يكفينى أنك أُمّ.. لتكونى «مثالية»
يكفينى أنك أُمّ
عطاء دون مقابل وبذل بلا اكتفاء، سمات صاحبت مفهوم الأمومة على مر العصور، فطالما وقفت الأم خلف صغارها تلحظ خطواتهم الأولى كى لا يتعثروا، وتوجه أيديهم نحو الهدف ليسيروا فى الاتجاه الصحيح، وتسهر ليالى طويلة لترى ابتسامة طفلها تنير وجهه بعد نوبة من البكاء والآلام التى قد تصاحبه، غير متوانية عن توفير كافة سبل السعادة له.. إذن هى أم مثالية.
ظلت تلك السمات مصاحبة للأمهات طوال الأعوام الماضية، حتى استحدثت الظروف الاجتماعية والاقتصادية وربما السياسية أيضاً، نموذجاً جديداً للأمومة، يتواكب مع نمط الحياة ووتيرتها المتسارعة، يتواكب مع تلك التحديات التى عرفت طريقها للمرأة، فلم يعد البيت والأبناء ولا حتى تحقيق الاكتفاء الاقتصادى حلمها الوحيد وهدفها المتناهى، بعد أن أصبح صوتها الانتخابى وأصوات أسرتها مسئولية على عاتقها، يتم استدعاؤها فى كل حدث فتلبى النداء.
لكنها ورغم كل أدوارها، ما زالت بين ثلاثة وجوه، تتراوح بينها المرأة المصرية فى دور الأم، تمارس التضحية بصبغة خاصة، هذه «العصرية» المطالبة بأن تصبح مثالية وهى تؤدى كل واجباتها تجاه بيت وأسرة وصغار وزوج وعمل وطموح، فتضيع معايير المثالية وربما تتغير مع كل هذه المهام.. وتلك «الحقيقية» التى تمارس دور الأم بالإنابة، سواء كانت خالة أو عمة أو جدة، تضم لمهامها تجاه أبنائها، مهام أخرى تجاه صغار آخرين، يعتبرونها أُمّاً حقيقية لهم، إذا ما قصرت الأم «العصرية» فى مهامها المثالية، فلم تعد الجدة فى أيامنا مجرد مستشار للأم أو مساعد لها، لكنها باتت رأس مثلث التربية.
وبين العصرية والحقيقية، تتسع المساحة لتضم مئات الأمهات، أجبرتهن الظروف على حياة «الكعب الداير» بين المحاكم وأقسام الشرطة ومكاتب المحامين والحقوقيين، بحثاً عن حق رؤية لصغارها، أو نفقة تعينها على الحياة، أو حكم بات بطلقة بائنة تحدد موقعها كزوجة وتقيها شر «البيت الوقف».
«الوطن» ترصد 3 وجوه للأمهات فى 2018: عصرية.. حقيقية.. متلطمة
هنا يبرز السؤال: يعنى إيه أُمّ مثالية؟.. وهل توجد أُمّ ليست مثالية؟.. لا ترى أُمّ فى نفسها المثالية، بقدر ما ترى أنها تحاول وتحاول وتحاول وستظل تحاول حتى آخر نفس من أجل أطفالها.. إذن لماذا تتحول المثالية إلى سوط تجلد به الأم نفسها حين تبحث عن سراب اسمه «رضا الكل عنها».
أسئلة كثيرة، أصبحت متداولة بين الأمهات، لا فرق بين عصرية وحقيقية ومتلطمة فى المحاكم.. كلهن فى المشاعر والمسئوليات سواء، وكلهن فى الأمومة «مثاليات».