دمياط.. انعدام الرقابة الشعبية فتح الباب أمام «عصابات منظمة» لنهب أملاك الدولة
إزالة التعديات والقبض على المعتدين
أرجع العديد من أبناء محافظة دمياط تعدد وقائع التعدى على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة خلال السنوات الماضية، فى ظل غياب الرقابة والبيروقراطية بالمؤسسات الحكومية، فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، إلى غياب المحليات، ولعل من أبرز جرائم الاستيلاء على أملاك الدولة، التى شهدتها المحافظة، التعدى على أرض بحيرة «تنيس» من قبل مافيا تقسيم الأراضى، وتعدى عدد من المواطنين على 7 أفدنة غرب جامعة دمياط، وهى المساحة المخصصة لإقامة مشروع «سكن مصر» بمدينة دمياط الجديدة، إلى أن تمكنت أجهزة الدولة، قبل أيام، من استعادة الأرض المتعدى عليها فى دمياط الجديدة.
وأعرب «محمود رجب»، أحد أهالى «السيالة»، عن استيائه بسبب تعدد جرائم التعدى على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة من قبل بعض «ضعاف النفوس»، فى ظل غياب الرقابة، وضرب مثالاً على ذلك بالعدوان على حوض بحيرة «تنيس»، البالغ مساحتها 107 أفدنة، حيث فوجئ أهالى المنطقة بزراعة أعمدة كهربائية، بعد قيام «مافيا الأراضى» بالاستيلاء عليها فى أعقاب ثورة يناير، وتأسست شركات مدعومة من جماعة «الإخوان» للمتاجرة بتلك الأراضى، بمساعدة عدد من العاملين بالزراعة وهيئة أملاك الدولة، على حد قوله.
«محمود»: طالبت بالتحقيق فى تعدى مافيا الأراضى على بحيرة «تنيس» فردَّ رئيس المدينة: «هات الدليل» و«أشرف»: الفساد متوحش ولا يوجد من يبتره.. و«الحصى»: تأخر إزالة بعض التعديات لحين إنهاء الدراسات الأمنية
واستطرد قائلاً إن «قرية السيالة لا يوجد بها سوى مدرستين، يتكدس الطلاب فى فصولهما، وبعد مناشدتنا للمحافظ إقامة مزيد من المدارس، وعدَنا باستبدال أرض تخص الأوقاف وتسليمها لهيئة الأبنية التعليمية، لإقامة مدرسة عليها، إلا أنه لم يتم شىء من ذلك، وأضاف أنه «منذ 5 سنوات ولا نعلم أين ميزانية القرية؟.. وما أوجه إنفاقها؟»، مشيراً إلى أن أهالى القرية، البالغ عددهم نحو 50 ألف مواطن، يعانون العديد من المشاكل نتيجة غياب المحليات، ومنها تهالك الأعمدة الكهربائية، دون وجود خطة لصيانتها، مما ينذر بخطر كبير على الأهالى، وكذلك عدم استكمال مشروع الصرف الصحى، الذى بدأ العمل به قبل 6 سنوات».
كما أشار «رجب» إلى تزايد التعديات على أملاك الرى خلال الـ6 سنوات الأخيرة، حيث قام بعض المواطنين بردم مساحات من ترعة «السيالة»، وبناء ورش وعمارات عليها، تحت نظر المسئولين فى الرى والوحدة المحلية، مما تسبب فى تبوير مئات الأفدنة، لا تصل مياه الرى إليها، الأمر الذى اضطر كثيراً من المزارعين إلى الاعتماد على مياه الصرف الصحى لرى زراعاتهم، أو ترك أراضيهم دون زراعة.
ومن جانبه، قال رئيس مجلس مدينة دمياط، اللواء هشام عثمان، لـ«الوطن»، إنه أصدر تعليماته بإزالة جميع التعديات على أرض بحيرة «تنيس»، مشيراً إلى أن تلك التعديات تمثلت فى وضع عمود كهربائى، وبناء «كشك» بالمخالفة، وأضاف أن القضية متداولة فى المحكمة، وهناك تعليمات مشددة من محافظ دمياط، الدكتور إسماعيل عبدالحميد، بإزالة التعديات فوراً.
أما «أحمد العشماوى»، منسق القوى السياسية والشعبية فى دمياط، فقد أكد أن غياب المجالس المحلية المنتخبة أدى إلى فتح الباب على مصراعيه لنهب أراضى الدولة، لافتاً إلى قيام ما وصفها بـ«عصابات منظمة» بالاستيلاء على الأراضى تحت مسمى شركات تقسيم الأراضى، والتى باعتها بالمليارات لصالحها، مشيراً إلى واقعة تجفيف مساحات تُقدر بنحو 107 أفدنة و9 قراريط بأرض بحيرة «تنيس»، فى قريتى «العنانية» و«السيالة»، وإعادة بيعها للمواطنين بعقود مزورة، بالإضافة إلى الاستيلاء على قطع أراضٍ أخرى بقرية «شط جريبة»، معتبراً أن هناك «غيرها الكثير من الحالات، التى تُعد خير شاهد على نهب أراضى الدولة».
وتابع «العشماوى» قائلاً إنه «لو كانت هناك مجالس محلية منتخبة، لكانت حائط الصد الأول فى كشف هذه العصابات، والحفاظ على أراضى الدولة»، مضيفاً أن هناك أراضى تابعة لوزارة الرى بقرية «عزب النهضة»، تم التعدى عليها من قبل أشخاص عقب ثورة يناير، وقاموا باستغلالها بوضع ميزان «بسكول» بها، ولم تتمكن أجهزة الدولة، حتى الآن، من استرداد تلك الأراضى، كما أن بعض مساحات الأراضى كانت مؤجرة لمواطنين، وسرقت من خلال بعض الحقوقيين، الذين يعملون لصالح «سماسرة» الأراضى، كواجهة للتستر خلفها.
وأشار «أشرف أبوعطية»، عضو سابق بمجلس محلى مركز دمياط، إلى أن غياب المحليات كان سبباً فى العديد من التأثيرات السلبية، لافتاً إلى توقف تخصيص الأراضى المملوكة للدولة لبناء المدارس الحكومية والمستشفيات، التى تم تخصيصها فى عهد مبارك، ولم ينفذ أى مشروع منها منذ سنة 2010، وأضاف أن «الفساد ما زال قائماً فى جميع المؤسسات، فى ظل غياب الرقابة»، وضرب مثالاً على ذلك بقطعة أرض تقرر تخصيصها لبناء دار مناسبات، خلف الوحدة المحلية بقرية «الخياطة»، ولكن لم يتم البدء فيها حتى الآن، وكذلك أرض «مزرعة البط»، تم بيعها فى عهد مبارك، وأيضاً قطعة أرض بجوار المزرعة، تم تخصيصها لبناء مستشفى ومدرسة ومشرعات خدمية أخرى، وقطعة أرض أمام المقابر، ملك الدولة، تعدى عليها بعض الأشخاص، بخلاف العجز فى عدد المدارس، وبسبب غياب المحليات تقرر تخصيص قطع أراضٍ لعدة مشاريع دون تنفيذ على أرض الواقع، وشدد على أنه «فى ظل غياب المحليات بات الفساد متوحشاً، ولا يوجد من يبتره».
وبدوره قال المهندس محمد الحصى، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن غياب المجالس المحلية لا يمثل «مشكلة»، حيث حلت الإدارة المحلية محلها وقامت بدورها، ولم يتم تعطيل أى مشروع، لافتاً إلى أن تأخر إزالة بعض التعديات يرجع أحياناً إلى حين الانتهاء من الدراسات الأمنية، بسبب وقوع بعض المشاكل بين الأهالى المتعدين والجهة الإدارية المكلفة بإزالة التعديات.