غارات تستهدف الغوطة الشرقية قرب دمشق لليوم الخامس على التوالي
حربية
شنّت طائرات حربية سورية، صباح اليوم، سلسلة غارات جديدة على الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق لليوم الخامس على التوالي من القصف الذي أسفر حتى اليوم عن مقتل أكثر من 220 مدنياً، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس".
وفي وقت تشهد الغوطة الشرقية على هذا التصعيد العسكري، فشل مجلس الأمن الدولي في دعم نداء منظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة طالبت بهدنة إنسانية لمدة شهر على كامل الأراضي السورية.
وتستهدف قوات النظام السوري منذ الاثنين الماضي بقصف عنيف مناطق عدة في الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، فخلت الشوارع التي عمها الدمار.
وبعد ساعات قليلة من الهدوء حتى صباح اليوم، استأنفت الطائرات الحربية السورية قصفها، وفق ما أفاد مراسلون لـ"فرانس برس" في الغوطة الشرقية.
وشهدت الشوارع حركة خفيفة صباحاً، إذ استغل بعض السكان الهدوء لإزالة الأنقاض من أمام منازلهم ولشراء الحاجيات قبل الاختباء مجدداً.
وعند منتصف النهار في مدينة دوما، بدأت مآذن المساجد، التي ألغت صلاة الجمعة منذ أيام خشية من القصف، بالنداء "طيران الاستطلاع في السماء، الرجاء إخلاء الطرقات". وما هو إلا وقت قصير حتى استهدفت غارات مدينة عربين، التي قتل فيها الخميس أكثر من 20 مدنياً.
ولاحقاً استهدفت الطائرات الحربية وسط مدينة دوما، وفق ما أفاد مراسل "فرانس برس" الذي تحدث عن دمار كبير، ونقل مشاهدته للدفاع المدني أثناء إخماده أحد الحرائق ومتطوعين في الهلال الأحمر يخلون جرحى من النساء والأطفال.
في ظل الحصار المحكم على الغوطة منذ 2013، ومع ارتفاع أعداد الضحايا يناضل الأطباء في إتمام مهامهم جراء النقص في الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية.
وبعد يوم دام أمس قتل فيه 75 مدنياً في مناطق عدة في الغوطة الشرقية، قال الطبيب حمزة في مستشفى عربين لفرانس برس "منذ العام 2011 لم تشهد الغوطة الشرقية قصفاً بالحجم الذي عرفته في الساعات الـ96 الأخيرة".
وفي حمورية، نقل مراسل لـ"فرانس برس" مشاهدته أمس لرجل سقط عليه عمود كهرباء وجدار في الشارع، وبعد التأكد من وفاته تركه عمال الإغاثة أرضاً لإنقاذ آخرين.
"كارثة إنسانية":
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ الاثنين مقتل حوالى 230 مدنياً، بينهم نحو 60 طفلاً، في قصف قوات النظام.
ويعيش في الغوطة الشرقية نحو 400 ألف شخص لم تدخل لهم المساعدات الإنسانية منذ أواخر نوفمبر، وفق الأمم المتحدة.
وأفادت منظمة "سايف ذي شيلدرن" (أنقذوا الأطفال) في بيان أن آلاف السكان انتقلوا إلى الملاجئ والأقبية، فهم غير قادرين على الفرار من منطقة محاصرة.
وقالت المسؤولة في المنظمة سونيا خوش "الحصار يعني أنه لا يوجد مكان للفرار"، مشددة ضرورة "وقف فوري للمعارك وإنهاء الحصار".
وحذر مدير منظمة "كر" العالمة فاوتر سكاب في بيان من أنه "إذا استمرت الغارات الجوة والتفجيرات والاشتباكات أو تصاعدت، فسنكون مثل فرق الإطفاء الذي حاول إخماد النيران في مكان ما، بنما ندلع ثان وثالث ورابع حرق في أماكن أخرى".
وجددت المنظمة دعمها لدعوة وكالات الأمم المتحدة العاملة في سوريا بإرساء هدنة إنسانية لمدة شهر تتيح إدخال المساعدات وإجلاء الحالات الطبة.
وقالت مديرة العلاقات العامة المسؤولة عن سوريا لدى "كير" جويل بسول لفرانس برس "يواجه شركاؤنا (في الغوطة) صعوبة في التنقل. كيف يمكنهم الوصول إلى الأشخاص الأكثر عرضة للخطر؟".
وأضافت "من دون وقف لا طلاق النار، اذا لم يسمع أحد النداء، لا يمكننا حتى أن نتخيل حجم الكارثة الإنسانية".
إلا أن مجلس الأمن الدولي أخفق خلال اجتماع له الخميس في الاتفاق على بيان يدعم الهدنة الإنسانية.
وخرج عدد من سفراء الدول الـ15 الأعضاء في المجلس من الاجتماع المغلق بوجوه متجهمة.
وعلق دبلوماسي أوروبي بالقول "الأمر رهيب"، فيما قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا أن إعلان هدنة إنسانية لشهر أمر "غير واقعي".
"جريمة":
ومنذ تحولت حركة الاحتجاج في سوريا التي انطلقت في العام 2011 إلى نزاع مسلح، يزداد الوضع تعقيداً في البلاد يوماً بعد يوم، مع تنوع الأطراف على الأرض وتدخل دول إقليمية ودولية، بينها الولايات المتحدة وروسيا.
وشهدت سنوات النزاع توتراً بين الدولتين، فروسيا تدعم قوات النظام وأتاحت لها عسكرياً استعادة المبادرة الميدانية، فيما تدعم واشنطن المقاتلين الأكراد الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق البلاد، كما تؤيد المعارضة ضد النظام السوري.
وقصف التحالف الدولي بقيادة واشنطن ليل الأربعاء الخميس مقاتلين موالين للنظام في محافظة دير الزور (شرق)، بعدما شنوا "هجوماً لا مبرر له" ضد قوات سوريا الديموقراطية، الفصائل الكردية والعربية المدعومة أميركياً، التي كان يرافقها عناصر من التحالف.
وتحدث مسؤول أمريكي عن نحو مئة قتيل جراء قصف التحالف.
وقال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس، أمس، إن ضربات التحالف كانت "محض دفاعية"، فيما اعتبرت وزارة الخارجية السورية، القصف إلي استهدف "قوات شعبية" وفق قولها، "جريمة حرب".
ووصف السفير الروسي لدى الأمم المتحدة الغارات بـ"الجريمة". وقال "هذا غير مقبول، مهما تكُن الأسباب".
ونُقل المصابون جراء الغارات إلى المستشفى العسكري في مدينة دير الزور، حيث رأى صحافي متعاون مع فرانس برس ستة مقاتلين مصابين على الأقل مستلقين على الأسرة.