«عم محمود» كنّاس مستشفى العباسية: «المجانين برّه.. مش هنا»
«محمود» كناس مستشفى العباسية
مقشة وجاروف.. أدوات عم محمود لتنظيف حديقة مستشفى العباسية منذ قرابة 20 عاماً، تحول الرجل مع مرور الوقت إلى مرشد للزوار الجدد فى المكان المتسع متعدد الأبنية، يوجد الرجل الثمانينى مع دقات السابعة صباحاً بجوار طريق المارة، يجيب عن أسئلتهم على مدار اليوم، هكذا يحب أن يفعل: «بيسألونى مكتب المدير فين، والعيادة الفلانية أروح لها إزاى، وفين الصيدلية؟ بنكسب ثواب فيهم».
خرج «عم محمود» على المعاش عام 2001 بعد انتهاء خدمته فى إحدى الشركات، لم يطق البقاء فى البيت، وفضّل البحث عن عمل آخر، فلم يجد أمامه سوى مستشفى العباسية، ويعتبره الآن أهدأ مكان فى القاهرة، بعيداً عن صخب الشوارع وقسوة الناس: «المجانين بره مش هنا، الناس اللى جوه كلهم غلابة، طموحهم إن حد يديهم ربع جنيه، لكن اللى بره عندهم استعداد ينهشوا لحمك». يتعاطف مع كل الحالات، ويتابع حركاتهم، ويشاركهم آلامهم، يعرف كل شىء عنهم بحكم خبرته، ينادى المرضى بأسمائهم، يشعر بسعادة فى المكان رغم قلة راتبه: «الكل هنا بيحترمنى وبيقدّرنى».
ما زال يعمل رغم تخطيه الـ80 عاماً
له من الأبناء ثمانية، لكنه فضّل الاعتماد على نفسه رغم كبر سنّه، يعمل دون توقف حتى بعد كسر ذراعه، لم يفكر فى الحصول على إجازة: «أنا هنا مستريح، أحسن ما أمد إيدى»، ينفق يومياً 16 جنيهاً فى المواصلات ذهاباً وعودة من الأميرية للمستشفى، وفى المقابل يحصل على 700 جنيه راتباً شهرياً: «بره سفاحين، عايزين فلوسك وبس، طب آكل وأشرب منين؟». رغم معاناته يشعر بسعادة ورضا لم يفارقاه، يوزع ابتساماته الصافية على الجميع، لم يشتكُ يوماً من اكتئاب أو ضيق: «الحمد لله، كل اللى بيجيبه خير».