اللافت للنظر أن الرئيس الأمريكى ترامب أشبه بشرطى يقف على قارعة الطريق يطلب من كل من يمر عليه أن ينفذ أوامره وإلا فالعقوبات الاقتصادية ستكون له بالمرصاد، فما معنى أن يفرض ترامب عقوبات اقتصادية على إيران وسوريا وتركيا وروسيا، متوهماً أنه بذلك سيجبر هذه الدول على أن تسير وراء سياساته معصوبة العينين؟!
والحق أن هذه العقوبات الاقتصادية التى يستخدمها ترامب وكأنها فزاعة يُخيف بها هذه الدولة ويُرهب تلك، أثبتت التجربة أنها غير مُجدية، وأن ترامب يُعاقب بها ذاته أكثر من عقابه للدول الأخرى.
فمثلاً، تفرض أمريكا -عبر رئاساتها المتعاقبة- عقوبات على إيران لإجبارها على تغيير سياساتها، كما قال «بولتون»، مستشار الأمن الأمريكى، لكن ما حدث هو أن إيران تمسكت بسياستها ورفضت أن تطيع أمريكا، وقبلت التحدى، وتحملت الضيق الذى فرضه الحصار عليها، واعتمدت على مقدراتها الذاتية فقط، وتحمّل شعبها الأهوال، واليوم نجحت فى إطلاق أول طائرة مقاتلة من صُنع محلى.
معنى ذلك أن إيران نجحت فى أن تحول سلبيات الحصار إلى إيجابيات ولم تعد فى حاجة إلى شراء مقاتلات أجنبية لتضيع بذلك ميزانية شعبها فى ما لا طائل من ورائه، والشىء نفسه يمكن أن نقوله على روسيا التى ما إن تفرغ من حصار إلا وتجد نفسها فى حصار آخر، ناهيك عن مشكلة مشتعلة الآن، وهى الزعم بأن روسيا تدخلت، عبر جهازها المخابراتى، فى الانتخابات الأمريكية. والآن الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية تتجه إلى أنقرة لإجبارها على إطلاق سراح القس الأمريكى المتهم فى تركيا بالجاسوسية، وقد تسببت هذه الأزمة فى تدنى الليرة التركية وزيادة المصاعب الاقتصادية فى هذه الدولة العضو فى حلف الناتو.
أما سوريا فقد نالها من هذا العقاب الأمريكى نصيب لإجبارها على إخلاء أرضها من القوات الروسية والإيرانية وقبول إسرائيل فى المنطقة.
وفى غمرة هذه الأحداث فإن شعوب العالم قد ارتفع لديها منحنى الكراهية لكل ما هو أمريكى، لأن العقوبات الاقتصادية لا تعانى منها سوى الشعوب.
ولأول مرة فى أمريكا تتحدث الصحافة المكتوبة عن إمكانية عزل الرئيس ترامب من منصبه لأنه، بسياساته الرعناء، يُعرض الأمن القومى الأمريكى للخطر.
بعبارة أخرى، إن أخطاء ترامب داخلياً وخارجياً كثيرة ومتعددة، وهى تضع العالم فى مهب الريح، والسبب أنه رجل أعمال يتبع فى سياساته مبدأ المقامرة التى قد تؤدى إلى عدم استقرار شعوب الأرض، لكنها أيضاً ستصيب ترامب فى مقتل.