رغم وجوده خلف القضبان.. "لويس إيناسيو" مرشح لرئاسة البرازيل
لولا دا سيلفا
رغم وجوده خلف القضبان منذ عدة أشهر، إلا أنه مازال علامة فارقة في تاريخ البلاد، ومشطلبا لدى الكثيرون بعودته إلى سدة الحكم، حيث أعلن حزب العمال البرازيلي، اختياره الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ليكون مرشحه للرئاسة، رغم أنه يقضي عقوبة بالسجن بعد إدانته بالفساد.
ودخل لولا السجن في أبريل الماضي، لكنه يتصدر استطلاعات الرأي عندما يتم إدراج اسمه كمرشح، ونظرا لتعذر حضوره اجتماع الحزب، أرسل خطابا أبدى فيه لهجة تحد واضحة، قائلا: "اليوم ديمقراطيتنا مهددة، إنهم يريدون تزوير انتخابات الرئاسة باستبعاد الإسم الذي تتصدر شعبيته كل استطلاعات الرأي".
وترصد "الوطن" أبرز المعلومات عن الرئيس البرازيلي المسجون حيث ولد في 27 أكتوبر 1945، في البرازيل ونشأ في أسرة فقيرة مكونة من 7 أولاد وبنات، أصلها من الشمال الشرقي للبرازيل، وكانت طفولته قاسية فإضطر للعمل كماسح للأحذية لفترة طويلة في شوارع ساو باولو بسبب ظروفه الضعبة، وكصبي في محطة وقود، ثم حرفي في ورشة، وبعد ذلك مكانيكي لإصلاح السيارات، وبائع خضروات، ثم متخصص في التعدين بعد التحاقه بمعمل "فيس ماترا" حيث نجح في الحصول على دورة تدريبية لمدة 3 سنوات من هناك.
وفي التاسعة عشر من عمره، تعرض لحادث أثناء عمله في إحدى مصانع قطع الغيار للسيارات، أدى إلى فقدانه إصبعه الخنصر بيده اليسرى، ثم انضم إلى نقابة عمالية بهدف تحسين أوضاع العمال، وهو ما دفعه للتفكير في حقوق العمال، والعدالة الاجتماعية بين مختلف الطبقات.
ودفعه الأمر إلى المشاركة في اتحاد نقابة العمال، واستطاع أن يحتل منصب نائب رئيس نقابة عمال الحديد عام 1967، وتم انتخابه رئيسً للنقابة في عام 1978 وفي 10 من فبراير 1980، أسس الرئيس البرازيلي السابق مع عدد من المثقفين والسياسيين، أول حزب عمالي وهو "حزب العمال" اليساري وفي العام نفسه، وأثناء إضراب للمصانع في مدينة ساو باولو، ألقى خطاب لنقابات العمال الصناعيين، ضد الحكومة فأدى ذلك إلى احتجازه لمدة ثلاثين يوم، ثم حكمت علية المحكمة العسكرية بالسجن لمدة 3 سنوات ونصف.
وفي 1986، انتخب نائبا عن ولاية ساو باولو، وخلال ذلك شارك في صياغة الدستور وخاض السباق الرئاسي لأول مرة في عام 1989، بأول انتخابات منذ الانقلاب العسكري عام 1964، لكنه خسر أمام مرشح الحزب الوطني فيرناندو كولور ميلو وللمرة الثانية خاض "لولا" الانتخابات الرئاسية عام 1994، لكنه لم يتمكن من الفوز أيضا هذه المرة.
وأعاد المرة مرة ثالثة في الانتخابات الرئاسية لعام 1998 ولم يستسلم لتلك الهزائم الثلاثة، حتى تمكن من الفوز بالمقعد الرئاسي في انتخابات 2002، ليصبح لولا دا سيلفا أول رئيس يساري منتخب منذ إنشاء جمهورية البرازيل وأول رئيس ينتمي لطبقات الدنيا بالبلاد وتسلم الرئاسة للمرة الأولى في 1 من يناير 2003 وحتى 1 من يناير 2011.
واختارته مجلة "لوموند" الفرنسية كشخصية العام في 2009 وفي العام التالي، صنفته مجلة "تايم" الأمريكية بالزعيم الأكثر تأثيرا في العالم ولقب في بلاده بأشهر رجل في العالم.
وخلال فترة رئاسته قدم العديد من برامج الإصلاح الاجتماعي لحل مشكلة الفقر، ومدّد "خطة ريال" التي كانت تقضي بوضع حد لسنوات الإفلاس الحاد واحترام شروط صندوق النقد الدولي، الذي كان قد وافق على منح البرازيل قرضا بقيمة ثلاثين مليار دولار قبل الانتخابات بأشهر قليلة، وفي نهاية 2005، أعلن تسديد كامل القرض، وفي عام 2009 أصبحت البرازيل دائنة لدى صندوق النقد الدولي، ولديها في 2010 احتياطي يقترب من 250 مليار دولار.
ونسبت كبرى المشاريع الاجتماعية إلى "لولا"، برفع قيمة الحد الأدنى للأجور والمعاشات التقاعدية، والتي ساعدت ملايين البرازيليين على الخروج من فاقة الفقر، وأصبحت نموذجا اقتصاديا يُحتذى به من قبل المنظمات العالمية الكبرى كالبنك الدولي وفي فترته ازداد دخل 10% من السكان الأكثر فقرا خمس مرات أسرع من دخل أغنى 10% من البلاد، كما تم تقليل معدل التضخم الذي خرج عن نطاق السيطرة في عهد سلفه، وتراجعت البطالة إلى مستوى قياسي منخفض، وانخفضت الأمية، وأصبحت البرازيل صاحبة سابع أكبر اقتصاد في العالم عام 2010، لتتفوق على إيطاليا والهند وكندا.
وتمكنت البرازيل أن تتحول إلى شبكة دبلوماسية واقتصادية شاسعة في سابقة من نوعها في تاريخ هذا البلد وفي 12 يوليو 2017، أصدر القضاء البرازيلي حكما بالسجن تسع سنوات وستة أشهر على الرئيس البرازيلي السابق بتهم الفساد وغسل الأموال، وهو ما استنكره بشدة لولا، وسلم نفسه للشرطة، بإبريل الماضي، حيث يقبع بالسجن حتى الآن منتظرا كلمة القضاء النهائية.