عنان.. حكاية عجوز مع منصب الأمين العام للأمم وعلاقتها بـ"نوبل للسلام"
كوفي عنان
اسمه ومسيرته مازالت تنبض بالحياة وتلمع بالتميز، وترك بصماته القوية في محاولة ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان والسلم والأمن الدوليين، فزخر تاريخه بالعديد من المواقف المميزة والجوائز البارزة التي لم يحصل عليها سوى القليل، والتي مازال بريقها بازغا، رغم ترك الأمين العام السابع للأمم المتحدة كوفي عنان مهام منصبه قبل قرابة العقد.
اشتهر عنان بهيئته الوقورة وبشرته السمراء، حيث يعتبر أول دبلوماسي إفريقي، يشغل ذلك المقعد الأممي، خلفا للمصري بطرس غالي، فضلا عن كونه أول أمين عام يأتي من بين صفوف موظفي الخدمة المدنية الدولية، في الفترة من 1997 وحتى 2001، ما جعله صاحب مكانة هامة في تاريخ الأمم المتحدة.
لم يقتصر تميز عنان على ذلك بالمنظمة الدولية، ولكنه أيضا يعتبر هو الأمين العام الوحيد الذي حصل والأمم المتحدة على جائزة نوبل للسلام عام 2001، حيث وقع الاختيار عليهم تقديرا لعملهما من أجل أن يكون العالم أكثر انتظاما وتمتعا بالسلام، وتسلمها في حفل ضخم بأوسلو النرويجية، في 10 ديسمبر 2001.
وذكرت لجنة جائزة نوبل النرويجية كذلك أن الأمم المتحدة هي منظمة تقف في طليعة الجهود المبذولة لتحقيق السلم والأمن في العالم، ولحشد الإمكانيات الدولية التي تهدف إلى الاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية العالمية.
وأشادت اللجنة بجهود الأمم المتحدة وعنان لإحلال السلام في العالم ومحاربة مرض الإيدز وما أسمته الإرهاب الدولي، وجهودهما من أجل نشر السلام في شتى أرجاء العالم، مضيفة أن كوفي عنان كرس كل حياته المهنية تقريبا للأمم المتحدة، وعندما أصبح أمينا عاما كان على أتم استعداد لبعث حياة جديدة في المنظمة.
وأكدت تميز مواقف عنان تجاه قضايا حقوق الإنسان وتمسكه بأن سيادة الدول لا يمكن أن تستخدم كدرع لإخفاء انتهاكاتها لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أنه حارب ضد مرض الإيدز القاتل والإرهاب الدولي.
كانت تلك المرة هي الأولى التي يتم منح الأمم المتحدة كمنظمة جائزة نوبل، وهو ما أوضحته اللجنة بأنه يأتي بهدف التأكيد أن طريق التفاوض الوحيد لتحقيق السلام والتعاون الدوليين يمر عبر الأمم المتحدة رغم بعض الإخفاقات التي واجهتها خلال تاريخها.
بينما أبدى الأمين العام، كوفي عنان، في الكلمة التي أعلن فيها قبوله للجائزة، سعادته الشديدة للمنظمة التي يرأسها لا لنفسه، قائلا: "يتعين، فوق كل اعتبار، السعي من أجل إحلال السلام، لأنه الشرط الضروري لكي يتمكن كل عضو من أعضاء الجماعة البشرية من العيش بكرامة والتمتع بالأمن"، مضيفا أنه يدرك أيضا حجم التحديات التي تضعها جائزة نوبل على عاتقه، وإنه على ثقة من أنه سيكون على مستوى هذا التحدي، وفقا لموقع الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق روى الأمين العام قصة على لسان أحد مساعديه كان يقوم بجولة في أنحاء أفريقيا أثناء الفترة التي تم فيها اختيار الأمين العام لفترة ولاية ثانية بأنه التقى عجوزا لا يعرفه، وأن هذا العجوز قال له إنني أريد أن أُحمّلك رسالة إلى الأمين العام: "قل له إننا سعداء لإعادة تعيينه، إلا أنه لا بد أن يقتنص بعض الوقت للاحتفال بمنجزاته ونجاحاته حتى يكون بوسعه التركيز على التحديات التي تنتظره في المستقبل"، مضيفا أن ذلك يمثل عمليا نفس الرسالة التي نتلقاها من لجنة جائزة نوبل، بأن هناك تحديات تنتظرنا، وإننا أحرزنا بعض النجاحات وواجهنا بعض الفشل، وأنهم يتوقعون منا أن نعمل بجد من أجل التغلب على هذه التحديات.