«فهيم»: تكفى زراعة الساحل الشمالى وسيناء ومنطقة جبال البحر الأحمر
الدكتور محمد فهيم، وكيل معمل المناخ الزراعى
قال الدكتور محمد فهيم، وكيل معمل المناخ الزراعى بمركز البحوث الزراعية، إنه من المتوقع هطول أمطار كثيفة خلال الخريف الحالى، تتطلب الاستعداد لها لتفادى آثارها التدميرية، وأضاف أستاذ التغيرات المناخية بمركز البحوث الزراعية، فى حواره لـ«الوطن»، أنه يمكن استغلال السيول فى زراعة محاصيل عالية القيمة يمكن تصديرها للخارج، مؤكداً أن مياه الأمطار التى تهطل على مصر لا يستخدم منها سوى 10%، ومن الممكن أن نستخدم تلك المياه فى زراعة مناطق الساحل الشمالى وسيناء والمناطق المحاذية لجبال البحر الأحمر على طول امتدادها، وأكد أنه لو تم استخدامها على الوجه الأمثل فمن المؤكد أن الزراعة فى مصر ستشهد طفرة غير مسبوقة.. وإلى نص الحوار..
وكيل «المناخ الزراعى»: أمطار الخريف مع الحرارة العالية تزيد فرص الإصابة بالأمراض
ما توقعاتك لأمطار الخريف الحالى؟
- من المتوقع خلال الأسابيع القليلة المقبلة هطول أمطار «خريفية» قد تصل لحد السيول على مناطق متفرقة من الجمهورية، ومنها المناطق الزراعية، وهطول الأمطار المتوقعة خلال تلك الأسابيع أمر غير طبيعى ولا نستطيع الاعتماد عليها كل عام، لكن لا بد من الاستعداد لمثل هذه الطفرات من خلال حفر الترع والآبار حتى نستطيع استغلال هذه المياه، وفى حال استخدامها سوف تحدث طفرة كبيرة فى الزراعات، واستصلاح مساحات كبيرة، ولا بد أن تكون هناك استعدادات مسبقة حتى يحسن استغلالها.
وما الآثار السلبية لهذه الأمطار والسيول على الزراعة؟
- قد تؤدى إلى تدمير الزراعات القائمة وتخريب البنية التحتية للمزارع، والتى معظمها فى المناطق الجديدة، وقد تؤدى إلى زيادة كمية الماء الأرضى حول النباتات، وبالتالى اختناق الجذور وحدوث ذبول مؤقت أو مستديم للنباتات حسب كمية الأمطار، لذلك يفضل أن يتم الربط بين مواعيد إجراء الريات للزراعات فى المناطق المعرضة للسيول والأمطار، بحيث نوقف الرى قبلها بعدة أيام، وبالتالى يجعل التربة تستوعب كمية المياه الساقطة، كما يجب على وزارة الرى ربط مناسيب الترع والقنوات المائية فى مناطق هطول الأمطار، بحيث تستوعب هذه الترع والقنوات كمية المياه الساقطة ولا يحدث امتلاء لها، ما يؤدى إلى مشكلات فى مستوى الماء الأرضى حولها، كما أن هطول الأمطار الخريفية أثناء وجود حرارة عالية يؤدى لزيادة الرطوبة الجوية وسقوط الندى صباحاً، ما يزيد فرص إصابة المزروعات بأمراض فطرية وبكتيرية، ويجب على المزارع إجراء رشات وقائية ضد هذه الأمراض عقب توقف هطول الأمطار مباشرة.
لدينا فرصة للاستفادة بـ2 أو 3 مليارات متر مكعب من المياه.. والنخيل والزيتون والسدر والتين الشوكى والكمثرى الأفريقية وبعض الموالح محاصيل يمكن زراعتها
ما كمية مياه الأمطار التى تسقط على مصر سنوياً، وكيف نستغلها؟
- مياه الأمطار التى تسقط على مصر تقدر بـ2 إلى 3 مليارات متر مكعب، لكن هذا لا يعنى شيئاً لأنه مثلاً الأمطار التى تسقط على محافظات الدلتا لا يكون لها تأثير كبير على الوضع لأن المحاصيل الشتوية لا تحتاج إلى الرى الكثير، بينما على الجانب الآخر هناك أكثر من مليون فدان من الأراضى الصحراوية بالساحل الشمالى وفى أطراف الصحراء الشرقية بموازاة جبال البحر الأحمر وكذلك سيناء يمكن استصلاحها عن طريق مياه الأمطار والسيول، ففى سيناء يعتمد المزارعون على مياه الأمطار ودورها فى تجديد المخزون المائى للمياه الجوفية وكلما زادت مياه الأمطار والسيول وأحسن استخدامها زادت المساحات المنزرعة، ولا بد من استغلال مياه الأمطار الاستغلال الجيد عن طريق إنشاء القنوات التى تصفى فيها المياه، وأيضاً خزانات لحفظ مياه الأمطار والسيول، ويمكن كذلك استزراع مشروع المليون فدان الموجودة بالساحل الشمالى، أفضل من التكلفة الكبيرة فى حفر الآبار، حيث إن مياه الأمطار والسيول لا تكلف شيئاً، لكنها تحتاج لمصبات وقنوات وخزانات لحفظ المياه.
وما النسبة المستغلة من مياه السيول فى الزراعة؟
- مياه الأمطار التى تهطل على مصر لا يستخدم منها سوى 10% فقط، ولو تم استخدامها على الوجه الأمثل فمن المؤكد أن الزراعة فى مصر ستشهد طفرة غير مسبوقة.
هل نحتاج إلى خطة قومية للتعامل مع السيول؟
- لم يعد هناك بد من وضع خطّة متكاملة للسيطرة على السيول، بل العمل على الاستفادة منها، وثمة مثل إنجليزى شهير يقول: «للغمام الأسود بطانة فضيّة»، بمعنى وجود وجه إيجابى للمآسى والكوارث، وهذا ينطبق على السيول التى تشكّل مورداً مهماً للمياه العذبة يمكنه أن يسهم فى حلّ أزمة الماء والغذاء فى مصر، وفى العامين الماضيين أنفقت الحكومة مئات الملايين من الجنيهات لإنشاء عدد من السدود ضمن مسعى منها لحصار بعض مياه السيول، إضافة إلى حماية التجمّعات السكنيّة منها، لكن يلاحظ أن طاقة تلك السدود فى استيعاب السيول محدودة نسبيّاً.
ما المحاصيل التى يمكن زراعتها على مياه السيول والأمطار؟
- محاصيل الأراضى الجافة وشبه الجافة، كالنخيل والزيتون والخروع والسدر والتين الشوكى، ومن الممكن جلب فواكه من الخارج وتوطينها كالسدر الصينى والكمثرى الأفريقية، إضافة إلى أنواع من الموالح، إذ تحتاج الفواكه إلى ما يتراوح بين 250 و600 ملم من المطر سنوياً.
وهل للزراعة القائمة على مياه الأمطار والسيول قيمة مضافة؟
- مع استخدام أساليب الزراعة العضوية عبر مياه السيول المحملة بمواد عضوية، يصبح ممكناً الترويج لها فى الخارج، لتكون عامل جذب سياحى، ويصح ذلك حتى مع التقلب فى مستويات مياه السيول، فإذا نقصت يمكن استكمال حاجة المزروعات باستخدام مياه جوفية، أو تحلية مياه البحر أو إعادة تدوير مياه الصرف الصحى.
لا نستهلك من مياه الأمطار سوى 10%.. ويمكن استغلالها فى تصدير محاصيل زراعية عالية الجودة
وما الاستخدامات الأخرى التى يمكن الاستفادة بها من السيول؟
- يمكن استعمال مياه السيول فى حقن الآبار الجوفية وتجديد مخزوناتها، ومن الممكن الاستفادة من تجارب طبقت فى السعودية وفلسطين وإثيوبيا والهند، وأسهمت فى زراعة الأراضى القاحلة، مع تخزين فائض من المياه، وتسعى دول العالم لاستخدام تلك المياه على أكمل وجه، وهنا على أرض مصر تواجه الجهات المعنية ضعفاً سواء فى مواجهة خطرها، أو حتى تطويعها لتصبح عنصراً إيجابياً يساعدها فى تحريك عجلة التنمية، خاصة الزراعية منها، وتوجد فوائد أخرى لمياه الأمطار، حيث إنها تساعد بشكل كبير فى تقليل نسبة ملوحة الأراضى، لأنها تختلط بالمياه الجوفية وهو أمر يترتب عليه تقليل نسبة الملوحة التى تعانى منها مناطق عدة فى البلاد، بجانب أن تداخل مياه الأمطار بالمياه الجوفية يحد من التلوث.