ارتقى بالفن واستطاع أن يطور الفن ويحول الفنان من مجرد مشخصاتي لا تقبل شهادته في المحاكم إلى صاحب مهنة نبيلة، فأصبح يوسف وهبي عميد المسرح العربي يستحق لقب "فنان الشعب" بجدارة.
كتب يوسف وهبي مذكراته "عشت ألف عام" التي تعتبر الأجرأ في تاريخ الفن، ومع ذلك يقول بعض النقاد أنه أخفى الكثير منها، حيث كتب الناقد إبراهيم العريس، مقالًا في صحيفة "الحياة" قال فيه "أخذ على مذكرات يوسف وهبي كثرة ما في النص من مبالغات وأكاذيب ونفخ في الذات لا يستقيم مع الصورة التي ترسمها كل تواريخ الحركة الفنية والاجتماعية" موضحًا أنه يصعب تصديق أي صفحة من مذكرات وهبي كما هي.
ورغم ذلك اعتبر العريس أجمل ما في مذكرات هو مبالغاته مؤكدًا أن يوسف وهبي خدع الجميع، ولم ينشر مذكراته كاملة، بل شطب أجزاء وفقرات عدة منها، تتضمن مبالغات كثيرة سماها بالأكاذيب الجميلة صاحبها امتلك الجرأة والشجاعة لأن يعترف بأنه "أقام علاقة جنسية كاملة مع صديقة والدته، وهو لم يزل تلميذًا يافعًا في المدرسة"، بحسب رواية إبراهيم العريس.
واعترف وهبى أنه انضم لـ"المافيا" أثناء سفره إلى إيطاليا لدراسة المسرح، وأن ظروفه الصعبة اضطرته للإقامة مع فتاة إيطالية فى شقة دعارة بميلانو، حتى اتهمه البوليس بقتلها، إلى أن أظهرت التحريات براءته، كما اعترف بأنه كان مدمنًا للقمار، وعلى موائده خسر عشرات الآلاف من الجنيهات، وأضاع الثروة التى ورثها عن والده، واضطرته الظروف لأن ينام في عشش الفراخ ويهرب من الدَيانة.
أما الذى شطبه فكان لا يقل جرأة بل يزيد، وذلك فى البروفة الأولى لـ"عشت ألف عام"، وكتبها يوسف وهبي، بقلمه قبل أن ينقحها، ويشطب العديد من فقراتها، تضمنت قوله "لا أنام إلا بحفنة من الحبوب المخدرة وترددت على طبيب نفسي سويسري لعلي أن أهنأ بسبات عميق فذكريات الماضي يحلو لها أن تهاجمني في الليل فأهب من رقادي مهما كنت مرهقًا، وإذا تصادف وانتصر على النعاس فعقلي الباطن لا ينام بل يظل متيقظًا".
وأضاف كثيرًا ما يحدث لي عندما اعتزم كتابة مسرحية وتستعصى على مخيلتى تنظيم أحداثها حيث يتطفل عقلي الباطن المستيقظ ويشاركني في تنظيم وقائعه، واستعين بأي كتاب تقع عليه يداي حتى إذا ما طلع الفجر لا أجد بدًا من تناول حفنة حبوب مخدرة لتصرعني، وهكذا أنجو من الجنون.
لكن ما إن أفيق من سباتي حتى تتراقص أمامي أشباح الماضي وتتدافع آلاف الذكريات فتاريخ حياتي فيه من الأسرار ما يحتم علي عدم نشره.. وحبي لفنى عرضني للعديد من المآزق والتجارب والمغامرات، فكانت نفسي تقول لي "هيا لا تضيع الوقت.. أحزم أمرك وسجل كل ما ودعته ذاكرتك، وضع نصب عينيك أن واجبك إطلاع العالم على تاريخك الطويل.. أجعل منه كتابًا مفتوحًا وتوخ الصدق والأمانة ولا تحاول أن تتهرب من أخطائك وادحض الأكاذيب".
وذات ليلة سمع يوسف وهبي دويًا في أذنه، ثم اهتز سريره، ففتح عينيه فلمح في أشعة القمر المتسربة إلى نافذة غرفة نومه شبحًا، بدا له هذا كصورة طبق الأصل منه فارتجف وهمهم: من أنت؟ فقال أنا حاضرك.. وماذا تريد؟ جئت لأعاتبك على كسلك وإهمالك في تسجيل ماضيك".
ويوضح يوسف وهبي أنا لا أدعي أنني كنت قديسًا أو راهبًا أعيش في محراب أو متصوفًا في صومعة أو معصومًا من الخطأ والشهوات، لكنني كغيري أيام الشباب والفتوة كنت استجيب أحيانًا للإغراء والجمال في شيء من إلا أنني لم أشرب الخمر ولم أتعاط المخدرات ولم ارتكب موبقات سوى حبي السابق للقمار الذي سلبني عشرات الآلاف من الجنيهات.
تعليقات الفيسبوك