أستاذ موارد مائية: يجب إنشاء مشروعات مع جنوب السودان لزيادة وصول الأمطار للنيل
الدكتور سامح أرمانيوس
قال الدكتور سامح أرمانيوس، أستاذ الموارد المائية بكلية الهندسة جامعة عين شمس، إنه لا بد من ترشيد استخدام مياه الرى فى مصر، ونشر سياسة الوعى المائى لدى جميع المواطنين، وخلق فرص تعاون مع دول حوض النيل وعلى رأسها جنوب السودان للاستفادة من المياه التى تهدر على أراضيها فى التبخر والتسرب، لعلاج مشكلة تناقص المياه فى مصر. وأضاف «أرمانيوس»، خلال حوار لـ«الوطن»، أن الفترة الأولى من ملء سد النهضة فى إثيوبيا هى التى تسبب خطراً على مصر ونخشى من انخفاض تدفق المياه خلالها، لكن وجود السد العالى سيحمى مصر من تلك المخاطر بسبب المخزون فى البحيرة خلفه. وطالب «أرمانيوس» الحكومة بإنشاء شبكات البنية الأساسية للرى بالرش أو التنقيط وتقديمها للمزارعين بسبب تكلفتها العالية، وقال إن الفدان يأخذ 50 متراً مكعباً من المياه فى اليوم للرى السطحى بينما يأخذ 30 متراً مكعباً فى الرى بالرش و20 متراً مكعباً فى الرى بالتنقيط.. وإلى نص الحوار.
ما السيناريوهات التى يمكن أن نطبقها لمضاعفة مياه النيل خلال الفترة المقبلة فى حال إتمام سد النهضة؟
- السيناريو الذى من المفترض أن نتبعه، هو ترشيد استخدام المياه، وأن يكون هناك استخدام أمثل للمتر المكعب من المياه أو لكمية المياه، لأننا نهدرها سواء فى الاستخدام المنزلى أو الزراعة، ولابد من الحفاظ عليها من خلال نشر سياسة الوعى المائى، ويجب على وسائل الإعلام أن تقوم بدورها فى زيادة الوعى المائى لدى جميع المواطنين.
«أرمانيوس»: سد النهضة سيؤدى إلى انخفاض تدفق المياه عند بدء ملئه
وماذا عن المشروعات المشتركة مع دول حوض النيل فى حال استكمال سد النهضة؟
- الأمل الكبير أن دولة جنوب السودان تمدنا بكمية المياه التى تهدر فى قلبها عبر التبخر والتسرب، ولابد من التفكير فى إقامة مشروعات مشتركة مع إثيوبيا وجنوب السودان تزيد من وصول أمطار الهضبة الاستوائية لمجرى النيل، وأود أن أوضح أن 85% من المياه التى تصل إلى السودان تأتى من إثيوبيا ولا يمكن أن يتم منعها عن مصر، لكن الخوف من شمال السودان أن تبدد فيه المياه التى تأتى إلى مصر، لكن فى النهاية لا مفر من التآخى بين الدول وتحقيق المنفعة المشتركة لحل أزمات المياه.
وماذا عن مشروع قناة جونجلى المقترح إنشاؤه للاستفادة من المياه؟
- هو مشروع للحفاظ على المياه التى تأتى من الهضبة الاستوائية بداية من حدود بحر الجبل بين أوغندا وجنوب السودان، والتى تنتشر فيها المياه وتتبدد على مساحة نحو 1000 كيلومتر مربع، وتسير مياه النيل فى هذه المنطقة مستبحرة يميناً ويساراً ولابد من تهذيب هذا القطاع من خلال إنشاء مجرى مائى صناعى وهى قناة «جونجلى» التى توفر من 8 إلى 10 مليارات متر مكعب من المياه سنوياً.
وما أزمات مياه الرى فى مصر؟
- أولاً: لا يوجد لدينا عجز أو أزمات متعلقة بالمياه، وذلك بسبب وجود ما يسمى بـ«البنك المركزى للمياه» وهو التابع للسد العالى وبحيرة ناصر ويوجد فيها ما يقرب من 162 مليار لتر مكعب من المياه، بالرغم من عدم تصريحات وزارة الرى بالنسبة التى يحتويها الخزان ولكنها نسبة كبيرة.
ثانياً: المياه التى تقوم بالتحرك فى السد العالى تخرج من أجل توليد الكهرباء ومن ثم تعود إلى أدراجها مرة أخرى بحساب معين طبقاً للاحتياجات المائية، وما نمر به خلال الفترة الراهنة هى فترة «السدة الشتوية» وهى الفترة التى لا يحتاج فيها المواطنون إلى المياه كما يحتاجون إليها فى فصل الصيف والخريف، بخلاف وجود الأمطار والسيول ما يقلل من نسبة احتياجات المواطنين من المياه.
ثالثاً: قلة منسوب المياه فى المجرى المائى أو الملاحى فى بعض الأحيان كان بسبب التأثر بالإطماء الذى بدوره يسبب شحط المراكب (قاع النيل يلامس قاع المركب) وبالتالى تحتاج إلى موجة من المياه حتى تستطيع المركب العودة مرة أخرى للإبحار، والناس فاكرة أن المياه فى مصر أصبحت قليلة ولكن فى الحقيقة لا توجد أزمات فى المياه، خصوصاً أن لدينا السد العالى أو خزانات المياه ولكنه بات من الضرورى المحافظة على منسوبها من المياه واستخدامها فيما لا يخل، ومن الضرورى تبصير المواطنين بأهمية المياه واستخدامها بوعى تام.
قناة «جونجلى» الصناعية توفر من 8 إلى 10 مليارات متر مكعب من المياه سنوياً
وما السيناريوهات التى ستواجهها مصر فى حال اكتمال سد النهضة فى إثيوبيا؟
- سد النهضة هو سد سنوى يقوم بحجز مياه الفيضان لتمريرها بكميات عبر السد لتوليد الكهرباء، وستأتى كمية المياه التى كانت تأتى خلال 3 أشهر ستأتى (آخر الشهر) بسبب وجود السد، وبالتالى فإنه بعد اكتمال إنشاءات سد النهضة وبدء عملية ملئه، ستبرز المشكلة فى الملء الأول للسد ونخشى من انخفاض تدفق المياه خلال تلك الفترة، لكن بوجود السد العالى لن يكون لدينا أزمة، وسبق أن اختبرنا السد العالى خلال الفيضانات القوية والضعيفة خاصة خلال الفترة من 1978 إلى 1987 عندما جاءت الفيضانات ضعيفة للغاية، وعوضنا هذا من مخزون السد بما يقرب من 40 ملياراً كل عام، ولم يتأثر المواطنون فى حين تأثر ما يقرب من مليون رأس ماشية فى إثيوبيا بسبب عدم وجود فيضانات حينها، وفى عام 1999 عندما جاء فيضان قوى تخلصت مصر من 40 مليار متر مكعب من المياه عبر البحر الأبيض المتوسط وفى مشروع مفيض توشكى وهذا يعنى أننا قمنا باختبار السد العالى بالفيضانات القوية والضعيفة أيضاً، وفى ظل وجود السد العالى لا يوجد أى مشكلة من سد النهضة، والدكتور محمد عبدالعاطى وزير الموارد المائية والرى يقوم منذ فترة بإنشاء مشاريع للتحلية بمياه البحر والمياه الجوفية.
وما حجم مياه الرى والصرف فى مصر؟
- كلمة الصرف تعنى المياه الزائدة على رى المشروعات الزراعية ولو كان مقدار الصرف صفراً، إذاً أنا أروى بطبيعة 100% وكمية الرى التى تروى فداناً بطريقة سطحية تروى من 2.5 إلى 3 أفدنة بأسلوب التنقيط وأساليب الرى الحديثة لا تستهلك الكثير من المياه مثل الرى السطحى، حيث يجب ترشيد المياه واستخدامها وإعادة استخدام الرى الزراعى مرة واثنتين وثلاثاً ومعالجة المياه، وهو من شأنه سيقوم بتوفير 7 أو 8 مليارات متر مكعب من المياه فى العام الواحد، وإذا قررنا إعادة التدوير أيضاً ستأتى بثلاثة أرباع الكمية المهدرة من مياه الاستحمام وما إلى ذلك، وهو ما يعتبر مكسباً حقيقياً فى تخفيض نسبة المياه، فكمية المياه التى تستخدم فى الرى بالتنقيط تمثل ثلث المياه التى تستخدم فى الرى السطحى، والرى بالرش أفضل من الرى السطحى، فلو الفدان يأخذ 50 متراً مكعباً فى اليوم للرى السطحى يأخذ 30 متراً مكعباً فى الرى بالرش و20 متراً مكعباً فى الرى بالتنقيط.