القومي لحقوق الانسان يرسل توصيات مؤتمر العدالة الانتقالية لرئاسة الجمهورية
أرسل المجلس القومي لحقوق الإنسان, توصيات المؤتمر الدولي للعدالة الانتقالية، إلى كل من رئاسة الجمهورية، ورئاسة مجلس الوزراء، ووزارة العدالة الانتقالية، ولجنة الخمسين لتعديل الدستور، والتى خلصت من عرض التجارب الدولية والأوراق المقدمة, ومناقشات المشاركين فى المؤتمر الذى عقد على مدار يومين.
وأكد المجلس, فى توصياته "نحن بحاجة لعدالة يرتضيها المجتمع خاصة أن الأوراق اختلطت فى السنوات الثلاثة الأخيرة، والتشريعات كذلك، بل واختلفت النظرة إلى الضحايا الواجب تعويضهم وتكريمهم"، مشددًا على ضرورة أن يضطلع المجتمع بدوره في تأسيس العدالة الانتقالية، وأنه ينبغى إطلاق حوار مجتمعى واسع النطاق، يشارك فيه الأطراف المعنية، بدءًا من مؤسسات الدولة إلى تنظيمات المجتمع المدني إلى الإعلام.
وطالب المجلس القومى لحقوق الإنسان, بدعم جهود وزارة العدالة الانتقالية والمصالحة، ومنظمات حقوق الإنسان الرامية لتأسيس مفوضية للعدالة الانتقالية، يكون لها سند دستوري يراعي التعقيدات التي نشأت عبر المراحل الانتقالية السابقة، ويصدر بشأنها قانونًا يتيح استقلالها عن السلطة التنفيذية، ويكفل لها الصلاحيات الضرورية لإنجاز عملها.
كما أوصى المجلس, بألا يقتصر إطار عمل العدالة الانتقالية على الانتهاكات الجسيمة التي وقعت فى حق الأفراد، بل أن تمتد إلى الجماعات التي تعرضت لإجحافات, وإهمال جسيم مثل مجتمع سيناء والنوبة والبدو, وبعض مناطق الوجه القبلي، التي حرمت من التنمية تماما، وأن يراعي مسار العدالة الانتقالية, مقاربة النوع ومكافحة التمييز ضد النساء من الفئات الأولى بالرعاية، وفي مقدمتها فئات من الأطفال وذوي الإعاقات.
وأكد المجلس في توصياته، على أهمية تحديد التشريعات الداعمة للعدالة الانتقالية بعناصرها الخمس، وفي مقدمتها التشريعين الخاصين بحرية تداول المعلومات والإطلاع على الوثائق، لافتا إلى أنه لا سبيل لنجاح أي لجنة للتحقيق ما لم يتوافر لديها المعلومات والوثائق الضرورية لإنجاز عملها، وكذلك قانون الجمعيات الأهلية، الذى يكفل حرية التأسيس والإشهار والعمل، وهو أحد شروط نجاح التجارب المماثلة, وقانون السلطة القضائية لتعزيز استقلال هذه السلطة، والحيلولة دون تدخل السلطتين التنفيذية والتشريعية في عملها، وكذلك ما يتعلق بالقوانين والناظمة للمرافعات والإجراءات الجنائية والإثبات بشكل يتيح رفع القيود عن المضرور في مباشرة الخصومة القضائية.
كما التقت أراء المشاركين في المؤتمر الدولي للعدالة الانتقالية، على الدور المحوري للمجلس القومي لحقوق الإنسان في تهيئة الظروف والأجواء لإطلاق مسار العدالة الانتقالية، بما يكفله له قانونه وتفاعله مع منظمات المجتمع المدني، وتنوع تشكيله، ويدعم ذلك الدور البروتوكول الذي تم توقيعه مع وزارة العدالة الانتقالية والمصالحة.
وطالب المجلس أيضا بإنشاء منتدبات لأهالي الضحايا أو ذويهم, تعمل على توثيق شهاداتهم الحية والاستماع إليهم، وتعمل كقوة ضغط لتحفيز مسار العدالة الانتقالية، مشيرًا إلى أهمية تشجيع البحوث الأكاديمية في الجامعات التى تهتم بفهم ومناقشة السياقات السياسية والاجتماعية والتاريخية للأحداث، مطالبًا بدعوة المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان, لتوثيق الانتهاكات والضحايا والأحداث خلال الحقبة المتوقعة لولاية المفوضية, أو الهيئة المتوقع قيامها بكشف الحقيقة.
وأوصى المجلس، بوضع برامج توعية حول مفهوم العدالة الانتقالية، تبدأ بجهد خاص مع أساتذة القانون في الجامعات المصرية والقضاة والمدعين، بسبب الإشكاليات المتعلقة بتطبيقات العدالة الانتقالية, وأوجه تداخلها وتعارضها مع النظم القانونية، بما فيها القوانين وما يتصل بها من شروح وأحكام، وكذلك بذل عناية لتوجيه اهتمام خاص للمؤسسات الأمنية لتعزيز مفهوم العدالة الانتقالية، وأنه لا يعني تقويض دورها، وإنما إعادة توصيف أدوارها، وبذل عناية خاصة لدى الإعلاميين، بحكم تأثيرهم على الرأي العام لتعزيز الجوانب الإيجابية لمفهوم العدالة الانتقالية.
وشدد المجلس على ضرورة السعى لبلورة توافق وطنى، حول أفضل الممارسات والتجارب التى عالجت انتهاكات حقوق الإنسان، في سياق العدالة الانتقالية، وتحديد نوعية الجرائم التى سيتم جبر أضرارها، وفتح نقاش مجتمعي حول الفترة التى ينبغى أن تشملها العدالة الانتقالية بعناصرها المختلفة، والفترة التى يبدأ فيها عمل المفوضية وينتهي إصدار تقريرها الشامل، وتحديد المصطلحات الخاصة بنمط الانتهاكات، وإسنادها القانوني بالتزامات الدولة النابعة من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
الجدير بالذكر أن المجلس القومي لحقوق الإنسان، نظم مؤتمرًا دوليًا حول العدالة الانتقالية "المساءلة والمصالحة"، في مبادرة هامة للتفاعل مع إشكاليات المرحلة الانتقالية، التي تشغل اهتمام المجتمع المصرى، حيث جمع ممثلين بارزين عن كل الأطراف المعنية من السادة الوزراء من أعضاء الحكومة وأعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، وقيادات من منظمات حقوق الإنسان المعنية وإعلاميين بارزين.
كما شارك فيه ممثلون عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومنظمة الفرنكوفونية العالمية، والشبكة الإفريقية للمؤسسات الوطنية، وأعضاء من المؤسسات الوطنية في المملكة المغربية، وأمين عام المؤسسة الوطنية فى بوروندي، وخبراء بارزون أسهموا في تجارب بلدانهم في مجال العدالة الانتقالية، وبلغ عدد المشاركين في المؤتمر أكثر من 130 مشاركًا ومشاركة من مختلف الوزارات المعنية، العدالة الانتقالية والمصالحة، والعدل والداخلية والتضامن الاجتماعي والتربية والتعليم والإعلام، ومنظمات المجتمع المدني, وبعض النقابات والجامعات وبعض الأحزاب والمنظمات الشبابية.