"الأزهر" عن حديث قاتل "ضباط الواحات": ترجمة لواقع إرهابي قاعدي
أرشيفية
أكد مرصد الأزهر لمقاومة الفتاوي المتشددة، أن حديث عبد الرحيم المسماري، الإرهابي الليبي الذي شارك في قتل ضباط وجنود الشرطة المصرية في الواحات، لم يكن إلا ترجمة لواقع إرهابي قاعدي مؤدلج، وجد في انسياقه الأعمى لجماعات الضلال والتكفير، وفي اعتناقه للفكر الجهادي المغلوط تفريغًا لدوافعه الإجرامية المكبوتة.
وأوضح المرصد في بيان له ناقش فيه فيديو أطلقه الإرهابي الليبي، أن هذا الإرهابي لا يعلم شيئًا عن سيرة النبي الذي استشهد به لتسويغ جرمه؛ وإنما بايع شيخه بيعةً عمياء على السمع والطاعة، تلك البيعة التي تعلَّم عبد الرحيم من بنودها أن قتل الضباط والجنود المُكلفين بحماية البلاد وأمنها دفعٌ للصائل، متجاهلًا أنه هو نفسه الصائل المعتدي، الذي توارى في الصحراء شهورًا، وأعد العدة من أجل الغدر وسفك الدماء الزكية.
وتابع أن عبد الرحيم لم يعد أيضًا الفرق بين القتال والقتل واختزل الجهاد في القتل الذي هو استباحة دماء الأبرياء، ولم يلتفت إلى قول الحق تبارك وتعالى: "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"، وقوله أيضا: "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا"، فأحل عبد الرحيم ما حرم الله ونصب نفسه واليًا وحاكمًا وقاضيًا وجلادًا، تجرد من إنسانيته ليرتدي قناعًا أسماه شرع الله والشرع منه ومن أمثاله براء.
وقد افترى بعلمه الجديد على نبي الرحمة ورماه بأنه قتل أعمامه الأربعة وهو صلى الله عليه وسلم من ذلك براء، فمسألة أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل أعمامه لم ترد في أية رواية حتى ولو ضعيفة؛ لم يقتل النبي أحدًا من أعمامه الأربعة، ولم يعتد النبي صلى الله عليه وسلم بالقتل على مخالفيه أبدًا، بل كانت حروبه كلها دفاعية لرد العدوان ودفع الظلم.
شدد المرصد أن حديث الإرهابي الليبي أظهر جموده الفكري وانغلاقه العقلي، ومعرفته السطحية بالدين، وفراغه الثقافي والعاطفي؛ هو ينتمي إلى الجماعة وزعيمها أكثر من انتمائه للعقيدة نفسها، فالإرهابي ينتمي كليا إلى الجماعة ويرى فيها هويته وأمانه، وهي تمثل له منظومة القيم التي تحدد سلوكه وأفكاره وكذا ردود أفعاله.
وأكد أنه لم يشعر بالخجل والندم على ما فعله، بل بدا مباهيًا بجرمه مفاخرًا به، وعبد الرحيم وأمثاله هم نتاج لمعتقدات وهمية تلقوها من شخصيات دينية واجتماعية لها تأثير عليهم، قَوِيت تلك المعتقدات مع الزمن لتصبح حقائق مسلما بها لا تقبل جدالًا ولا نقاشًا، وهي التي تؤجج النزعة للضغينة والحقد والعداء؛ يستخدمون تلك المعتقدات سلاحَ حرب في معركتهم لفرض وجهة نظرهم المتطرفة والانتقام من المخالف والانفجار في وجه المجتمع الذي يرفضونه ويحملونه سبب فشلهم واضطهادهم؛ هم يساقون إلى دوائر اللهب لإعدام كل مظاهر الحياة؛ لأنهم عجزوا عن استيعابها والتكيُّف معها وآثروا عليها العزلة والدمار والموت.