إلهام زيدان تكتب: «الوطن».. أن تكون آمنا!
إلهام زيدان تكتب: «الوطن».. أن تكون آمنا!
إلهام زيدان
صباح الخير يا افندم..أنا فلانة.. صحفية في «الوطن».. جملة مفتاحية أبدأ بها حديثى إلى المصدر الصحفى، الذى لا يعرفنى، أعرّفه باسمى متبوعًا بهويتى المهنية، التى أصدّرها للطرف الآخر من الهاتف لتحديد موعد مقابلة، أو تصريح صغير، استقصاءً لأوجه الحقيقة من مصادرها.. هوية عزيزة، تفاصيلها مرادفة لمعان كثيرة صارت متعمقة بواقعى.
لم يكن لى الحظ أن أكون ضمن الزملاء المؤسسين للجريدة منذ 6 سنوات، لكن منذ التحقت للعمل بـ "الوطن" فى 2014، بعد العمل فى مؤسسات أخرى، فوجدت الفرصة لأضيف إلى نفسى جديد كل يوم وإلى الآن، من خلال الاحتكاك بالزملاء فى الأقسام المختلفة، سواء الاجتماعات على مستوى رؤساء الأقسام أو الاجتماعات الشهرية مع رئيس التحرير.
فبعدما اشتغلت في المكان لفترة ليست قصيرة، اكتشفت أن عقلى كوّن قاموسه الخاص من واقع المكان، وارتبطت عندى الكلمات بمعان ربما هي حكر فقط على «ناس» الجورنال.. فصار معنى كلمة الأولى، عندما أسمعها في أي مكان، ليس إلا الصفحة الأولى، وكذلك كلمة الأخيرة، لا تعني إلا الصفحة الأخيرة والزميلة المتميزة هبة حسنين.
والدور السابع يعني مكتب رئيس التحرير، والرابع يعني اجتماع، أو ندوة أو كورس تدريب، والدور السادس يعني "عماد" موظف البوفيه اللي بيعمل أحسن فنجان قهوة في مصر.
شىء آخر أعتقد أنى كامرأة، لا أجده إلا فى "الوطن" كمكان عمل، وهو الإحساس بأنى فى مكان آمن، فظروف المهنة تحتم علينا جميعًا سهرة أسبوعية تضطرنا للبقاء من الواحدة ظهرًا إلى ما بعد العاشرة مساءً، بمقر الجريدة، نمارس عملنا المعتاد بالإضافة إلى تلقى أخبار تغطية يقوم بها أحد الزملاء من الخارج:، حفل افتتاح أو ختام مهرجان فنى فنى مهم أو أى حدث آخر، فأجدنى أتحرك فى الدور السادس بأريحية، وشعور ب"وَنَس" زملائى السهرانيين فى قسم التحقيقات والصفحة الأخيرة، والحوادث، وقسم الرياضة الذى ينتظر نتائج المباريات وغيرها.
فوسط طاقة إيجابية شائعة فى المكان، بداية من الأستاذ محمود مسلم، رئيس التحرير، مرورًا بمديري التحرير، ورؤساء الأقسام والزملاء وصولًا للموظفين الإداريين فى كافة الأقسام وكأن "الناس على دين رؤساهم" أجدنى هنا بين أناس يحملون «لوجو» أخلاقى مشترك وملزم للجميع، مرادفه جميعنا نحترم خصوصية الآخر، ونعرف حدود تعاملاتنا جيدًا، ومن ضمنها التعامل مع المصادر الصحفية المختلفة مهما تقطاعت، فكل زميل يحترم ملف زميله فلا يليق التعدى على ملف إلا فى ظروف اضطرارية يقبلها الزميل صاحب الملف الأصلى.
هذا لا يعنى أننا لسنا بشرًا أو أنى أرى زاوية واحدة، فالصحافة تتأثر كمهنة والعاملين بها ربما بشكل أسرع بظروف البلد الاقتصادية والسياسية، وضغوط العمل لا تستثنى أحدًا، لكن ذلك لا يحرمنا من المشاركة فى المناسبات الخاصة بنا أو بالمناسبات العامة سواء شم النسيم، أو العيد الصغير والكبير أو حفلات التكريم للمستحقين، بما يتناسب مع كل مناسبة، وقد تتسع المشاركة إلى رئيس التحرير، فى تعبير خالص عن المشاركة الحميمة حتى لو كانت من خلال طبق عسل أسود وفطير مشلتت وختامها صورة سيلفى تقتنص اللحظة وتحفظها فى أرشيف الذاكرة.