أصحاب الورش يرفعون شعار: «مغلق لعدم وجود صنايعية»
مجدى مهران أغلق ورشة النجارة
غلق الورش التى كانت مصدر رزقهم، لم يكن بالقرار الهين، يمر اليوم تلو الآخر، وهم فى انتظار أن تدور عجلة العمل من جديد بعد توقف وصل إلى 6 أشهر، انتظار لم يأتِ بفائدة، ليبقى الحال كما هو، بسبب هروب العمال المستمر من الورش التى عملوا فيها، واتجاههم للعمل بمهن أخرى مكسبها سريع.
فى البداية كان الأمر بمثابة الصدمة على أصحاب العمل، على مدار 50 عاماً لم يخطر ببال مجدى مهران، الرجل الستينى أن يغلق ورشة النجارة التى ورثها أباً عن جد، والتى يصل عمرها إلى عشرات السنوات، بشارع السلام بإمبابة، يفرغ المحل من محتوياته والدموع تملأ عينيه حزناً بعد إغلاق الورشة التى له فيها ذكريات لا ينساها: «المحل ده فيه ذكريات من أيام الطفولة».
غياب الصنايعية، كان سبباً كافياً ليتعطل العمل بشكل كبير داخل الورشة: «أنا وارث المهنة أباً عن جد وباحب مهنتى، لكن ماعرفش الصنايعى بيهرب من مهنتنا ليه؟»، رغم إن مجدى لم يبخل مع العمال من حيث الرواتب التى يعطيها لهم، إلا أنهم فضّلوا الرحيل: «معظمهم راح يشتغل فى الهباب الأزرق اللى اسمه الاستروكس، مش عاجبهم 1500 جنيه بالحلال، عاوزين أكتر.. والبتاع ده بقى منتشر بشكل كبير عندنا فى المنطقة».
«مجدى»: ما اعرفش الصنايعى بيهرب من مهنتنا ليه؟.. و«عثمان»: إيد لوحدها ماتسقفش.. و«خميس»: «جمعت بين السباكة والتوك توك»
الجلوس فى المنزل هو الحل الذى توصل إليه «مجدى» بعد أن بلغ عامه الرابع والستين: «الصحة مش زى الأول، كنت عاوز صنايعى يساعدنى ماقدرش أخلص شغل لوحدى»، قام «مجدى» سابقاً بغلق الورشة أيضاً، لكنه لم يستطع أن يفارقها حينها: «أنا فضّيتها علشان ماحنش تانى للنزول، وبافكر أعمل مشروع بسيط، مش محتاج صنايعية».
غياب العمال عنه لأيام عديدة قلل من إنتاجه، ودفع الحداد محمد عثمان، لإغلاق الورشة الخاصة به بالأيام: «غيابهم بيؤثر على نسبة الإنتاج فى الشغل بنسبة 90%.. إيد لوحدها ماتسقفش والتوك توك أخد كل وقتهم»، قام «محمد» بتربية حمام إلى جانب عمله: «منها هواية، ومنها باستفيد بدل الشغل المتعطل».
نفس الحال يتعرّض له أحمد خميس، أحد أشهر السباكين فى منطقة إمبابة، حيث ينوى غلق محل بيع أدوات السباكة الخاصة به والعمل على توك توك كباقى الصنايعية: «المحل ده أنا وارثه عن أبويا، وكان استحالة إنى أقفله، لكن مابقاش جايب همه فى المنطقة، ولا حد شغال معايا»، يقف «خميس» فى المحل بالساعات ينتظر الزبون: «الزبون مابقاش يشترى حاجة جديدة، بقى يكيف نفسه بالقديم ويصلحه». قام خميس باستئجار توك توك للعمل عليه: «بيطلع لى فى اليوم أكتر من 150 جنيه، أحسن من الوقفة فى المحل من غير أى فلوس، وأهو هاشتغل فى السباكة خفيف كده».