السياسية إلا بعد سقوط حائط برلين في عام 1989 حيث عملت في البداية بمجال المساعدة في ربط أجهزة الحاسوب في مكتب حزب ديمقراطي جديد ثم التحقت فيما بعد بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قبل شهرين من توحيد ألمانيا، وفور سقوط جدار برلين عام 1989 انضمت "ميركل" إلى الحزب المسيحي الديمقراطي، وعينت في حكومة هلموت كول وزيرة للمرأة والشباب، ثم وزيرة للبيئة والسلامة النووية.
وبعد هزيمة هلموت كول في الانتخابات البرلمانية، عينت ميركل أمينة عامة للحزب، ثم زعيمة للحزب عام 2000، ولكنها خسرت المنافسة لتولي منصب المستشار، أمام إدموند ستويبر عام 2002.
في انتخابات عام 2005، فازت ميركل بفارق ضئيل على المستشار، جيرهارت شرويدر، وبعد التحالف بين "المسيحي الديمقراطي" و"الاجتماعي الديمقراطي"، عينت ميركل أول مستشارة في تاريخ ألمانيا، وهي أيضًا أول مواطنة من ألمانيا الشرقية تقود البلاد بعد الوحدة، وأعيد انتخابها لفترة ثانية عام 2009، ثم لفترة ثالثة عام 2013.
كانت "ميركل" منذ توليها منصب المستشارة الألمانية محط أنظار وسائل الإعلام العالمية، بسبب شخصيتها المتميزة ومنصبها الكبير في الساحة الدولية، وأطلقت عليها الصحف والمجلات العديد من الألقاب منها بينها السيدة الحديدية، لمواقفها الصارمة ومنهجها العلمي الجاف مقارنة بالعمل السياسي التقليدي، كما يطلق عليها الألمان لقب "الأم"، لما يجدون فيها ربما من عاطفة وتفاعل مع حاجياتهم الاجتماعية. وصنفتها مجلة فوربس الأمريكية أقوى امرأة في العالم نظرا لبقائها في الحكم مدة طويلة ولنجاحها الاقتصادي الباهر وصمود ألمانيا أمام الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أصابت أغلب دول أوروبا بالركود، وكادت أن تودي بأخرى إلى الإفلاس.
وفاجأت المستشارة الألمانية العالم عندما فتحت حدود بلادها لجميع اللاجئين عندما اشتدت أزمة المهاجرين الهاربين من الحروب والمجاعة نحو أوروبا، ومقتل الآلاف منهم في البحر الأبيض المتوسط.
وواجهت "ميركل" معارضة كبيرة في بلادها بعد دخول أكثر من مليون لاجئ ومهاجر إلى ألمانيا، وتراجعت شعبيتها في الانتخابات، لكنها تمسك بموقفها من اللاجئين، وكان يتوقع أن تفوز بجائزة نوبل للسلام.
ولكن صورة ميركل مختلفة في دول مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا، إذ تصفها وسائل الإعلام هناك بالشدة والتجبر، لأنها فرضت، من خلال الاتحاد الأوروبي، على هذه الدول إجراءات تقشف وصارمة مالية، عانت منها طبقات اجتماعية واسعة.
وتعتبر "ميركل" مثالا في الحفاظ على المال العام، حيث تخصص لنفسها سيارة واحدة بسائقها على مدار الساعة، وتحت إمرتها الآن، وأعضاء الحكومة، طائرة من طراز إيرباص "Airbus A 340" للرحلات الطويلة، وأخرى نوع "Global 5000" للرحلات المتوسطة، وقبل ذلك كانت ميركل تستعمل في رحلاتها الجوية طائرة "Airbus A 310" تجاوز عمرها في الخدمة 20 عامًا.