«منعم» أول من رفع علم مصر بعد النكسة يعمل سائق «ميكروباص»
فى ليلة ممطرة من ليالى شتاء عام 1943، داخل شارع صغير بكفر شميس بحى الأربعين فى مدينة السويس، كانت الست "فاطمة سعيد" تضع صغيرها عبدالمنعم، لكن القدر لم يمهله إلا أسبوع حتى غادر الحياة، غير أنه بعد عامين بالتمام والكمال وتحديدا فى يوم 21 فبراير 1945 كان المنزل ذاته يستقبل مولودا جديدا يحمل الاسم نفسه "عبدالمنعم قناوى"، دثرته والدته جيدا، كبّرت فى أذنه وولت وجهها قبل السماء داعية الخالق أن يرحم فؤادها المُنفطر، ألبسته حلقا من ذهب فى أذنه اليمنى –لا تزال علامته محفورة رغم مضى السنين- عسى أن يقيه شر حاسد إذا حسد؛ فله من الأخوة ما لا حصر لهم، قد ذهبوا أدراج الرياح بعد عين أصابتهم، حسب حكايات "الست فاطمة"، ليصبح للأستاذ "السيد محمود قناوى" الموظف بقلم المحضرين بمحكمة السويس فى الدنيا سندا آخر "يخاوى" ابنه الأكبر عبد الحليم.
الوطنية عرفت طريقها لأوردة الصبى الصغير منذ اكتحال عينيه، فلم يكن قد عرج إلى عامه الثانى عشر حتى شهدت مدن القنال عدوانا من ثلاث دول كبرى فى أكتوبر 1956، فيما لم يسع "عبدالمنعم" حينها إلا أن يصنع رشاشا أليا من الخشب مرفق بأسطوانة حديدية على غرار خزنة الذخيرة ويقف بجوار رجال المقاومة الشعبية على تباب الرمال والإسمنت بالشوارع الرئيسية بالسويس، لذا كان بديهيا أن يضحى الطفل بطلا للجمهورية فى الرماية وهو لم يزل طالبا فى الإعدادية، غير أن هواية أخرى ظهرت على السطح "كنت بحب المراسلة وطوابع البريد وكان ليا أصحاب فى دول كتير".. مع بدايات المرحلة الثانوية كان حقا عليه أن يذهب إلى فلسطين ليرى واقعا ما يسمعه عن أرض الأنبياء فى حصص التاريخ، استقبله "صديق المراسلة" على رصيف القطار الذى وصل غزة فى تمام الخامسة والنصف مساءً فى رحلة استغرقت 10 ساعات من القاهرة، كان ذلك فى بدايات عام 1961، اتفق مع رفيقه أن يذهبا إلى الحدود المحتلة، وصلا إلى "بيت حانون" شمال قطاع غزة فاستوقفته لافتة مدونة بثلاث لغات "العربية والإنجليزية والعبرية" لا يزال متذكرا هيئتها كأنها الأمس "ممنوع عبور هذا الخط للمدنيين غير المصرح لهم"، استشاط "قناوى" غضبا "إزاى يمنعونا نشوف أرضنا؟" قالها فلم يأته الرد، من هنا قرر طالب الثانوى أن له ثأر مع الصهاينة لن يتركه.[SecondImage]
تمنى "قناوى" أن يدخل الكلية العسكرية للعلوم –الفنية العسكرية حاليا- فلم يسعفه مجموعه، 62%، لكنه قرر أن يعيد الثانوية العامة مرة أخرى ابتغاء الوصول للمنال، وقتها كانت جنود القوات المسلحة يمرون من شارع "الجيش" بمدينته فى اتجاه سيناء فالحرب على الأبواب و"ناصر" يتوعد اليهود بهزيمة مدوية "كنا بنطبل ونزمر للعساكر ونجيبلهم بمصروفنا سندويتشات واللى يساعد واحد فى كتابة جواب واللى يشيلهم على الأكتاف"، فيما كان يوم 5 يونيو صاعقة نزلت على رؤوس الأشهاد، لم يكن الشاب الصغير ورفاقه يستمعون لإذاعات تؤكد سحق الجيش المصرى للعدو الإسرائيلى، كأشقائهم فى القاهرة؛ فقد كانت الضربات التى هبطت على سيناء وصحرائها أقرب لسكان "مدينة الغريب"، راح "قناوى" وجدعان السويس يجمعون شتات الجنود المبعثرون فى الصحراء، الفخر الذى علا الوجوه قبل أيام هزمه القهر، أبطال الأمس عادوا بملابس مهلهلة ووجوه مكفهرة ونفوس منكسرة، شفاههم تحتاج لقطرة تروى العطش، و"قناوى" مذهولا فالاحتفاء بات منزويا أمام الحسرة المهيمنة، والفرح أضحى مأتما، والقلب اليانع أصابه العجز، غير أنه أدرك بأن الحزن ليس حلا "إحنا ما حربناش دى نكسة وأكيد هنعديها" حفز بها نفسه، أيام وقرر الشاب العشرينى أن يشترى الأمل عازما أن بلاده لن تُهزم وأن ما جرى سببا لتحقيق مراده من الأخذ بالثأر؛ لذا كان واحدا من فريق إسعاف المصابين بالمستشفى الميدانى ببور توفيق وصار فى مقدمة صفوف المقاومة الشعبية من الشباب المسئول عن حماية المنشئات الحيوية التى تحوى تجمعات بشرية كبيرة.. القناة أُغلقت وتمركز دخول البضائع من ميناء بور توفيق، لكن الخوف الأكبر يكمن فى إمكانية ضرب المرسى، فكان "قناوى" عضوا فى "فرقة انتحارية" مهمتها تمشيط القنال ليلا مفضلا الوقوف فى فوهة الخطر حفاظا على مدينته وأهلها.[FirstQuote]
حالة من الوجوم تسيطر على وجه الرجل المسن، غصة تصيبه فى القلب، يشخص بصر الحاج "قناوى" حين تطالع عيناه أخبار انتقالات لاعبى الكرة ومكافآت نجوم السينما، بينما يتحسس هو جيوبه المحتفظة ببضع جنيهات يدعى الرزاق أن تحتمله دون أن يسأل أحد العون قبل دخول الشهر فى يوم 20، تتراءى له مشاهد مختلطة بين مواقف لا تنسى لموت محقق تعرض له مع رفاق الكفاح غير مرة -فمنهم من قضى نحب الشهادة ومنهم من انتظر، ومشاهد لأبطال يراهم "زائفون" لم يجن من خلفهم المجتمع شيئا سوى العبث.
علمت المخابرات الحربية بالأمر فاستدعت كل منهم على انفراد، كان "قناوى" و4 من أصدقائه –عبدالمنعم خالد وإبراهيم سليمان ومحمود عواد وأحمد عطيفى- قد ذهبوا للمكتب التابع لحركة "فتح" بجوار سينما أوديون بوسط البلد للانضمام للفدائيين بفلسطين فى محاولة للهجوم على الإسرائيليين، بعدما ملّوا من الوجود فى جانب المُدافع دون صد للعدوان بالسويس، "عايزين ناخد تارنا" قالها "قناوى" مبررا الخطوة، فرد ضابط التحقيق التحية بأفضل منها "عندك استعداد تموت؟"، انتشى الشاب العشرينى وسار أكسير الحياة فى شريانه من جديد، فكان تأسيس منظمة سيناء العربية للعمل الفدائى تحت إشراف المخابرات تزامنا مع بداية بروفة تحرير سيناء "حرب الاستنزاف".. تدريبات على حمل السلاح وزرع الألغام، رصد لمواقع مخازن السلاح والوقود، هكذا ظل الحال لأيام كان الدور الأبرز لقناوى فيها هو تسلق نخلة والاستقرار فوقها 12 ساعة كاملة –من طلوع الشمس لغروبها- مستخدما نظارته المُكبرة لمطالعة تحركات العدو، فيما يستلم رفاق الكفاح الوتيرة ليلا، وبينما يسمعون يوميا حركة دؤوبة فى الجانب الآخر وتطاردهم الأضواء قرر –محمود عواد ومصطفى هاشم- أن يسبحا للضفة الشرقية من القنال حيث قوات الاحتلال، فكانت المفاجأة، صوت الحركة المستمر مسجل عبر مكبرات صوت والإضاءة لكشافات مثبتة على أحجار، ليعودا بالخبر اليقين، كان ذلك بعد منتصف ليل الثلاثاء 4 نوفمبر 1969.. يقول القائد حسين دراز لـ"قناوى" وأصدقائه "عندنا عملية النهاردة استعدوا"، أحضر لهم وجبة كباب "ممكن تكون آخر أكلة فى حياتنا" يقولها باسما، قبل أن تعاود الجدة احتلال ملامح وجهه "كنا مستنين الصبح يطلع كأننا عيال صغيرة ليلة العيد".. "وضح النهار" كان اسم العملية؛ فكان الهجوم الأول على الإسرائيليين تحت وطأة الشمس، 12 شخص عبروا القنال ووصلوا إلى الضفة الأخرى مع دقات الثامنة إلا الربع صباحا، يمسك "قناوى" بندقية ألى كعضو مجموعة مكونة من ثلاثة جنود، ينجحون فى قتل 8 عناصر إسرائيلية بينهم ضابط، علاوة على أسر جندى مصاب، وتدمير عربيتين نص جنزيرة ودبابة، فيما كان الأهم هو رفع العلم المصرى على الأرض المحتلة لأول مرة منذ النكسة، حتى صار هناك جنديا تقتصر مسئوليته على مراقبة العلم من على الضفة المقابلة وقنص من يقترب منه، ليظل مرفرفا على أرض العدو، فى إشارة إلى اقتراب النصر..
فى بدايات عام 1985 تيقن عم "قناوى" أن إهمال الدولة لرجالها طقسا عاديا، لذا قرر بطل الحرب أن يستقل سيارة ميكروباص تمكنه من مواكبة الصراع فى معترك الحياة، قبل أن تهتك قواه السنون ليكتفى بمجرد نقل مجموعة من الأطفال للمدرسة صباحا، ويعاودهم منازلهم عقب انتهاء اليوم الدراسى، عادات يومية لا يغيرها الحاج "قناوى" فيمكن أن تضبط ساعتك على تشغيله محرك سيارته المتهالكة مع دقات السادسة صباحا، يطوف على تلاميذه، تودعه الأسر فلذات أكبادها فى حنو فقد كانوا زبائن قدامى لدنه قبل عقود، يمر على شحاذ فيقبض يديه بما تجود، يدندن بصوت عذب "قال أية جاى الزمن يداوينا" يختمها بعبارة "آه يا بلد"، أمام مجمع مدارس "فتية الإسلام" يهبط رواده من البنين والبنات فى كافة المراحل "حضانة- ابتدائى- إعدادى- ثانوى"، ينظر بفخر لجدران المدارس فيقول "إحنا بنينا الصرح ده مع رمز المقاومة حافظ سلامة"، على درج سلم رخامى مقابل لمدرسة الأطفال يستريح الرجل ليساعد رفيق دربه "محمد زايد" فى بيع بعض الحلوى -المتراصة على خشبة صغيرة- لطلاب المدارس، وقت خروج التلاميذ تحتل وجهه ابتسامة كبيرة، يعشق الأطفال ويحبه الجميع، يناغش طفلة سمراء وهو يربت على كتفيها برفق "يخرب بيت الجمال.. يخرب بيت اليهود"، تتعالى ضحكات الصغيرة، يحمل طفل لم يتخط سنواته الخمس بعد ليضعه داخل سيارته، يبدأ فى التحرك من المكان مع دقات الثانية ظهرا، يعرفه تراب الأرض بالسويس، يُحيه الشاب والمسن، السيدة والابنة، الرجل وزوجته، بطولاته محفورة فى الذاكرة، تتحول سيارته المتواضعة لمكان أشبه بقاعة مسرحية كوميدية، فمع كل تعليق تنفجر الضحكات، تقول حبيبة محمد الطالبة بالصف السادس الإبتدائى إن عم "قناوى" هو جدها الثانى، فوالدها وعمتها تربيا على يديه داخل السيارة نفسها، فيما تعتبر الإجازة الصيفية شيئا محزنا لعدم رؤيته باستمرار "كلنا بنموت فيه".[SecondQuote]
توقف إطلاق النيران حسب اتفاقية "روجرز" –اتفاقية برعاية أمريكية لوقف العمليات المتبادلة بين الجانب المصرى والإسرائيلى فى أغسطس 1970، لكن التدريب لم يتوقف، السير على الأقدام عشرات الكيلومترات يوم الخميس من كل أسبوع، تسلق سلسلة جبال "الجلالة" فى منتصف الأسبوع حتى يضحى السحاب تحت الأقدام، العوم والبنادق متمركزة أعلى الرأس وإن وقعت أُعيد التدريب مرة أخرى، استمر الأمر شهور، وامتد لسنوات حتى جاء الطلب من قيادة المخابرات بتجهيز شخص ذا مواصفات مميزة "غير متزوج، يجيد التصوير، رياضى، نحيف، ملامحه تشبه بدو سيناء" فوقع الاختيار على "قناوى"، المهمة ملاحظة مدخل ممر "متلا" -ممر طويل متعرج طوله 32 كم في سيناء، يقع بين سلاسل جبال شمال وجنوب سيناء على بعد حوالي 50 كيلومتراً شرق السويس، ظل قناوى يراقب الأمر وهو ينصت لرسائل الموجة الثانية للإذاعة المصرية –المذاعة باللغة الإنجليزية- فى انتظار نطق الكود الخاص به "875"، بدأ المهمة فى 14 سبتمبر 1973 عبر قارب مطاطى حتى وصل للضفة الشرقية. يوميا يراقب الممر ويرسل شفراته عبر جهاز لا سلكى، حتى طالعه صباح العاشر من رمضان بخبر غريب "تصدت قواتنا المسلحة لهجوم غاشم من العدو على العين السخنة والزعفرانة"، لكنها لحظات وتبدل الخبر "نجحت قواتنا المسلحة فى عبور قناة السويس على طول خط المواجهة –من بور توفيق فى الجنوب حتى رأس العش فى الشمال-، ظن أنها خدعة، هرع سريعا نحو المذياع يقلب فى محطاته ليجد الخبر مدويا فى أنحاء الأرض، هاله منظر الطيران المصرى محلقا فوقه، مكتوبا عليه عبارات الشهادة، فتيقن أن اللحظة المنتظرة حانت "170 كيلو من المواجهة يعنىى 170 ألف متر.. فى كل شبر بطولة وناس بتتمنى اليوم وكأنها الجنة"، سجد "قناوى" شكرا، دمعت عينيه لا إراديا، الفخر تمكن منه، فيما استعاد هدوئه فهو لم يزل تحت وطأة مهمة استمرت حتى صباح يوم 15 أكتوبر، الحرب دائرة وابن السويس توجه صوب مكتب المخابرات الحربية بالقاهرة ينقل ملاحظاته، لكن فى اليوم التالى كان العدو قد تمكن من استغلال ثغرة –الدفرسوار- ربما تقلل من بهجة النصر، فكانت مهمة الشاب العشرينى الأهم..
"البطل مطرود من منزله" هكذا كان الحال فى أواخر الثمانينات حين قررت محافظة السويس أن تُخلى منزله بسبب عدم دفعه للإيجار، بعدما حصل على وعد من المحافظ قبلها بسنوات بتمليكه الشقة، لكنه لم يفعل، غير أن توسط أهل السويس لدى المحافظ الجديد فى إحدى احتفالات أكتوبر بحل مشكلة الرجل الاشهر فى المدينة، كان منقذا لوجوده فى نهر الشارع.. الحاج "قناوى" له من الأبناء أربعة، ثلاثة بنات، وولد أصيب فى الحادث الإرهابى بشرم الشيخ فى عام 2005 أثناء عمله بأحد المطاعم هناك، فتمت بتر ساقه اليسرى، حينها علق الرجل بأريحية "أنا جاهدت عشان البلد وربنا سترها معايا وهو جاهد عشان أكل العيش".
"استطلاع قوات العدو الذى حاصر السويس مع بداية الثغرة"، أعلى جبل عتاقة استقر "قناوى" برفقة دليل سيناوى وثالثهما الله، يتابع بعين الخبير تحركات الصهاينة، لكن فجأة تحولت مهمة الأيام إلى أسابيع، لتتخطى شهور، يتغذى على أعشاب نابتة بين الأحجار بفعل المطر، يستلقى على بطنه كى يلعق حبات الندى المستقرة بين الفتحات المجوفة فى الصخور، ينام ورأسه بين أقدامه وينفث بفمه فى يديه عسى أن يناله قسطا من دفء غائب أعلى قمة الجبل، يناجى ربه لحظة رؤيته ثلاثة ثعابين تجرى نحوه، يتبتل بكلمات نورانية، متمنيا أن يبقى حيا حتى يستكمل مهمته وإن مات بعدها فلن يضيره شيئا.. "101" يوم قضاها قناوى فى المكان ذاته، أنقذ خلالها العديد من الجنود التائهين فى وعثاء الصحراء الواصلة بين السويس والقاهرة، علاوة على بطولته فى إنقاذ قيادة الجيش الثالث من الهلاك، بعدما رصد خمسة من جنود العدو متمركزون داخل مخبأ يعلو نقطة حصينة للجيش المصرى وتتواصل معهم قوات إسرائيلية بطائرة هليكوبتر من طراز "بيل 205"، فتوجه إلى قيادة الجيش فى منطقة "عبيد" ليخبرهم بالأمر، لكنهم ظنوا أن "قناوى" مجرد جاسوس حرضته إسرائيل لتضليلها، وفى اليوم التالى تم دك مكان قيادة الجيش الثالث بالفعل، غير أن القيادة كانت قد قررت قبلها بساعات ترك المكان فورا بعد تأكدهم من المعلومة، حين تعرف أحد القادة على "قناوى" من خلال عمله فى المقاومة بالسويس، ليحمى الفدائى الصغير جيشه من هزيمة مُنكرة..
"ربنا كرمنى بكام جلطة بس الحمد لله أنا أحسن من ناس كتير" يقولها بوجه راض، قبل أن يعدد الأمراض التى استعصت على كسر إرادته، فرغم إصابته بالسكر الظاهر على فمه الذى خاصم الأسنان، والانزلاق الغضروفى الذى يُظهر مشيته غير المتزنة لا يزال مصرا على السير لمسافات طويلة وصعود السلم أسرع من الشباب، لا يملك عم "قناوى" من حطام الدولة سوى 450 جنيها معاشا، علاوة على 500 جنيها مكافأة له ورفاق منظمة سيناء العربية تم صرفها مع أوائل تسعينيات القرن الماضى، بدأت بـ71 جنيها كل عام "كنا بنصرفهم الأول من العريش وكان يوم القبض عبارة عن رحلة بنتجمع فيها سنويا مع الفدائيين وناكل بالفلوس سمك ولا نجيب فاكهة للعيال وإحنا راجعين وكان الله بالسر عليم"، فيما يتكلف علاج الرجل الستينى الشهرى 750 جنيه، غير أن قناعته تنتصر على العدم.[ThirdQuote]
فى يوم 28 يناير 1974 كانت القوات المسلحة توزع على منازل أهالى السويس "تفاحة حمراء" ابتهاجا بعودة الحياة للمدينة المهجورة قبل سنوات، لكن "الست فاطمة" والدة قناوى احتفظت بالتفاحة ظنا منها أنها تعويضا لوليدها الذى غاب ولن يعود، لكنها ساعات وعاد "البطل" محمولا على الأكتاف، حافرا مجد لا يمحى لوطن يتمنى أن يُضحى أفضل.