خبير مائي: إذا لجأت مصر لتحلية المياه ستكون أرخص من مياه النيل
نصر الدين القوصي
قال ضياء الدين القوصي، خبير المياه ومستشار وزير الري، إن أزمة المياه في مصر تتوقف على تعداد السكان والذي يتضاعف بشكل سريع والإيراد المائي شبه ثابت لأنه محسوم بالاتفاقيات الدولية، والإيراد المائي من الأمطار والمياه الجوفية ضعيف لا يزيد عن 5 %، وكان نصيب مصر من 200 سنة 20 ألف متر مكعب في السنة، وتضاءل إلى 500 متر في السنة، وسيصل إلى 250 مترًا في السنة في سنة 2050، والقضية تتوقف على تعداد السكان، ولابد أن يكون لدينا التعامل مع المستقبل على هذا الأساس.
وأضاف القوصي لـ"الوطن" على هامش البرنامج التدريبي على التغيرات المناخية للباحثين بجهاز شؤون البيئة وفروعه، بالمنصورة، وأن ما قالته مصر بشأن سد النهضة واضح، فمصر ليس لديها مانع من أي تنمية تحدث على مستوى حوض النيل أو على مستوى القارة الإفريقية ككل، طالما كان ذلك لا يمس الحصة الثابتة من سنة 1959، ولا يملك أي طرف في مصر التنازل متر مكعب واحد من هذه الحصة، وهذا هو الخط الأحمر، ولابد من مواجهة الزيادة السكانية وذلك الموارد المائية الداخلية والاستفادة بمياه الأمطار وتنمية المياه الجوفية وتطوير تقنيات تحلية المياه، ومصر مستقبلها في تحلية المياه، وليس من أجل سد النهضة أو زيادة السكان.
وأكد أننا عندما ننقل متر المياه لمسافة 70 كيلو متر شرقًا أو غربًا تكون التحلية لها جدوى اقتصادية أكبر من النقل، فنقل المياه ليست ماسورة وفقط، ولكن توجد محطات رفع، وتكاليف إنشاء، وصيانة، وتشغيل، والخط العلمي يقول إذا نقلت المياه 70 كيلو متر، فإن التحلية تكون أرخص، خاصةً تحلية المياه الجوفية التي نسبة الملوحة فيها أقل من ملوحة البحر، ونحن لدينا الشواطئ الممتدة، ولا نحتاج إلى محطات ضخمة، ونحتاج فقط إلى وحدات صغيرة لانتشار الشواطئ، التي تحيط بمصر في كل مكان، وأيضًا لا نحتاج للطاقة التقليدية، ولدينا الطاقة المتحددة، وهي أرخص بكثير على المدى الطويل، وإذا لجأنا للتحلية سنصل إلى درجة أنها ستكون أرخص من مياه النيل نفسها، وكل ميزانية وزارة الري من أجل نقل المياه من أقصى جنوب مصر إلى أقصى شمالها، وكل هذا بتكاليف مرتفعة بالإضافة إلى أنها مشروعات طويلة وتحتاج إلى تكاليف صيانة بسيطة أقل ما يمكن.
وأشار إلى تأثير التغيرات المناخية على المياه، فإذا زاد منسوب سطح البحر فإن في ذلك يؤثر على المياه الجوفية، في شمال الدلتا، وسيزيد تملح التربة وسيحتاج إلى مشروعات صرف في المناطق المخفضة.
وعن تخفيض وزارة الري زراعة الأرز من 1.1 مليون فدان إلى 700 ألف فدان، قال: "الحقيقة أننا كنا نزرع مساحات أكبر من 1.1 مليون فدان وتفرض غرامات، ومع ذلك المزارع يدفع الغرامة، وذلك لأن البديل وهو زراعة القطن والذرة مكلف ويسبب خسارة لهم، وسببها سياسة التسعير، والموازنة المائية لمصر لابد أن تتحسب لقصة ملء خزان سد النهضة، وقد يحدث أن الإيراد المائي يقل، ليس له ثمن في السوق العالمي، فالمحاصيل التي لها ثمن في السوق العالمي ليست الحبوب، ولا الذرة والأرز، كل هذه المحاصيل تنمو في بلادها على الأمطار، وهناك فرق كبير جدًا بين الزراعة المطرية والزراعة المروية، والتي فيها عمالة وطاقة وأسمدة غالية التكاليف وكل هذا غير مطلوب للزراعة المطرية".
وطالب الأخذ في الاعتبار نقص المياه، وزراعة محاصيل لها جدوى اقتصادية مثل الخضار والفاكهة والمحاصيل الطبية والنباتات العطرية والقطن، وبدأت المصانع تفكر في الأقطان الممتازة التي تنتجها مصر، ولابد من طرح البديل الآن، ولا أحد في الدنيا يقول أن نزع 1.1 مليون فدان أرض ونضيع المياه، ويجب أن يكون هناك تفكير مختلف، مثل زراعة الريحان والنعناع والبردقوش والكسبرة والكمون والكراوية والينسون لها أسعار غالية في السوق العالمي، ولدينا محافظات متخصصة في زراعة هذه الأنواع، وعندنا المينا وبني سويف، وهذه البيئة مناسبة للبيئة المصرية، ويوجد في طنطا من يزرع الياسمين، ويصدره إلى أرقى بيوت العطور في فرنسا".