مقابر الصدقة.. إقبال متزايد وتمويل ضعيف
بعض الميسورين يلجأون لمدافن الصدقة بسبب ارتفاع أسعار المقابر
أزمة المقابر أصبحت تهدد كل من يريد دفن موتاه، حيث خلق ارتفاع الأسعار حالة من الارتباك لدى كثيرين، فالبعض يذهب إلى الجمعيات الشرعية، التى تتكفل بكل شىء بدءاً من الكفن مروراً بسيارة النقل وحتى الدفن، وآخرون يبحثون عن أصولهم الريفية، لدفن موتاهم عند أقاربهم حتى وإن كانت درجة القرابة بينهم بعيدة.
«المقابر حق انتفاع من الدولة»، جملة قالها حسن عبدالسلام، مدير إحدى الجمعيات الخيرية، حيث أكد أن جميع المقابر تخضع للدولة بشكل مباشر، ويتم توزيعها على المواطنين بالقرعة، مثلما يحدث فى توزيع الشقق، على أن يتم تخصيص الأرض لفترة زمنية محددة، ويشترط البناء فى تلك الفترة، وباختلاف المساحات تختلف الأسعار، ولكن نتيجة لارتفاع الأسعار بشكل عام ارتفعت أسعار المقابر بشكل غريب، مما أدى بدوره إلى زيادة الضغط والطلب على مقابر الجمعيات الشرعية (مدافن الصدقة)، مما يتطلب ضرورة توفير أكبر عدد من المقابر لاحتواء كل طلبات الدفن.
«مدافن الصدقة زاد الطلب عليها فى الفترة الأخيرة ومش شرط يكون المتوفى فقير لكن عادى فيه ناس ميسورة الحال بتطلبها لعدم وجود إمكانية لشراء مقبرة»، هذا ما أوضحه مدير إحدى الجمعيات التى توفر مدافن صدقة، موضحاً أن تلك المقابر لا تقتصر فقط على الفقراء ولكن فى ظل ارتفاع الأسعار أصبح كل من له متوفى يبحث عن مقبرة مجانية حتى لا يكون مجبراً على دفع مبالغ مالية ضخمة، وهناك من يبحث فى أصوله عن أحد أقاربه، نظراً لكون المقابر فى الأرياف فى غالب الأحوال تكون مجانية.
«عبدالسلام»: مدافن الجمعيات الشرعية تستقبل الكثير من المستورين الذين لم يتمكنوا من شراء مقابر
«المدافن الخاصة بنا عددها ٦ عيون فى حوش الوفاء والأمل، ده غير مقبرة فى طريق السويس وكل ده تبرعات، وبفضل الله مفيش حد بيرجع»، وأوضح أنه لا يرفض أى طلب دفن سواء كان مقدم الطلب فقيراً أو حتى غنياً، خاصة أن الوفاة حالة مفاجئة، وهناك كثيرون لم يكن لديهم ترتيبات خاصة بهم فى حالة حدوث وفاة لأحد من ذويهم، على عكس الأفراح التى يتم الترتيب لها بوقت سابق للعرس، وهذا يعتبر سبباً مباشراً يجبر بعض ميسورى الحال على تقديم طلب دفن بمقابر الصدقة توفيراً لنفقات الدفن المُبالغ فيها.
«شعبان»: «بنطهر المقابر كل ٣ شهور ونجمع العظام لإخلاء مكان للموتى الجدد»
«أهل المتوفى بيجولنا الجمعية ولازم يكون معاهم تصريح دفن وإحنا بنتكفل بكل حاجة من الكفن مروراً بسيارة النقل وحتى الدفن»، بهذه الكلمات أوضح أحمد شعبان أن الجمعيات تتولى عمليات تجهيز المتوفى منذ لحظة الوفاة وحتى إدخاله القبر، مضيفاً أنه فى حالة عدم وجود أماكن خالية فى المقبرة، يتم إخلاؤها فى حالة وجود «عضم»، وهو الهياكل العظمية للمتوفين، حيث يتم تجمعيها فى مكان خاص بها ويسمى «المعضمة» وذلك بعد وضعها فى أكفان، وتسمى هذه العميلة «تطهير المقبرة»، وفى حالة وجود «لحم» وتعنى وجود جثمان المتوفى دون تحلل، يتم إبلاغ الجمعية التابعة لها تلك المقبرة بهذا الأمر ومن ثم الإعلان فى المسجد عن عدم استقبال حالات جديدة حتى يتم التطهير. وعن زيارة أهل المتوفى للمقبرة، فيقول أحمد شعبان: «المقبرة فيها عدد كبير من الجثث، وده بيصعب عملية التفرقة بينهم ففى الحالة دى وبعد تجميع العظام، اللى بيكون عايز يزور حد قريبة مدفون عندنا، بيقف بره بوابة الحوش اللى فيه المقبرة، ويقرأ قرآن لكن مابيدخلش جوه، وده لأن مفيش داعى للدخول جوه المدفن، خصوصاً أن فى أغلب الأوقات الهياكل بتكون على بعض لتوسعة المقبرة لاستقبال حالات جديدة.
ويذكر «شعبان» أنه من ضمن الحالات التى تم دفنها ولم يأتِ أحد لزيارتها، كانت لبائع ذرة توفى فى القهوة التى كان يجلس بها ويبيت فيها، فتكفلت به الجمعية ولكن الغريب فى الأمر أن ذويه رفضوا تسلم جثمانه وأصروا فقط على تسلم بطاقته الشخصية ولم يحضر منهم أحد الجنازة.