العام الدراسى يبدأ بالهجرة من المدارس «الخاصة» إلى «التجريبى»
المدارس تستعد لبدء العام الدراسي - صورة أرشيفية
زيادة المصروفات وتكلفة المستلزمات الدراسية التى تطلبها المدارس الخاصة دفعت الكثير من أولياء الأمور إلى تحويل أبنائهم إلى المدارس التجريبية، لعدم قدرتهم على تحمّل نفقات التعليم بعد زيادة الرسوم، فضلاً عن تقارب المستوى التعليمى بين المدارس الخاصة والتجريبية، ما تسبب فى ارتفاع طلبات التحويل هذا العام بشكل كبير، وسط صعوبات للقبول فى النظام التجريبى بسبب ارتفاع كثافة الفصول فى بعض المدارس، فيما باتت المدارس الخاصة مهددة بعزوف أولياء الأمور عن إلحاق أبنائهم بها، نظراً لإصرارها على عدم الالتزام بقرارات الوزارة فيما يخص المصروفات الدراسية.
ففى المنيا، تلقت مديرية التربية والتعليم 3000 طلب للتحويل من المدارس الخاصة إلى التجريبية، بحسب مصدر مسئول بالتعليم، وقال مايكل بباوى، ولى أمر، إنه قدم طلباً للتحويل لابنته بالمرحلة الابتدائية لإلحاقها بالمدرسة التجريبية المتميزة للغات وهى موجودة فقط بمدينة المنيا الجديدة، وتوجد مدرسة أخرى بمركز بنى مزار، معتبراً أن المدارس الخاصة هدفها الربح، وهى تهتم بالأنشطة دون التعليم الجيد، ولا تختلف عن مدارس الحكومة كثيراً، منوهاً بأن إدارات المدارس الخاصة تهتم فقط بالالتزام بالحضور والانصراف، وكثافة الطلاب بالفصول، ودعم الأنشطة التى تبنى القدرات والمواهب، ولكن مستوى طلاب مدارس الحكومة أقوى لأن المدرسين بها من الكفاءات وأصحاب الخبرات، بعكس المدارس الخاصة من حديثى التخرج، بل إن معظمهم من حمَلة الدبلومات الفنية، أو من خرجوا للمعاش، وهذا يدل على أنها مدارس هدفها الربح لا التعليم الجيد.
وقال الدكتور جمال شحاتة، رئيس مجلس الأمناء بمديرية التربية والتعليم، إن مجالس إدارات المدارس الخاصة تختار المعلمين بالمجاملات ودون أى ضوابط ومعظمهم غير أكفاء ومن حمَلة الدبلومات الفنية، كما أن بعض هذه المدارس يقوم بزيادة المصرفات دون الإخطار، علماً أن القرار الوزارى رقم 420 لسنة 1999 يُلزم هذه المدارس بزيادة المصروفات كل 5 سنوات شريطة إخطار إدارة التعليم الخاص والمواقفة على ذلك، ولكن هذا غير مطبَّق، كما أن حقوق المعلمين فى هذه المدارس مهضومة ولا يتم صرف مكافآت سنوية لهم، ولو طالبوا بها يكون الرد أنها تضاف إلى الراتب الشهرى رغم أنه متدنّ، ليس ذلك فقط، فبعض إدارات المدارس الخاصة تجبر المعلم على التوقيع على عقد عمل واستقالة مفتوحة التاريخ فى وقت واحد، حتى تضمن فصله فى أى وقت، حينما يعترض على أى شىء.
وكشف أحمد فؤاد حافظ، مسئول سابق بمدرسة خاصة، عن مساوئ هذه المدارس قائلاً، إنها لا تعتمد على معلمين أكفاء من أصحاب الخبرات، وتحرص على اختيار حديثى التخرج لأنهم لا يكبدون أصحاب هذه المدارس أجوراً، ومعظمها يهدف إلى التربح، وأذكر أنه فى عام جمعت المدرسة التى كنت مسئولاً عنها مبلغاً يتجاوز المليون جنيه ربحاً، فى تيرم واحد وجملة النفقات لم تتجاوز مبلغ 600 ألف جنيه، وأحياناً يتم جمع تبرعات ومبالغ دون وجه حق بحجة الصيانة وتقديم المزيد من الخدمات، وقال مسئول بالتعليم، إن هناك أكثر من 122 مدرسة خاصة منتشرة فى أرجاء محافظة المنيا، أقيمت من أجل الارتقاء بالعملية التعليمية وتقليل كثافة الفصول بمدارس الحكومة، وإحداث طفرة تعليمية من خلال اتباع أساليب التعليم الجيد، لكن واقعها مرير، لذا هناك الكثير من طلابها يرغبون فى التحويل للمدارس التجريبية وهناك نحو 3 آلاف طلب تحويل حتى الآن، مؤكداً أن المدارس التجريبية أفضل منها وعددها فى المحافظة 10 بواقع 4 مدارس بمدينة المنيا والمنيا الجديدة منها مدرسة متميزة، ومدرستين بمركز بنى مزار منها واحدة متميزة، ومدرسة بملوى، ومدرسة بديرمواس، ومدرسة بمطاى، ومدرسة بسمالوط، بينما لا توجد تلك المدارس فى 3 مراكز.
فى أسيوط، زاد إقبال أولياء الأمور على تحويل أبنائهم من المدارس الخاصة إلى التجريبية لعدم قدرتهم على تحمّل المصروفات الدراسية بتلك المدارس، وقال منتصر يوسف أحد أولياء الأمور، إنه تقدم بطلب تحويل نجلَيه طارق ويوسف من إحدى المدارس الخاصة إلى مدرسة تجريبية، وأضاف أنه فوجئ بارتفاع قيمة الرسوم هذا العام حتى وصلت مصروفات التيرم الواحد إلى 6000 جنيه مقارنة بمصروفات عام كامل فى المدرسة التجريبية والتى لا تزيد على 1200 جنيه.
وأشارت نعمة مرزوق، من أولياء الأمور، إلى أن لديها طفلاً فى إحدى المدارس الخاصة وتقدمت هذا العام بطلب تحويل له إلى مدرسة تجريبية، لأنها لم ترَ أى فارق بين التعليم الخاص والتجريبى بل ربما يكون التجريبى أفضل، فيما أوضح مصدر مسئول بإدارة التجريبيات بتعليم أسيوط أن المحافظة تضم 28 مدرسة تجريبية يوجد 8 منها فى المدينة بينها مدرستان متميزتان.
وأضاف أن هذا العام شهد إقبالاً ملحوظاً من قبَل أولياء الأمور للتحويل من المدارس الخاصة للمدارس التجريبية، لافتاً إلى أن التحويل هذا العام بلغت نسبة الزيادة به الضعفين عن العام الماضى، مشيراً إلى أن مدرسة «المستقبل» أوشكت على أن تكون بلا طلاب. فأغلب أولياء الأمور تقدموا بطلبات لتحويل أبنائهم، وفى الدقهلية، قالت رحاب أحمد، ولية أمر، إنها بالفعل تقدمت بطلب إلى مدرسة تجريبية لنقل أبنائها من مدرسة خاصة، وفى انتظار قرار الموافقة، لافتة إلى أن المصروفات زادت إلى 14 ألف جنيه بخلاف الكتب والباص والملابس والدروس، بمعنى أن العام الواحد يتكلف أكثر من 30 ألف جنيه، وأضاف الدكتور خالد السيد، أحد أولياء الأمور، أن دخله لم يعد يتحمل نفقات المدارس الخاصة، فتقدم بطلب تحويل لابنته إلى مدرسة تجريبية، إلا أنهم رفضوا قبوله بحجة صغر سنها، مشيراً إلى أن القبول فى المدارس التجريبية أصبح بـ«الواسطة».
وأكد مسئول بإحدى المدارس الخاصة بالمنصورة أن حالات التحويل فردية، والمدارس ملتزمة بنشرة المصروفات السنوية التى تصدرها وزارة التربية والتعليم، والخلاف يكون من مدرسة إلى أخرى فى تكلفة الباص والمستلزمات الأخرى، وهذا يكون حسب رغبة ولى الأمر وهو غير ملزم بها، وذكر أن الزيادة تكون فى أول العام والتى حددتها الوزارة بنسبة 14% من العام الماضى، وهذا بعد تعويم الجنيه، وزيادة الدولار، وطلبات المدرسين برفع الأجور، وهو ما اضطرنا إلى الزيادة ولكن الزيادة مقننة ومعروفة، وصدر بها قرار رسمى، فيما لفت على عبدالرؤوف، وكيل وزارة التربية والتعليم بالدقهلية، إلى أن المديرية لا تمانع التحويل بشرط توافر الكثافة، والإقبال على المدرسة التجريبية هذا العام أكبر من أى عام مضى بسبب العائدين من الخارج لفرض رسوم سنوية عليهم هناك.
وشهدت المدارس الخاصة، فى مدن ومراكز محافظة الغربية، والبالغ عددها 55 مدرسة، قيام أولياء أمور بعض الطلاب بتحويل أوراق أبنائهم منها إلى المدارس التجريبية، بسبب ارتفاع المصروفات إلى جانب تقارب المستوى التعليمى مع المدارس التجريبية البالغ عددها 23 مدرسة، وقال مصطفى الجعفرى، ولى أمر، إنه فوجئ هذا العام بارتفاع المصروفات الدراسية لتصل إلى 15 ألف جنيه، وأضاف قائلاً: «المدارس الخاصة تزيد المصروفات الدراسية من خلال مصروفات الأنشطة والخدمات والمواصلات والزى المدرسى، وأيضاً الكتب الدراسية زادت هذا العام 300 جنيه عن العام الماضى، حيث كانت العام الماضى 1300 جنيه والحالى أصبحت 1600 جنيه، وأنا لدىّ 3 أبناء فى مرحلتى التعليم الابتدائى والإعدادى فى إحدى المدارس الخاصة، وبسبب زيادة المصاريف الدراسية والأنشطة وغيرها من الأشياء التى تفرضها المدارس الخاصة على أولياء الأمور، اضطررت إلى نقلهم إلى مدارس تجريبية».
إبراهيم صابر، موظف حكومى، أكد أن أقل مدرسة خاصة فى محافظة الغربية رفعت المصروفات الدراسية للطالب الواحد فى العام الدراسى إلى ما لا يقل عن 15 ألف جنيه، وهو ما يمثل عبئاً كبيراً على أولياء الأمور، ما يدفعهم للهروب إلى المدارس التجريبية من جشع وطمع المدارس الخاصة، فى ظل عدم وضع آلية واضحة تلزم تلك المدارس بعدم تحصيل أى مبالغ زائدة عن النسب التى أقرتها الوزارة هذا العام، وبيّن أن ولى الأمر هو المظلوم فى تلك المنظومة، لأن الوزارة تصدر قرارات دون وضع آلية للتنفيذ «لا نستطيع الشكوى خوفاً من تعنت إدارة المدرسة مع أولادنا»، الشناوى عايد، وكيل وزارة التربية والتعليم بالغربية، لفت إلى أن إجمالى المدارس الخاصة فى الغربية 55 مدرسة، بينما المدارس التجريبية يبلغ عددها 23 مدرسة، وأن طلبات التحويل بينهما فى حدود الطبيعى، وهناك تعليمات بمتابعة المدارس الخاصة والتفتيش الدائم عليها ومعرفة مدى التزامها بقرارات الوزارة، وخاصة فى الجانب المادى، وأن المديرية تتعامل مع أى شكوى من قبَل أى ولى الأمر بكل جدية.
وفى الإسكندرية، شهدت مكاتب التحويل فى الإدارات التعليمية إقبالاً كبيراً من أولياء أمور تلاميذ المدارس الخاصة، لنقل أبنائهم للمدارس التجريبية، وفتحت المكاتب أبوابها منذ شهر يونيو الماضى، إلا أن الإقبال زاد فى آخر يومين بداية شهر سبتمبر بعد إعلان المدارس الخاصة عن مصروفاتها الدراسية الجديدة التى زادت ما بين ضعفين إلى 3 أضعاف.
وأشارت آمال عبدالظاهر، وكيل وزارة التربية والتعليم بالمحافظة، إلى أن هذا العام شهد إقبالاً كبيراً على التحويل بين المدارس، مؤكدة أن كثيراً من المدارس التجريبية والقومية أغلقت باب التحويل الذى بدأ فى شهر يونيو واستمر لأكثر من 3 أشهر، وأضافت أنه لا يوجد حصر بأعداد المحولين، إلا أن الإقبال كبير هذا العام، ما دفع المديرية إلى إزالة جميع المعوقات أمام أولياء الأمور من أجل إتمام عملية التحويل سريعاً، والاستماع إلى جميع شكاواهم.
«التجريبية» تستقبل الآلاف من طلبات التحويل.. وأولياء الأمور: لم نعد نتحمل نفقات «الخاصة».. و3 آلاف طلب فى المنيا.. وزيادة الإقبال على النقل فى أسيوط.. ومسئول بمدرسة خاصة فى الدقهلية: نلتزم بالزيادة التى أقرتها الوزارة