عندما شاهدت فيلم «العصفور» على شاشة السينما، انبهرت بقصيدة «مصر يا مّا يا بهية»، بنفس درجة انبهارى بيوسف شاهين، برغم أننى كنت أسمعها بحنجرة على الشريف وصوته الأجش الذى كان يغطى على صوت «بهية» نفسها والتى كانت تؤدى دورها الفنانة القديرة محسنة توفيق، إلا أننى انجذبت إلى هذا النسيج الشعرى البسيط الشعبى المصرى جداً الذى لا يحتاج إلى مطرب، بل يحتاج إلى بنى آدم بيحب مصر، قررت من وقتها أن أكون من مريدى كاتب هذه الكلمات الرائع الذى رحل عن دنيانا أمس أحمد فؤاد نجم، أتذكر وأنا فى الثانوية العامة عندما ذهبت مع صديق إلى كلية الهندسة التى احتلها الإخوان الآن صعدت على كتفيه، لأستطيع مشاهدة «نجم» والشيخ إمام، وسط زحام رهيب يملأ ساحة الكلية، كنت أطلب من أقاربى الدمايطة آنذاك والذين كانوا يعملون فى لبنان فى صناعة الموبيليا هناك، شراء دواوين أحمد فؤاد نجم الممنوعة فى مصر والمحفورة المحفوظة فى وجدان المصريين، كنت أقرأها، بل ألتهمها لتنفذ إلى مسام عقلى ووجدانى، كان بسيطاً بدون سطحية، عميقاً بدون تقعر، حالماً بدون أوهام، جامحاً بدون نرجسية، كان يغمس كلماته فى وجدان المصرى ويستعيرها من قاموس خاص جداً بدون كلفة أو فذلكة، مات المتمرد الفاجومى الجميل الذى كانت روحه تحمل تضاريس هذا الوطن بحواريه وشوارعه وكفوره ونجوعه، مات بعد أن اطمأن على خروج الهكسوس من مصر، خرج خفافيش الجهامة، فرحل فيلسوف البهجة، واثقاً من أن هذا الشعب لن يموت
جيفارا مات.. جيفارا مات
آخر خبر فى الراديوهات
وفى الكنايس.. والجوامع
وفى الحوارى.. والشوارع
وع القهاوى وع البارات
جيفارا مات
واتمد حبل الدردشة.. والتعليقات
مات المناضل المثال.. يا ميت خسارة على الرجال
مات الجدع فوق مدفعه جوه الغابات
جسد نضاله بمصرعه.. ومن سكات
لا طبالين يفرقعوا.. ولا إعلانات
ما رأيكم دام عزكم.. يا أنتيكات
يا غرقانين فى المأكولات.. والملبوسات
يا دافيانين.. ومولعين الدفايات
يا محفلطين يا ملمعين.. ياجيمسنات.