رئيس حركة السلم الجزائرية: الجزائر لن تشهد ثورة وبوتفليقة سيخرج من الحكم
"الربيع العربي نجح في تغيير ثقافة النظام الحاكم في الجزائر، فلا أحد يتحدث في بلادنا عن ثورة ويتفق الجميع على التغيير السلمي"، هكذا جاء تقييم رئيس حركة مجتمع السلم المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين بالجزائر أبو جرة السلطاني، للحالة السياسية في بلاده في حوار لـ "الوطن".[Quote_1]
سلطاني الذي يخوض الانتخابات التشريعية المقررة 10 مايو المقبل ضمن تكتل الجزائر الخضراء أكد أن "على الأحزاب الإسلامية التي ألقت الثورات ببكرة الحكم في شباكها أن تتواضع لشركائها وتنفتح على غيرها لأن الشعوب لا تقدم لأحد صكا على بياض"، وإليكم نص الحوار:
ما هي أبرز التحديات التي تواجهكم في خوض الانتخابات التشريعية في 10 مايو المقبل؟
العزوف الانتخابي، وكثرة المرشحين من أهم التحديات بحيث سيجد الناخب نفسه أمام سيل من الأوراق الانتخابية على طاولة الاختيار بين البرامج والأحزاب والتوجهات، مما سيصعب العملية على المتعاطفين مع التيارات السياسية، ولاسيما ذات التوجه الإسلامي التي كثر عددها وتعددت قوائمها.
يرى البعض أن الشارع الجزائري لا يتعاطف مع الإخوان بعكس الحالة في مصر، فما رأيك؟
الشعب الجزائري شعب مسلم، وهو دائما يزكي التيار الإسلامي كلما كانت الانتخابات نظيفة ونزيهة، وهو لا يفرق كثيرا بين من هم "إخوان" ومن هم غير إخوان، ولكنه أميل إلى التعاطي مع تيار الوسطية والاعتدال الذي يمثله الإخوان في الجزائر.[Quote_2]
على مستوى النظام الحاكم ما هي التحديات التي تواجهكم الآن؟
ليست هناك تحديات ظاهرة لكن الثقافة السياسية مازالت محكومة بمنطق إداري جاف، يحاول أن يفرض آلياته على العمل وطريقة التعاطي مع التحولات، وبشكل عام يبدو أن الساحة السياسية بدأت تنفتح على خطاب جديد يتعامل معه النظام الحاكم بكثير من المرونة، ويبدي الاستعداد لقبول النتائج مهما كان لون الفائز بالانتخابات.
وكيف سيتعامل معكم النظام الحاكم بعد الفوز والهيمنة على البرلمان؟
منذ أحداث "الربيع العربي" يسعى النظام إلى توفير أجواء الخروج الهادئ والآمن ويكرس لثقافة التزكية الشعبية عبر صناديق الإقتراع الشفافة لأنه اقتنعت أن المصداقية يمنحها الشعب، وأن "تهميش" الإرادة الشعبية سيعرض الوطن كله للمحن.
إلى أي مدى تمثل الأحزاب الاشتراكية والعلمانية تهديدا لكم؟ً
حقيقة هناك تشكيلات لا تعتمد الإسلام مرجعية لها، وهي كثيرة لكن وزنها خفيف في الساحة مع أن صوت بعضها مرتفع بفعل الضخ الإعلامي، أو بسبب جهل الرأي العام بحقيقتها وانتماءاتها وايديولوجياتها، ولكن ليس هناك أي تهديد تمثله لا سياسيا ولا شعبيا، فهي موجودة بنسب مئوية متواضعة ووجودها يخدم التنوع ويثري النقاش السياسي، وكذلك التنافس الميداني الذي يسعى الجميع.
لماذا أنتم واثقين من الفوز في الانتخابات؟
لأننا شكلنا "تكتل الجزائر الخضراء" الذي يضم ثلاثة أحزاب إسلامية: حركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني وحركة مجتمع السلم، وذلك بهدف خوض الانتخابات بقائمة موحدة، وكل الأصداء التي وصلتنا وأيضا استطلاعات الرأي تصب في حظوظ الفوز الذي بات شبه مؤكد.
ما هي أبرز القضايا التي ستركزون عليها وترون أن لها أولوية خاصة؟
الأولوية الأساسية تعديل الدستور لإقرار نظام برلماني تنبثق منه الحكومة التي ستكون بدورها لها أولوية الاهتمام بالمواطن ومعيشته ومشكلاته بالتركيز على قطاع الخدمات وإقرار مبدأ الشفافية لإعادة بناء الثقة ونشر العدالة الإجتماعية وكسر الحواجز البيروقراطية بين الإدارة والمواطن.[Quote_3]
هل تعتقد إن بامكانكم حل مشاكل المواطن في ظل نظام بوتفليقة ودون تغيير جذري في النظام؟ بمعنى أخر هل تحتاج الجزائر لثورة كي تطهر نفسها؟
لا أحد في الجزائر يتحدث عن ثورة، بل الجميع متفقون على سلمية التغيير عن طريق الانتخابات وانتقال السلطة بسلاسة. والرئيس بوتفليقة يحظى بكامل الاحترام هنا وهو حريص على الخروج من الباب الواسع كما دخل سنة 1999 من أوسع الأبواب الرسمية والشعبية.
ماذا عن التيار السلفي، هل سيمثل مفاجأة لكم مثل ما حدث في مصر؟
التيار السلفي له وزنه العلمي وثقله الاجتماعي ووعاؤه السياسي الانتخابي، ولكنه لم يدخل المنافسات الانتخابية ولذلك نعتقد أن تصويته لأية تشكيلة سيرجح كفتها لاسيما أنه لم يعتمد حتى الآن أي حزب، وليس له مرشحون مستقلون.
هل تتواصلون مع بقية أفرع جماعة الإخوان في باقي الدول العربية؟
منذ أن اندلعت الثورات العربية دخلت كل تشكيلات الإخوان في اختيارات صعبة، وصار كل فصيل منشغلا بمشكلاته الوطنية. وقذف "الربيع العربي" بكرة الحكم في شباك التيارات الإسلامية ووجدت نفسها وجها لوجه أمام واقع جديد لم تعد تنفع معه خطابات التقديس والتدنيس لأنه واقع يطلب منهم تقديم الملموس ومواجهة الحقائق على الأرض. ومن حسن الحظ أن لإخوان الجزائر تجربة شبه ناضجة في إدارة شئون الحكم. ولكني اعتقد أنه على الأحزاب الإسلامية التي سلمتها الثورات العربية زمام الحكم أن تتواضع قليلا لمن حولها من الشركاء السياسيين والإقتصاديين والإجتماعيين، وتخفض للجميع جناح الذل من الرحمة، وتنفتح على غيرها حتى لا ينتقل الحكم من فردانية الحزب الحاكم إلى أحادية المعارضة الحاكمة باسم ثورة الشارع، فالشعوب لا تسلم لأحد صكا على بياض.
ما رأيك في تجربة الإسلاميين في مصر وتونس؟
مازال الحكم على هذه التجارب سابقا لأوانه، كون هذه التجارب لم تخرج بعد من بؤرة الصراع حول "التأسيس" لمنظومة حكم جديدة، وأعتقد أن الحكم على بناء معماري من خلال أساسه مجرد رجم بالغيب، فالأحزاب التي رفعتها شعوبها إلى سدة الحكم مازالت بحاجة إلى بعض الوقت للتقييم والتقويم.