شارع أحمد حلمى.. وما الدنيا إلا مقلب زبالة كبير
تلال من القمامة تجاور تلالاً أخرى، هذا حال شارع أحمد حلمى، فلا تكاد عيناك تغادران «كومة» قمامة فى أحد أركان الشارع، حتى تصادف أكواماً أخرى تفوقه ارتفاعاً. أهالى الحى يؤكدون أن الزبالة التى تشاركهم السكن والحياة، تأتى بشكل غير طبيعى. أحدهم يقول: «عربيات محملة بالزبالة بتيجى تقلب حمولتها هنا وتمشى، ولما حد يشيلها ترجع تانى أكتر من الأول».
السيارات إلى جانب بعض الأهالى لا تنقطع عن إلقاء أطنان القمامة فى الشارع الحيوى، وكثير من السكان وأصحاب المحلات اعتادوا مشاهدة عمليات تحويل الشارع إلى مقلب قمامة كبير، بواسطة سيارات نقل قلاب، ونصف نقل، وعربات الكارو، التى عرفت طريقها فى حملات جماعية للشارع. ويروى سائق التاكسى عبدالفتاح أحمد، من حى شبرا الخيمة، شهادته عن سيارات تابعة لشركات النظافة، تلقى بأطنان من القمامة، ومخلفات البناء فى الشوارع، قائلا: «شركة حى ثانى شبرا الخيمة تأخذ مخلفات المبانى، فى عربيات نقل قلاب كبيرة، تحمل الدبش والركش، وتلقيها فى منطقة حى أول على طريق ترعة الإسماعيلية، بعد السحور فى الساعات الأولى من الصباح»، ويضيف: «شاهدت على الطريق ذات مرة إحدى السيارات تلقى بالقمامة، وظابط المرور بيجرى وراها لكن مقدرش يمسكها، علشان خلوها من اللوحات والأرقام».
على حافة الطريق الحيوى، تنتشر أكوام من مخلفات البناء والقمامة، وتصل إلى مداخل بعض أنفاق المشاة، وتنتشر داخلها، ولم تسلم السكة الحديد المحاذية للشارع، هى الأخرى من حالات التعدى بإلقاء أطنان القمامة، فقضبان القطارات مغطاة فى بعض المناطق بأكوام الزبالة، والفتحات المخصصة لعبور المشاة على جانبى خطوط القطارات أشبه بهضاب من الأكياس والفضلات، والقمامة تصل إلى كل شبر فى المكان، حتى إننا نصادف أكياس القمامة ملقاة فى مداخل البيوت، وإن كانت هذه الأكياس مركزة على الطريق بشكل كبير.
خالد حسن، أحد سكان عزبة بلال فى الشرابية، قال إن «الناس مالهاش ذنب فى رمى الزبالة، لأنهم مش بيلاقوا صناديق يرموا فيها، والزبالين بييجوا فى المواسم بس علشان ياخدوا العيدية ويمشوا»، ويلقى «حسن» باللوم على شركات القمامة، متهماً إياها بتعمد تقليص أعداد الصناديق، قائلاً: «قبل كده كان أى حد يلاحظ إن فيه عدد أكبر من الصناديق، دلوقتى الصناديق قلّت».
أحمد أبوستة، أحد سكان شارع أحمد حلمى، يتفق مع خالد، قائلا: «لو جيت هنا بعد الفطار هتلاقى السكان وأولادهم بيخرجوا من بيوتهم عبر الشوارع الجانبية بأكياس الزبالة، ليطيحوا بها فى الشارع الرئيسى أو فى أى مكان». ويحمل أبوستة شركات النظافة الجزء الأكبر من المسئولية، عن تلويث المنطقة، قائلا: إنها تتعمد خفض عدد صناديق الزبالة، ولا تحاول توفير أى صناديق، رغم أننا منتظمون فى دفع الفواتير شهرياً، بينما تتعمد شركة النظافة إبقاء الخدمة عند المستوى الحالى، «لحد الموضوع ما زاد عن حده».
يؤكد خيرت إبراهيم، تاجر بالمنطقة، نفس الشهادتين السابقتين قائلاً: «بشوف الناس كل يوم ساعة الفجر جايبة عربيات مليانة زبالة وترميها هنا. خيرت يستيقظ مبكراً كل يوم -كما يؤكد- ليجد الزبالة تحت بيته، وفى الشارع العمومى. هذه العربات الكارو والنصف نقل تلقى حمولات من القمامة يصعب على الأفراد التعامل معها وإزالتها، بينما يتعامل بعض السكان حسب قدرتهم فى تنظيف ما أمكن أمام منازلهم. يقول خيرت: «هناك تقصير من شركات النظافة ومفيش حد بيشوف شغله، وعامل الزبالة لو جاء ولم يأخذ فلوس يصر على ترك الزبالة»، مشيراً إلى أنه يدفع فى أول كل شهر ما يقرب من 35 جنيهاً، وتبقى القمامة كما هى، ولا شىء يتغير.
لا تقف سوء الحالة فى شارع أحمد حلمى عند مجرد التراخى فى توفير صناديق القمامة للمواطنين، ولا على عدم توفير آليات جيدة لتصريف ما يتخلف عن عمليات البناء فى المنطقة، بحيث لا يضطر سكان المنطقة والمناطق المجاروة، لإلقاء مخلفات البناء فى الشارع، لكن الأمر يصل إلى حد التراخى مع حالات إلقاء القمامة بواسطة السيارات.
يقول أحمد أبوستة: «فيه كل كام يوم عربيات نقل كبيرة، بتيجى ترمى الزبالة ومخلفات البناء عند نادى إيسكو، وكأنهم حالفين ما يسيبوا الشارع نضيف»، ويضيف معلقاً: «كنا افتكرنا الدنيا هتبقى أحسن بعد حملة الريس مرسى بتاعت النضافة، وافتكرنا الزبالة هتغور ومش هترجع تانى، بس لسة كل حاجة على حالها، وبدأنا نشوفها بشكل أكبر خلال الفترة اللى فاتت، وكمان سلوكيات الناس ماتغيرتش، ومفيش زبالين بييجوا أصلاً علشان يكون فيه نضافة فى الشارع».
فى حين يحمل جاره سمير فتحى، صاحب مقلة، سلوكيات الناس، كل المسئولية بسبب رمى القمامة أو السكوت على رميها أمام أعينهم فى ساعات الفجر، ويقول: «سلوك الناس السبب، وقدام عينى بيحصل كتير إن واحد ماسك فى إيده كيس زبالة ييجى يطوحه وسط الشارع، حتى لو كان قدام الراجل ده صندوق زبالة كبير، يصر إنه مايرميش الزبالة إلا فى الشارع وكأنه مزاج وحاجة بتبسطه»، مضيفاً: «حملة الدكتور مرسى عملت شغل كويس الأسبوع اللى فات، فى الأول لقينا تأثير إيجابى من الناس، وبدأت الزبالة تختفى من شوارعنا، بس أهى زى ما انت شايف رجعت تانى وأكتر من الأول»، يقولها مشيراً إلى تلال القمامة أمامه.
محمد سلطان، موظف وأحد سكان عزبة بلال، اتخذ سلوكاً آخر وتقدم بشكاوى فى رئاسة الجمهورية، وهيئة السكك الحديدية وحى الشرابية بسبب تراكم أكوام القمامة على جانبى شارع أحمد حلمى، فضلاً عن الزبالة التى يحرقها الناس على القضبان، ويقول: هذه الحرائق يمكنها إتلاف كابلات التحويلات لقضبان السكك الحديدية، مما قد يتسبب فى انقلاب القطارات وحدوث كوارث.