في رحاب القدس| "باب العامود".. قبلة التجارة والترفيه ورمز الانتفاضة
باب العامود
ساحة يجتمع عندها أهل القدس، خاصة الشباب الثائر، ينظمون على أعتابها نشاطاتهم السياسية والاجتماعية تارة ويستريحون بها قليلًا من مقاومة العدو الصهيوني تارة أخرى. شريانًا حيويًا للمقدسيين، يعج بالمارة وأصوات الباعة المتجولين، وأحد المعالم المهمة للقدس وبمثابة "مركز المدينة"، منذ سنوات طويلة.
وهناك كانت سلطات الاحتلال تُنفذ أحكام الإعدام بحقّ الفلسطينيين، بحسب تقرير نشرته قناة "العربية"، وعنده أيضًا، كان الفلسطينيون يعرضون فاكهة مدينة يافا للبيع.
"باب العامود"، المدخل الشمالي للبلدة القديمة، وأحد أهم المعالم الأثرية في القدس، وهو أحد أبواب القدس في الفترة العثمانية، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى "عامود النصر" زمن الحكم الروماني الذي وضِع في الساحة المحاذية للباب، وكان الباب حينها وحدة قياس، لبُعد باقي المدن عن القدس، وحسبما جاء في تقرير نشرته صحيفة "القدس" الفلسطينية، كان يتم القياس بواسطة حجارة "ملياريس"، ويعتقد أن هذا اللفظ هو أصل وحدة القياس "الميل" المستخدمة اليوم لقياس المسافات.
يعلو الباب فتحة صغيرة للحراسة وتاج دُمر في زلزال ضرب القدس عام 1927 وأعادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وضعه بعد ذلك، ويسمى أيضًا "باب دمشق" و"باب نابلس"، وتبلغ مساحة ساحته ومدرجاته الأمامية والدكاكين المملوكية الموجودة في مدخله حوالي 8500 مترمربع.
على مدار قرون طويلة كان "باب العامود" هو الممر الرئيسي لجميع القوافل التجارية والأفواج السياحية التي كانت تقصد القدس، بسبب اتساع مساحته وقربه من الأسواق وطرقه الممهدة، التي تؤدي لداخل أسوار القدس ويتفرع منها الطريقان الرئيسيان للأسواق والحي الإسلامي والمسيحي، وهما طريق باب خان الزيت وطريق الواد.
في ساحة الباب كان المقدسيون يعرضون بضاعتهم على طرفيه، وفور أن يطأ الزائر للمكان قدميه به، يشم رائحة الخضار والفاكهة الطازجة، تختلط برائحة الكعك المقدسي الساخن، ويرى في ساحته فعاليات ترفيهية وعروض تراثية للأطفال وأهاليهم، قبل أن تمنعهم البلدية الإسرائيلية في القدس، من ذلك.
"ثكنة عسكرية ومنطقة أمنية منيعة لقوات الاحتلال".. هكذا أصبح شكل الباب التاريخي، هذه الأيام، فما من مقدسي يمر بساحته حتى يعترض طريقه عشرات من أفراد الشرطة وحرس الحدود يتجولون ويفتشون الداخل والخارج، في حالة استنفار دائمة، ترصد خطواتهم كاميرات المراقبة المثبتة في أرجائه، في مشهد يطغى عليه صوت تجوال الخيالة التابعين لشرطة الاحتلال، إلى جانب دوريات تمر على متن دراجات نارية لصيد الشباب الثائر وطلاب المدارس، لإخضاعهم للتفتيش والتدقيق.
مشهد الإجراءات الأمنية السابق لمنطقة باب العامود التاريخية، والمعتاد منذ احتلال القدس، لم يمنع الشباب والفتيات من التجمع والالتقاء في ساحاته فأصبح ساحة المواجهات الأكثر سخونة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، حتى أصبح يطلق عليه أحيانًا "باب الشهداء" بعدما شهد العديد من الاعتقالات وعمليات الطعن وإطلاق النار، الأمر الذي حوّل المكان إلى رمز للانتفاضة.