برادلى: اتحاد الكرة فاشل.. ومجلس علام وضع لى السم فى الماء
ملامح وجهه «الجامدة» ونظراته الحادة لا تعكس ما يشعر به الرجل، الذى بلغ منتصف العقد السادس، ملامحه لا توضح ما إذا كان غاضباً أو سعيداً، راضياً أو محبطاً، شخصيته الصارمة وحبه للانضباط دفعاه لكى يكون أول شخص يتقيد بهما طوال فترة قيادته للمنتخب الوطنى والتى استمرت لما يقرب من 26 شهراً، بوب برادلى نموذج للرجل المحترف الذى يتعامل مع كافة الظروف، إلا أن الحظ تخلى عنه فى المرحلة الفاصلة، ليتلقى هزيمة موجعة دفعت الكل للتبرؤ منه، وتحميله مسئولية الهزيمة القاسية أمام غانا والتى شيعت أمل التأهل للمونديال إلى مثواه الأخير.[FirstQuote]
برادلى الذى جلس على الكرسى الساخن، لا يمتلك المهارات اللازمة للبقاء والاستمرار مع الكرة المصرية، ظل صامتاً قليل الكلام، وسط إلغاء معسكرات وتأجيل مباريات وتوقف مسابقات، طارد حلماً، سرعان ما تبخر، ليعرف وقتها فقط أن صفات المحترف الحقيقى لا تتماشى مع «سيرك» الكرة المصرية، قرر أن يفتح الصندوق الأسود للجبلاية فى حوار خاص لـ«الوطن»، أزاح خلاله الستار عن خبايا عامين قضاهما فى مرمى النيران، وجاء الحوار.
* بشكل عام ما تقييمك لمهمتك مع المنتخب المصرى؟
- منذ حضرت إلى القاهرة للوهلة الأولى، وأنا أعلم أن مهمتى الأساسية هى التأهل بالفريق لكأس العالم، وبالتالى الفشل فى تحقيق هذا الهدف يعنى فشلى فى مهمتى، لكن ذلك لا يعنى أن كل شىء كان سلبيا فهناك إيجابيات كثيرة منها طريقة اللعب.
* كانت لديك مهمة أخرى تتعلق بالإحلال والتجديد فهل نجحت فى ذلك؟
- أعتقد ذلك، فقدنا بذلنا جهدا كبيرا فى إعادة بناء الفريق، وبشكل متوازن لا يؤثر على قوامه، وتحقيق هدف الصعود إلى كأس العالم، فتم استدعاء عدد كبير من اللاعبين، ودفعنا ببعضهم وفقا لظروف اللقاءات، وساعدناهم أن يتقدموا مع أنديتهم، لكن للأسف لا أحد فى مصر تحدث عن ذلك، بعكس أشخاص كثيرين أعرفهم فى أوروبا أشادوا بالتقدم الذى حققه الفريق فى الضغط بدون كرة والتنظيم وتقديم كرة جيدة.
* ولكن الإحلال والتجديد لم يطبق سوى على «أحمد حسن» تحديدا؟
- أحمد لاعب جيد، وصاحب أخلاق حميدة، لكنه لم يكن يقبل أن يمارس دوره كقائد للفريق من خارج الخطوط، ورأيته يتحدث كثيرا عن أنه يرفض هذا الدور، ولن يقبل أن يكون هذا كل دوره، ولهذا كان هو من اختار الابتعاد.[SecondImage]
* البعض يرى أيضاً أن صلاح والننى هما فقط من دخلا فعليا على تشكيلة الفريق؟
- هذا غير دقيق، وللأسف البعض «يرغى» دون داع، ففى أوقات معينة دفعنا بالشناوى، ولولا الإصابات لكان أحمد حجازى ورامى ربيعة لهما دور كبير، وبذلنا مع عمر جابر جهدا كبيراً وكذلك عمرو السوليه ومحمد إبراهيم وكهربا وصالح جمعة وأحمد رفعت وأحمد سمير، وكلها أسماء كان لها دور مع الفريق، رغم أننا كنا محكومين بنتائج مباريات، والدفع أحيانا بلاعبين أكثر جاهزية خصوصا من الأهلى والزمالك بحكم مشاركتهما فى مباريات رسمية.
* اتساع دائرة اختيار اللاعبين يراه البعض أمرا سلبياً؟
- فيه ناس كثيرة فى مصر فاضية، وتبحث عن أى شىء للرغى، وعندما تعمل خارج الأجندة الدولية وفى ظروف مشاركة الأهلى والزمالك فى بطولة أفريقيا تكون أمام أمرين، أما أن تجلس فى البيت أو أن تحضر مجموعة من اللاعبين الصغار بجوار المجموعة الأساسية لنزيد الروح القتالية، وإزالة الخوف وأى حد يشوف غير كده يبقى لا يفهم فى كرة القدم، ولم أشعر بالخوف طوال رحلتى مع المنتخب، وطلبت ألعب مع فرق كبرى مهما كانت العواقب.
* هل تعاون معك اتحاد الكرة خلال المهمة؟
- عملنا بدون اتحاد للكرة، وللأسف بعد حادث بورسعيد كان فيه بالاتحاد كراسى موسيقية، والبعض تخيل أن لديه السلطة ودارت بينهم بشكل عشوائى، ولذا رفضت أن يكون ذلك عائقا، وقلت للاعبين لا تنظروا لأى شخص خارج المنظومة، ولا تنتظروا دعمه.
* ما الفارق بين هذا الاتحاد وفترة سمير زاهر؟
- مع سمير زاهر الوقت كان ضيقا، ولكنى أقدر له أنه كان سببا فى قدومى، وهو رجل لديه شخصية ومرح واستمتعت بالعمل معه وسأذكره بالخير دائما.
* هل تشعر بالندم على تجربتك فى مصر؟
- لا لم أندم، والأمر كان يستحق، ولو عاد بى الزمن لاتخذت نفس القرار، لسببين الأول أن أعمل مع نفس المجموعة الاستثنائية من اللاعبين لأنهم جنبوا كل شىء، والسبب الثانى أن الناس فى مصر منذ لحظة وصولى وهم يشعروننى وزوجتى أنى فى بلدى، ولذا كنت مع المنتخب بقلبى، ووضعت كل جهدى فى تحقيق الهدف لأن الناس تقدر ذلك، بعكس مسئولى الاتحاد الذين لم أر من أى منهم أى احترام للعمل الاستثنائى، وللأسف كل أعضاء الاتحاد يفتقدون الذكاء والشجاعة.[SecondQuote]
* بصراحة ألم يحزنك ذلك؟
- جزء من خبرتى كمدرب أن أقيّم الناس والمواقف، وهذا ما أستخدمه يوميا، والأزمة فى الاتحاد أن الجميع يظهر لى أنه يساند الفريق، لكنه على العكس يعمل ضدنا ويسمم -كما يقول المثل الإنجليزى- المياه التى نشربها لقد وضعوا لى بالفعل السم فى الماء طوال الفترة التى وجدت بها مع المنتخب.
* ماذا يحتاج اتحاد الكرة؟
- يحتاج قيادة، فرئيسه ضعيف، وهذا ليس عذرا للآخرين، وكل شخص داخل الاتحاد له دماغ مختلفة، وأفكار مختلفة، وتنقصهم الاحترافية، فمثلا فى اجتماع مهم يناقش أمورا حيوية بعد 10 دقائق تجد كل شخص فيهم يحمل تليفونه ليتحدث إلى الإعلام، على هؤلاء أن يتعاملوا باحترافية، وإلا سيكونون خارج الاتحاد.
* هل لاحظت انخفاض الدعم الجماهيرى لك بعد الهزيمة من غانا فى كوماسى؟
- فى الأغلب لم يحدث، وإن كان البعض قد انزعج للهزيمة الثقيلة، لكنى أعلنت مسئوليتى عنها، وهو ما اعتبره الكثيرون شجاعة منى، ولكنى مؤمن بذلك وقلت للاعبين فى اجتماع عقب المباراة، البقاء فى منصبى ليس اختيارى، لكن لو أنا مكمل المشوار سأقف معكم للنهاية بل أتشرف بالعمل معكم لأنكم تعاملتم مع صعوبات كثيرة و«مش 90 دقيقة هى اللى هتغير مشاعرى نحوكم»، وعموما أنا فخور بالعمل مع منتخب مصر، وأعتذر للشعب المصرى كله على عدم التأهل.
* هل أنت على قناعة بأنك الأحق باستكمال المشوار مع المنتخب المصرى؟
- أنا على قناعة بأنى جئت لمصر للتأهل إلى كأس العالم ولذا لا يزعجنى أن أرحل، وهناك فى مصر مدربون على مستوى عالٍ أتمنى أن أكون قدمت لهم ما يساعدهم على العمل لتطوير الكرة المصرية فى المستقبل، لكنى لا أثق فى اتحاد الكرة، وتوقعت منهم أى شىء حتى ما حدث بعد إنهاء التعاقد معى، والتلاعب فى النواحى المادية الخاصة بى.
* كتبت فى تقريرك بعد لقاء كوماسى أن المباراة كانت كبيرة على بعض اللاعبين، فما حقيقة ذلك؟
- ما قلته هو أن الضغط الخاص بالمباراة وتجمع كل الظروف ضدنا أثرت على اللاعبين، وهو ما كان مفاجأة سلبية بالنسبة لى والمشكلة الأكبر أننا ارتكبنا أخطاء مبكرة، لدرجة أن المنافس كانت له هجمة وفرصة للتسجيل بعد 11 ثانية، وهذا حال الكرة ولا يتكرر كثيراً أن تتجمع كل الظروف ضدك ويكون كل اللاعبين فى غير حالتهم.
* لماذا لم تلجأ للدفاع فى الشوط الثانى للحفاظ على فارق الأهداف؟
- أولا كنا نطمح للخروج بنتيجة 2 / 1 فى الشوط الأول لكن «فاول» وهمى ضد محمد نجيب وسوء تمركز دفاعى تسبب فى الهدف الثالث، وبالفعل حاولت مع بداية الشوط الثانى لكن الهدف الرابع جاء بطريقة دراماتيكية بعد خطأ من المحمدى، فكان نقطة فاصلة فى المباراة، ورغم ذلك ولولا الإصابات لتحسن الوضع.[ThirdQuote]
* ما حقيقة هروب إكرامى وأنك اعترضت على مشاركته فى لقاء العودة؟
- بالنسبة لى، شريف هو الحارس الأول بحكم ما قدمه مع الأهلى والمنتخب فى السنة الأخيرة، وتعرض بالفعل لكدمة قوية ربما كانت تستدعى خروجه، وتحدثت معه عقب المباراة وعلى انفراد، وقلت له «كان لازم تكون أقوى من كده»، فنحن نعمل منذ عامين من أجل هذه المباراة وكنت أتمنى لو استكمل شريف اللقاء رغم أن ذلك لا يقلل من الشناوى.
* كيف ترى اعتزال أبوتريكة؟
- بخبرتى، من أفضل الحاجات فى مصر التى تعاملت معها هو هذا اللاعب، ورغم أن الكثيرين نقلوا لى فى بداية قدومى أنه فى نهاية مشواره مع الكرة، لكنى وجدته غير ذلك، لدرجة أننى اعتبرته شريكى فى حلم كأس العالم، وأخويا فى الدم، أبوتريكة لاعب لديه شخصية ولذا أثق أنه سيتخذ قرار اعتزاله فى الوقت المناسب حتى لو كان الآن.
* بم تنصح صلاح فيما يتعلق بانتقاله من «بازل»؟
- صلاح حاجة جميلة، وأنا فخور به لأنه لاعب وإنسان يتطور ويتقدم بصورة مذهلة، صلاح موهبة جيدة أتوقع أن أراه فى أكبر الأندية، وعليه أن يختار الآن فريقا جيدا لديه استقرار وثقافة الفوز، ويقوده مدرب يشعر أنه مقتنع بإمكانياته، لأن جزءا كبيرا من نجاح صلاح يرجع إلى توافق شخصيته مع بازل وإلى مدربه موارتى.
* ما حقيقة موقفك من الحضرى؟
- بعد مباراتى موزمبيق وأفريقيا الوسطى جلست مع الحضرى، وقلت له أنت رقم 1 لكنك لم تشعرنى بذلك، وأداؤك غير كاف للوصول إلى كأس العالم، وفى الفترة من يونيو 2012 وحتى موعد أول مباراة مع زيمبابوى فى مارس 2013 سأبحث عن حارس ينافسك، وكان الحضرى يظهر لى شيئا إيجابيا وأنه مفيد للفريق، لكنى فوجئت عند عدم اختياره أساسيا أنه يتعامل بطريقة سلبية، ولهذا شكرته، رغم أننى كنت أتمنى أن يكون أفضل من ذلك، وكان نفسى يكون أفضل من كده، ويفهم معنى كلامى، ويساعد الفريق بصورة أفضل.
* كيف ترى أحمد حسن فى منصب مدير المنتخب؟
- أتوقع أن ينجح، فهو شخص عنيد ولديه ثقافة احترافية تؤهله لذلك وإلا ما كان وصل للقب عميد لاعبى العالم، وأنا شخصيا أتمنى له التوفيق.
* كيف ترى مهمة شوقى غريب فى خلافتك للمنتخب؟
- شوقى عنده خبرة مع المنتخبات وحقق معها نجاحات حسب علمى حتى على مستوى الناشئين، ولكنه لم يكن بنفس القدر مع الأندية، إلا أنه يعلم التحديات والصعوبات التى تواجهه، ولذا ففرصته فى النجاح ستكون أكبر منى، وعموما أتمنى أن أكون قد قدمت له ما يمهد له هذا النجاح، وأنا من كل قلبى أتمنى للكرة فى مصر النجاح على كل المستويات.
* بالمناسبة ما مدى رضاك عن نتيجة مباراة العودة؟ وهل ردت لك جزءا من اعتبارك بشكل شخصى؟
- الوجه الحقيقى للمنتخب لم يظهر حتى فى مباراة العودة، ورغم ذلك كنت سعيدا بأداء اللاعبين وروحهم لأنهم تغلبوا على مشاعر حزن وخوف كانت كبيرة بداخلهم وكنت أتمنى فقط أن نحقق الفوز بنتيجة أكبر بما يسعد الشعب المصرى لأنى كنت على يقين أن التأهل ليس أمرا سهلاً.
* وأخيراً ماذا ينقص الكرة المصرية للوصول إلى كأس العالم مستقبلا؟
- مع احترامى للدورى المصرى وللأندية المصرية، المستوى الذى تركزون عليه لن يفرز منتخبا قادرا على التأهل والمنافسة فى بطولة كأس العالم، يجب أن تفتحوا الباب أمام اللاعبين المصريين الصغار للاحتراف فى أوروبا، فالاحتكاك هناك أقوى، والخبرات تكتسب بشكل أسرع وأفضل، هناك على الأقل تلعب مباراة كل أسبوع والمنافسات تكون أقوى، فضلا عن اكتساب اللاعب الخبرة الاحترافية، لديكم لاعبون يمكنهم اللعب فى أوروبا، وتحقيق نجاح مبهر هناك، وصلاح أحدهم، وتخيلوا لو كان صلاح لاعبا فى المقاولون فى وقت ليس به دورى مصرى، أتمنى أن يعى القائمون على الكرة المصرية الإجابة عن هذا السؤال، ربما يكون دافعا أمامهم للعمل لصالح الكرة المصرية، ومساعدة اللاعبين فى الاحتراف فى سن صغيرة.