تحليل يكتبه أحمد الطاهرى: بين «الأمم».. مصر فى برلمان «العالم»
أحمد الطاهرى
أعمال دبلوماسية شاقة.. ومهام سياسية صعبة.. تليق بساحة دولية متوترة.. تذهب بكل أوراقها إلى مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك التى تستعد لأعمال الدورة رقم 73.. الحدث الدولى الأهم على خريف الأرض من كل عام.. تبدل الأشجار أوراقها ويرتب ساسة العالم ملفاتهم وأولوياتهم بما يحفظ مصالح شعوبهم فى أتون صراع دولى لا يرحم المستهترين.. صراع حفظت الأمم المتحدة انضباطه قدر المستطاع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية رغم كل ما يوجه إليها من اتهامات بالإخفاق هنا أو هناك. وفى هذه الدورة تقف الأمم المتحدة من خلال جهازها الأكبر المتمثل فى «الجمعية العامة» أمام تحديات كبرى ليس فقط للإبقاء على مهمتها الأصيلة المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين ولكن للحفاظ على المنظمة نفسها، وهو المعنى الذى يدركه أنطونيو جوتيريش، السكرتير العام للمنظمة، الvذى اكتسب بعد فترة وجيزة قدراً ليس هيناً من احترام المجتمع الدبلوماسى العالمى بعد فترة صعبة قضتها المنظمة مع بان كى مون، الذى خرج بالمنظمة من حياديتها المطلوبة إلى انحيازات واضحة لمصالح قوى دولية بعينها. رسمياً تسلمت ماريا فرندا جارسيا، وزيرة خارجية الإكوادور، رئاسة الدورة 73 للجمعية العامة، وتم الاتفاق على أن يكون موضوع «جعل الأمم المتحدة وثيقة الصلة والأهمية للجميع: القيادة العالمية والمسئوليات المشتركة لتهيئة مجتمعات يسودها السلام والتكافؤ» محوراً للنقاش العام. وبخلاف بنود مكثفة لدورة الانعقاد الحالية تفرض ملفات الشرق الأوسط الثقيلة نفسها على الأمم المتحدة فى هذه الدورة بشكل لافت، بداية من القضية المركزية وهى القضية الفلسطينية، لا سيما بعد عام من التخمينات والتحركات التى تهدم أدبيات السلام ومرجعيات الأمم المتحدة المستقرة، والوضع المتأزم فى ليبيا وسوريا، ومصير إيران وبرنامجها النووى. وهى قضايا ستعكس المناقشات العامة والاجتماعات رفيعة المستوى داخل أروقة الأمم المتحدة.. بوصلة الضمير العالمى تجاهها وتعيد كشف خريطة المصالح الدولية التى تحكم خلق الدول العظمى فى هذا الفصل من التاريخ.
1
لماذا يحرص «السيسى» على المشاركة فى الجمعية العامة؟
من المنتظر أن يشارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ73 بنيويورك، وسيلقى كلمة فى جلسات المناقشة العامة التى تبدأ فى الخامس والعشرين من سبتمبر الحالى.
ومنذ اليوم الأول لتوليه مسئولية حكم مصر وأمانة مشروع الدولة المصرية الحديثة الذى انطلق مع ثورة يونيو، أدرك الرئيس عبدالفتاح السيسى أهمية المشاركة المصرية فى المحفل الدولى والحضور فى فعالياته على المستوى الرئاسى بما يحفظ مصالح مصر على أرض السياسة الدولية بخطى ثابتة واستراتيجية واضحة.. تسير على محورين هما حرب بلا هوادة مع الإرهاب فكراً وجماعات وتنظيمات ودولاً داعمة له.. وعمل لا ينتهى لتحقيق استقرار لا نملك رفاهية الاستغناء عنه، ومسئولية على مصر تجاه محيطها الجغرافى بإعادة الانضباط لمنظومة أمنه الإقليمى وعمق أفريقى عادت إليه مصر بقوة، ومستقبل متشابك بالمصالح مع الجار الأوروبى.. وانفتاح بلا تبعية مع القوى الكونية المؤثرة.
أدرك الرئيس «السيسى» حتمية إعادة توظيف وضع مصر داخل المنظمة الدولية الأهم بما يليق بتاريخ مصر التى تمتلك أكبر جهاز دبلوماسى فى أفريقيا من ناحية التمثيل والتأثير فى الأمم المتحدة منذ تأسيسها وبصفتها واحدة من أكثر الدول داخل المنظمة مشاركة فى عمليات حفظ السلام، فضلاً عن كونها دولة حظيت بثقة المجتمع الدولى خمس مرات لتكون عضواً غير دائم فى مجلس الأمن، وكان من الطبيعى أن تكون السادسة فى عهد الرئيس «السيسى»، وهو ما جرى فى العام 2016 - 2017.
عملية إعادة توظيف الحضور والزخم المصرى داخل الأمم المتحدة جاءت متسقة مع عملية شاملة لترتيب أوراق السياسة الخارجية المصرية التى حققت نجاحات لافتة على مدار السنوات الخمس الماضية فى كافة دوائر اهتماماتها ومواقع امتداد أمنها القومى وتدشين نقاط حصينة لهذا الامتداد بما يحفظ مرتكزات الاستراتيجية المصرية الداخلية التى تستهدف البناء والتنمية.
الاستراتيجية المصرية التى انعكست بالتدرج وفق معطيات محددة عاماً تلو الآخر بثوابت واضحة فى كلمات الرئيس «السيسى» أمام الدورات السابقة للجمعية العامة وهو ما يؤشر أيضاً إلى أولويات قد تفرض نفسها على كلمة الرئيس «السيسى» المنتظرة أمام الدورة 73 وكانت واضحة فى معالم الأداء المصرى أثناء عضوية مجلس الأمن الدولى وهى أمور سنتطرق لها لكن علينا أن نجتهد بداية فى قراءة سياستنا الخارجية فى عهد الرئيس «السيسى».
أدرك الرئيس حتمية إعادة توظيف وضع القاهرة داخل المنظمة الدولية الأهم بما يليق بتاريخ المحروسة التى تمتلك أكبر جهاز دبلوماسى فى أفريقيا من ناحية التمثيل والتأثير فى الأمم المتحدة منذ تأسيسها
2
ملامح السياسة الخارجية فى عهد «السيسى»
من وجهة نظرى فإن هناك نقاطاً تُشكل خطوطاً واضحةً تعكس الاستراتيجية الخارجية للدولة المصرية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ انتخابه فى يونيو 2014 إلى يومنا هذا، وبالنظر للتحركات المصرية المختلفة وجولات الرئيس «السيسى» الخارجية يُمكن القول إن التخطيط المصرى اعتمد على عناصر بعينها لتحقيق أهداف مُحددة، مضى إليها بخطوات مدروسة، وذلك على النحو الآتى:
1- استعادة الاستقرار الداخلى:
قدَّر «السيسى» منذ اللحظة الأولى أن استعادة استقرار الوضع الداخلى، خصوصاً فى محوره الأمنى، ومواجهة الإرهاب بشجاعة تُشكل أولوية، ليس فقط على النطاق المحلى، ولكن حجر أساس للانطلاق الخارجى.
2- استقلال اقتصادى وقوة عسكرية:
قرَّر الرئيس «السيسى» مواجهة العيوب الهيكلية الاقتصادية المتراكمة بمَنحَى إصلاحى صريح، رغم تبعات مثل هذه القرارات على شعبيته، خصوصاً أن لمصر تجربةً سابقةً فى سبعينات القرن الماضى، انتهت بإلغاء هذه القرارات، خشية الغضب الشعبى، ولكن «السيسى» كان من الذكاء فى تقدير اللحظة والظرف الزَّمنى المناسب لمثل هذه الإجراءات، والتى انعكست على الصعيد الخارجى فى محورين؛ تمثل الأول فى إعطاء الثقة الدولية للمشهد الاقتصادى المصرى الجديد، على الرغم من الحالة البائسة التى كان عليها الاقتصاد المصرى عام 2014.. أمَّا المحور الآخر فكان إشارة صريحة إلى أن القرار الدبلوماسى المصرى يمضى باتجاه الاستقلالية الصريحة.. وأثبتت نتائج انتخابات 2018 ونزول 25 مليون مصرى إلى صناديق الاقتراع أن الشعبية قد تتأثر ولكن هناك جداراً من المصداقية تم تشييده بين الرئيس والشعب، وبين الدولة والمواطن.
وبالتوازى مع ذلك، شهدت القوات المسلحة المصرية حركة تحديث شاملة تُعد الأكبر منذ عقود من زوايا متعددة سواء فى القدرات التسليحية أو التدريب، وهو ما جعلها ضمن القوى العشر الكبرى على مستوى العالم، وصمام الأمان والاستقرار الإقليمى.
3- استعادة منظومة الأمن الإقليمى العربى:
انطلقت مصر من المواجهة الداخلية مع الإرهاب إلى تحركات إقليمية واسعة، استهدفت إيقاف حالة السيولة التى ضربت منظومة الأمن الإقليمى العربى بعد عام 2011، ونجح المخطط السياسى المصرى فى التأكيد على فرضيات محددة، وهى أن أمن الخليج العربى جزءٌ لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، وأن القضية الفلسطينية تظل القضية المركزية للعالم العربى، بغض النظر عن أفعال صغائر الجماعات والفصائل الفلسطينية.
فرضت مصر أولويات مُحددة على العمل العربى المشترك، وكان جزء منه إعادة الدور لجامعة الدول العربية، باعتبارها المنظمة الإقليمية الأهم، وجعلت مصر محور مواجهة الإرهاب والتصدى لمواجهة إسقاط الدول العربية فلسفةً حاكمة لتحركاتها فى السنوات الثلاث الماضية، ويظل الدور والموقف المصرى تجاه الوضع المتفجر فى سوريا المثال الأفضل فى هذا الأمر رغم ما فرضه هذا الموقف من تكلفة وقتية مع عدد من الدول العربية، التى كانت تتبنى رؤيةً مختلفةً، حيث كان الموقف المصرى الصريح أن الإرهاب لن يكون جزءاً من مستقبل سوريا، وأن مصر تدعم كل المحاولات التى تحافظ على وحدة التراب والشعب السورى.. ومع احتفاظ مصر باستقلال قرارها الدبلوماسى رسَّخت مبدأ ظهر بوضوح فى القمة العربية الأخيرة، وهو تقبُّل اختلاف الرؤى فى النطاق العربى مع استمرار الدفع نحو الهدف الاستراتيجى الأهم وهو إعادة الانضباط لمنظومة الأمن الإقليمى.
4- إعادة مصر لواقعها الأفريقى:
انغمست مصر أفريقياً بوضوح خلال عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى نجح وإدارته فى فرض الحضور المصرى المُباشر على الصعيد الأفريقى، سواء من خلال القمم الأفريقية أو عن طريق العلاقات الثنائية المباشرة، وكسرت مصر محاولات الحصار التى سعى بعض أقطاب القارة فرضها عليها استغلالاً للظرف الداخلى بعد ثورة يونيو.
وأحدثت ما يُمكن وصفه بفض الاشتباك بين ملفات مختلفة.. جعلت من ملف مياه النيل ملفاً ثنائياً بين مصر ودول حوض النيل رغم ما يواجهه من تحدِّيات، لكن مصر ما زالت تحتفظ بأوراقها كافةً، ومرَّرت استراتيجيتها فى مجلس السلم والأمن الأفريقى فيما يخص التصدى لجماعات التطرف والإرهاب، وقامت بإحياء تجمع الساحل والصحراء عندما استضافت وزراء دفاع هذا التجمع فى قمة بالغة الأهمية بمدينة شرم الشيخ قبل ثلاثة أعوام.
وعملت مصر على المحور الاقتصادى التنموى من خلال إعطاء الزخم السياسى والدبلوماسى للتجمعات الاقتصادية الأفريقية الكبرى، التى عقدت قمتها الأولى فى مدينة شرم الشيخ العام قبل الماضى، فضلاً عن استمرار دور الدبلوماسية الناعمة من خلال الوكالة المصرية للتنمية، التى تقوم بتدريب عشرات الكوادر من مختلف الدول الأفريقية فى مجالات مُختلفة، مع التَّوسع فى بعثات الأزهر الشريف، لا سيما فى دول الحزام الإسلامى
5- التوازن فى العلاقات مع القوى الدولية:
اعتمدت مصر الانفتاح المباشر على كل القوى المؤثرة فى الساحة العالمية، وكانت الأولوية لمن قام بتأييد ثورة يونيو، واحترم إرادة الشعب المصرى، وأعطت فرصة فهم الأمر الواقع الجديد فى مصر لمُختلف الدوائر الغربية، وفى الوقت نفسه كانت تمضى بلغة براجماتية بحتة فى إعادة صياغة توازناتها الدولية، بما يخدم قضيتى التنمية فى مصر ومكافحة الإرهاب.
اعتمدت مصر على مبادئ النِّدية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية كمبادئ أساسية فى تفاعلها مع القوى الدولية، وبرهنت على ذلك فى أزمات مختلفة سواء مع الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين، وكذلك بعض الدول ذات التأثير فى الاتحاد الأوروبى، ولكنها نجحت فى الوقوف على مساحة رفض صلبة تحمى مواقفها دون أن تؤثر على علاقات استراتيجية غير مسبوقة مع مختلف القوى.
3
كيف كان الأداء المصرى فى مجلس الأمن؟
فازت مصر بعضوية غير دائمة فى مجلس الأمن الدولى للمرة السادسة خلال العامين 2016 - 2017، كما أنها ترأست لجنة «مكافحة الإرهاب» بمجلس الأمن بإجماع آراء الدول الأعضاء، وذلك اعتباراً من بدء عضوية مصر فى المجلس فى شهر يناير 2016. (تعتبر هذه من أهم لجان الأمم المتحدة، وتم إنشاؤها عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 لوضع سياسات مكافحة الإرهاب على المستوى الدولى والإشراف على تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتضم فى عضويتها كافة الدول الأعضاء فى مجلس الأمن البالغ عددها 15 دولة).
- تولت مصر رئاسة المجلس مرتين؛ الأولى كانت فى شهر مايو عام 2016، والثانية فى شهر أغسطس عام 2017، إضافة إلى قيامها بطرح العديد من المبادرات أمام المجلس تصب فى خدمة مصالح وقضايا السلم والأمن الدوليين.
- ترأس وزير الخارجية سامح شكرى، خلال الفترة من 9 إلى 11 من الشهر ذاته، جلسة وزارية مفتوحة لجميع أعضاء الأمم المتحدة فى مجلس الأمن حول مكافحة الفكر المتطرف كأساس لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب.
- طرحت مصر مبادرة لعقد اجتماع مشترك بين مجلس الأمن والجامعة العربية، وهو ما تم بالفعل بعقد اللقاء الأول بالقاهرة فى مايو 2016.
- طرحت مصر مبادرة ومشروع قرار حول منع حصول الإرهابيين على الأسلحة، وذلك خلال فترة ترؤسها للمجلس فى شهر أغسطس 2017، وهى المرة الأولى التى يتعامل فيها المجلس مع هذه القضية، وعكست هذه المبادرة من جانب مصر توجيه رسالة للمجتمع الدولى بضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن، خاصة القرار رقم (2253) الصادر عام 2015، الذى يتناول جهود منع الإرهابيين من الحصول على السلاح.
- فى أغسطس 2017 قدمت مصر مبادرة غير مسبوقة إلى مجلس الأمن، دعته فيها إلى تحمل مسئولياته الجماعية لتحويل المواقف المعلنة من قبَل أعضائه إلى أفعال «تثبت صدق وجدية النوايا» فى تحسين فاعلية نظام العقوبات الدولية، ما دعا مجلس الأمن لعقد جلسة إحاطة عن تحسين فاعلية نظام العقوبات الدولية.
- فى 21 يوليو 2017، اتهمت مصر دولة قطر لانتهاجها سياسة «داعمة للإرهاب» تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولى فيما يخص مكافحة الإرهاب، ووصفت استمرار «عدم محاسبة مجلس الأمن الدولى لقطر» بـ«الوضع المشين»، وكان ذلك خلال جلسة اعتماد قرار للولايات المتحدة بتجديد منظومة لجنة عقوبات «داعش» و«القاعدة».
- فى 8 يونيو 2017، أكدت وزارة الخارجية فى بيانها للأمم المتحدة بخصوص تنظيم «داعش» الإرهابى، قيام دولة قطر بسداد نحو مليار دولار لتنظيم إرهابى يعمل فى العراق تحت بند «الفدية».
وأشارت مصر إلى مخالفة قطر لقرارات مجلس الأمن التى تلزم جميع الدول الأعضاء بمنع الإرهابيين من الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من الأموال التى يتحصلون عليها من جراء الفدية، أو من أى تنازلات سياسية، وأشارت إلى أن هذا الانتهاك لقرارات مجلس الأمن -إن ثبتت صحته- له انعكاساته على جهود مكافحة الإرهاب، إذ يعد دعماً مباشراً للإرهاب.
- فى يوليو 2017 نظمت البعثة المصرية فى نيويورك اجتماعاً غير رسمى لمجلس الأمن للاستماع إلى تجارب ثلاث دول أفريقية عن دور العقوبات فى تسوية النزاعات وإعادة الاستقرار، كما استضافت القاهرة فى الشهر ذاته، بالتعاون بين وزارة الخارجية ومركز «القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، مائدة مستديرة عن نظم العقوبات، بمشاركة ممثلين عن الأمين العام للأمم المتحدة وحضور أعضاء اللجنة الوطنية المصرية التنسيقية المعنية بتنفيذ العقوبات الأممية.
- اعتمد مجلس الأمن خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام «القمة العربية - الإسلامية الأمريكية» بالرياض فى مايو 2017 كوثيقة رسمية من وثائق المجلس، وهو الخطاب الذى تضمن الرؤية المصرية لصياغة استراتيجية شاملة لمواجهة خطر الإرهاب.
- ثمن مسئول الإنتربول فى الأمم المتحدة فى أغسطس 2017 المبادرة المصرية لمنع وصول الأسلحة للإرهابيين، بقوله إن «المبادرة المصرية يجب أن يتم أخذها بعين الاعتبار لأهميتها القصوى».
4
مبادرات تبنتها القاهرة لاستقرار المنطقة
ليبيا
ترأست مصر فى 28 يونيو 2017 اجتماعاً بمجلس الأمن حول «تحديات مكافحة الإرهاب فى ليبيا»، شارك فيه جميع الدول أعضاء الأمم المتحدة بمقر المنظمة الدولية فى نيويورك، وهو الاجتماع الذى عُقد بمبادرة مصرية.
طالبت مصر بتكثيف جهود بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا «UNSMIL» لمراقبة وتنفيذ الاتفاق السياسى، علاوة على ضرورة قيام مجلس الأمن ولجانه ذات الصلة بتوثيق الانتهاكات المتكررة، من جانب بعض الدول وبصفة خاصة قطر، للعقوبات المفروضة على ليبيا وبشكل أخص عن طريق تسليح وتمويل تلك الدول للجماعات والتنظيمات الإرهابية فى ليبيا.
سوريا
خلال جلسة مجلس الأمن لمناقشة المشروع الأمريكى حول الهجوم الكيماوى فى سوريا، التى عقدت فى 12 أبريل 2017، أكدت مصر سعيها داخل المجلس وخارجه لحل الأزمة السورية، ودعت أمريكا وروسيا إلى التفاهم حول الأزمة، خاصة أن الحرب فى سوريا أسهمت فى خلق ملاذ آمن لعشرات الآلاف من المرتزقة والإرهابيين فى سوريا، الذين يهدد وجودهم المنطقة والعالم بأسره.
فلسطين
طالبت مصر فى 27 يناير 2016 مجلس الأمن بتحمل مسئوليته تجاه حماية الشعب الفلسطينى، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى، ورأت أنه من غير المقبول أن تظل القضية الفلسطينية هى البند الوحيد الذى استمر على جدول أعمال المجلس نحو 70 سنة منذ انعقاده الأول عام 1946، دون إيجاد حل عادل للقضية وإنهاء الاحتلال ووضع حد لمُعاناة الشعب الفلسطينى.
أوضحت مصر، على لسان مندوبها بالأمم المتحدة، أن ترك القضية الفلسطينية عالقة دون السعى إلى حل حقيقى على أساس حل الدولتين، يمثل قنبلة موقوتة ستنفجر حتمياً، وستخرج الأمور عن السيطرة فى الشرق الأوسط، كما أكدت مصر عملها بجد مع الحكومتين الفلسطينية والإسرائيلية لعودة المفاوضات بين الجانبين والتوصل لحل شامل، وفقاً لحل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام.
فى 24 ديسمبر 2016، طالب مجلس الأمن الدولى فى قراره رقم (2334) إسرائيل بوقف الاستيطان فى الضفة والقدس الشرقية المحتلتين، وهو القرار الذى تبناه المجلس بتأييد 14 عضواً فى المجلس من أصل 15 وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت عليه.
فى ديسمبر 2017، قدمت مصر مشروعاً يشدد على اعتبار أى قرارات تخص وضع القدس ليس لها أى أثر قانونى ويجب سحبها، فى رد على اعتراف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالمدينة عاصمة لإسرائيل، وأيدت 14 دولة المشروع إلا أن الولايات المتحدة استخدمت حق «الفيتو» فى التصويت، ووصفت مندوبة واشنطن فى الأمم المتحدة، نيكى هايلى، هذا التصويت بأنه «إهانة لن تنسى».
ميانمار
دعت مصر إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة تطورات أزمة مسلمى الروهينجا فى ميانمار، وذلك فى ظل تدهور الأوضاع الميدانية أمنياً وإنسانياً منذ 25 أغسطس 2017.
وأبرزت مصر، خلال لقاء مجلس الأمن مع أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، ضرورة انعقاد المجلس بشكل عاجل من أجل العمل على وقف نزيف الدماء والحد من أعمال العنف والتهجير الجارية فى ولاية راخين، وإيجاد حل عادل يشمل منح المنتمين لأقلية الروهينجا حقوقهم المشروعة، ويضمن أمنهم وسلامتهم وعودتهم إلى ديارهم، وتسهيل نفاذ ووصول المساعدات الإنسانية لهم.
كوريا الشمالية
فى 4 سبتمبر 2017، عُقدت جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث ردود الفعل حول التجربة النووية لكوريا الشمالية، وطالبت مصر بالوقف الفورى لكافة الانتهاكات والإجراءات المخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولى، ودعت بيونج يانج لعدم القيام بأى أعمال تصعيدية تؤدى إلى المزيد من التوتر وعدم الاستقرار بما يهدد الأمن والسلم على المستويين الإقليمى والدولى، وأكدت إدانتها الشديدة لانتهاكات كوريا الشمالية لقرارات مجلس الأمن المتكررة.
5
ماذا تحمل كلمة «السيسى» هذا العام؟
ما سبق من عرض يؤكد أن شخصية مصر الدولية لها فكر ورأى ويمضى باتجاهات محددة وأولويات ظاهرة لتحقيق أهداف بعينها.. وهذا الزخم الدبلوماسى والاستراتيجى المصرى ينعكس كل عام فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
فى سبتمبر 2014 ركزت كلمة الرئيس «السيسى» على ميلاد مصر الجديدة التى أطاحت بظلام الإرهاب وقرر شعبها استعادة هويته بثورة 30 يونيو.. شرح الرئيس الملامح العامة لمستقبل مصر وكان حديثه باسم الشعب وكان هتافه تحيا مصر مع شرح ثوابت السياسة الخارجية المصرية.
فى سبتمبر 2015 ذهب الرئيس «السيسى» إلى الأمم المتحدة وهو يتباهى بشعب مصر الذى قدم هدية سلام ورخاء وتنمية للعالم متمثلة فى إنجاز مشروع قناة السويس الجديدة فى عام واحد وبناء عليه أطلق مبادرة الأمل والعمل وكانت تستهدف الشباب العالمى بشكل مباشر، وهو الأمر الذى ترجمته مصر لاحقاً بتجربة فريدة من نوعها تمثلت فى مؤتمر شباب العالم الذى ينعقد سنوياً فى شرم الشيخ وظهر الحضور المصرى المؤثر فى المحيط الجغرافى لدوائر أمنها القومى، لا سيما فيما يخص ليبيا وفلسطين وسوريا والعراق.
فى سبتمبر 2016 نجح الرئيس «السيسى» فى إعادة مصر إلى مجلس الأمن بعضوية غير دائمة واستجابة الدول الأعضاء لمطلبه بانتخاب مصر وظهرت الشخصية المصرية الدولية المبادرة فى مختلف القضايا الدولية، وبالأخص ما يمثل أولوية لقارتها الأفريقية وعالمها العربى.
فى سبتمبر 2017 وعلى الرغم من كون القضية الفلسطينية ركيزة أساسية فى الخطاب الرئاسى المصرى أمام الأمم المتحدة إلا أن خطاب الرئيس أمام الدورة 72 شهد نداءً مخلصاً بالسلام عندما خرج الرئيس عن النص المكتوب ووجه حديثه إلى الأشقاء فى فلسطين والجانب الإسرائيلى والقيادة الأمريكية بضرورة إنجاز السلام واستغلال الفرصة التى قد لا تكون متاحة فى المستقبل وكانت لمصر مواقف حاسمة فى قضايا المنطقة فى ليبيا وسوريا واليمن، وأعلن الرئيس «السيسى» أن الإرهاب لن يكون جزءاً من مستقبل العرب.
سبتمبر 2018.. من المؤكد أن صلابة الأرض المصرية ومحورية دورها فى محيطها الإقليمى وامتداد مصالحها مع مختلف القوى العالمية ستنعكس على خطاب الرئيس المنتظر أمام الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ونتوقع أن تطغى شخصية مصر الأفريقية فى ضوء رئاسة مصر المنتظرة للاتحاد الأفريقى فى يناير المقبل وهو أمر بالغ الأهمية وسبق وتحدث عنه الرئيس «السيسى» مرتين؛ الأولى أثناء حضوره نموذج محاكاة الشباب للاتحاد الأفريقى، والثانية أمام منتدى الصين أفريقيا، وكذلك ستكون لمصر رؤيتها المبنية على تفاعل حقيقى مع مختلف الملفات الإقليمية وفى صدارتها القضية الفلسطينية والمشهد فى سوريا وتطورات الوضع فى ليبيا.