رئيس جامعة إسلسكا الفرنسية: قدمنا للحكومة 70 مليون جنيه «منحة» لتدريب وتعليم 1500 موظف
الدكتور على المليجى
قال الدكتور على المليجى، رئيس الجامعة الفرنسية للعلوم الإدارية «إسلسكا»، إن الجامعة تسعى لتحديث الجهاز الإدارى للدولة ليصبح جهازاً عصرياً كما هو الحال فى أكثر بلاد العالم تقدماً، لافتاً إلى أن الجامعة قدمت منحة للحكومة المصرية بقيمة 70 مليون جنيه لتدريب وتعليم 1500 موظف ومنحهم «الماجستير والدكتوراه والدبلومة» فى العلوم الإدارية، ما سيعود بالإيجاب على هذا الجهاز الذى اعتبره قادراً إذا ما توافرت له الإرادة السياسية أن ينفض عن كاهله غبار السنين و«يصنع المعجزات». وأضاف المليجى فى حوار لـ«الوطن» أن فرع الجامعة الفرنسية فى القاهرة تم افتتاحه عام 2016 بدعم الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصياً.. وإلى نص الحوار:
الدكتور على المليجى لـ«الوطن»: الرئيس «السيسى» أول من دعمنا
الجهاز الإدارى للدولة قادر على أن ينفض عن كاهله غبار السنين و«يصنع المعجزات» إذا توافرت له الإرادة السياسية
متى بدأت جامعة «إسلسكا» عملها فى مصر؟ وما مجال عملها بالتحديد؟
- منذ عام 2016 تم إنشاء فرع الجامعة الفرنسية للعلوم الإدارية «إسلسكا» فى مصر، وكان ذلك بمثابة شكل تأسيسى أو مؤسسى لبرنامج العلوم الإدارية، وهنا أود أن أوضح شيئاً مهماً وهو أن نظام التعليم فى مصر يختلف عن النظام الفرنسى، ففى فرنسا مثلاً يعد التعليم الجامعى أدنى مستوى تعليمى إدارى ثم تليه المعاهد، بينما تعد المدارس العليا هى أعلى مستوى تعليمى فرنسى، و«إسلسكا» بهذه المعنى مدرسة عليا طبقاً للنظام الفرنسى، وبما أنه فى مصر لا يوجد ما يسمى بـ«المدارس العليا» فقد أطلق عليها «الجامعة الفرنسية للعلوم الإدارية» فى مصر.
كيف تمت الموافقة على إنشاء فرع الجامعة الفرنسية فى مصر؟
- فى الحقيقة من أعطى الدفعة الأولى لإنشاء الفرع فى القاهرة هو الرئيس عبدالفتاح السيسى، مشكوراً، حيث طلب الرئيس الاطلاع على البرنامج وسأل عن مدى الاستفادة منه وكم شخصاً استفاد بالفعل، فالانطلاقة أتت من عند الرئيس، ثم تولى وزير التعليم العالى استكمال المسيرة، إلى أن وصلنا إلى صيغة معينة بمقتضاها سنقوم بتعليم كوادر الحكومة بمنحة قدرها 70 مليون جنيه، مقابل أن تكون الجامعة فرعاً للجامعة الفرنسية فى مصر.
ما أهمية هذا البرنامج الإدارى، خاصة أن مصر لديها مستشارون للوزراء يتولون هذه المهمة بالفعل؟
- مستشارو الوزراء كنا نأتى بهم من خلال برنامج الأمم المتحدة أو برنامج المساعدة الأمريكية، ولما جمعنا عدد هؤلاء المستشارين حينما تحققت نسبة نمو فى الاقتصاد المصرى بلغت 7% كان عددهم يبلغ نحو 1200 مستشار، تلقى كل منهم تعليماً وتدريباً جيداً، وتلقوا مرتباتهم من الجهة المانحة وليس من موازنة الدولة، كما ردد البعض، وتسبب ذلك فى أزمة برلمانية فى حينها.
لماذا لم ترد الحكومة حينها على أزمة تعيين مستشارين للوزراء بما قلته للتو؟
- هذا الموضوع مر بمرحلتين، الأولى حيث كنت مسئولاً عنه أيام رئيس الوزراء الراحل الدكتور عاطف صدقى، وكنت نائب مدير الوحدة التنفيذية للمعونة الإنمائية، وآنذاك كنا نعمل على رفع قدرة الهيكل الإدارى للدولة ونهدف إلى تدريب خبراء يدربون من تحتهم فى السلم الوظيفى، لكنهم لم يكونوا مقتنعين بذلك، لكننا نجحنا فى النهاية، ثم فى المرحلة الثانية قلت المنح وأصبحت فى طريقها للتوقف، ومن هنا تقدمت بمشروع للدولة يقوم على الاستعانة بمستشارين مدربين على أعلى مستوى فى الناحية الإدارية مؤهلين بالعلم واللغة.
ما فلسفة عمليات تدريب هؤلاء المستشارين؟
- الأمر ببساطة إنه مينفعش أجيب موظف متخرج من تعليم مصرى كلنا نعلم مستواه، ونطالبه بأن يقوم بنفس دور الموظف الذى تخرج فى جامعات عالمية، وتلقى تعليماً على مستوى عال، ومن هنا قمنا بعمل نظام يدّرس «الحوكمة» لكل الفئات والجهات، ويقوم البرنامج على فكرة التدريب من أعلى إلى أسفل وليس العكس، حتى يستطيع القائد أن ينقل رؤيته وأفكاره لمن دونه فى المستوى الوظيفى.
نعمل على تدريب شبابنا وموظفينا بأنفسنا بدلاً من اللجوء إلى المعونات
هل هناك أوجه للتعاون بين الجامعة وبعض الهيئات أو الوزارات الحكومية؟
- نعم، فقد وقعنا بروتوكول تعاون مع وزارة التخطيط يتم بمقتضاه تقديم الجامعة منحة بقيمة 70 مليون جنيه لتدريب ما يقرب من 1500 موظف فى جهاز الدولة الإدارى على 10 دفعات.
كيف يتم اختيار الموظفين الذين تقومون بتدريبهم وفق هذه المنحة؟
- نحن لا نأخذ أى موظف اعتباطاً لندربه، ولكننا نأخذ الـ90 موظفاً الأوائل، ثم يتم عمل اختبار نفسى لهم، وعندما يدخلون الفصل الثانى تتم تصفيتهم إلى 30 موظفاً فقط يكملون «الماجستير» بناء على اللغة والنتيجة، فمن لا يملك لغة لن ينجح، ثم يتخرج الـ30 موظفاً بدرجة لا تقل عن أى مستوى إدارى عالمى، أما من فشل فى مراحل التدريب فمنهم من يتقدم لنيل درجة «الماجستير» أو الدبلومة على نفقته الخاصة ونقوم بعمل خصم لهم بنسبة 50%، وذلك نتيجة شعورهم بأهمية هذه الدورات، لأن الخريج يستطيع أن يعمل فى أى مكان بثلاثة أضعاف الراتب الذى يتقاضاه من الحكومة.
ما مشاكل الجهاز الإدارى فى مصر من وجهة نظرك؟
- قبل الإجابة عن هذا السؤال يجب أن نعرف تاريخ هذا الجهاز، فمصر مجتمع مرت عليه آلاف السنين، وعلى الرغم من تغيير لغته وديانته 4 مرات، إلا أن حضارته ممتدة ومستمرة دون انقطاع، ويعزو المؤرخون ذلك إلى الجهاز الإدارى البيروقراطى الذى أنشأه الفراعنة الأوائل بغية إحكام السيطرة على مقاليد الدولة المصرية، وهذا الجهاز الذى يبدو فى بعض الأحيان أنه يعانى من الترهل وينخر الفساد فى عظامه، غير أنه قادر إذا ما توافرت له الإرادة السياسية أن ينفض عن كاهله غبار السنين، ويحول سلبياته إلى طاقات قادرة على صنع المعجزات.
وماذا عن موقف جهاز الدولة الإدارى من خطط التنمية؟
- لا شك أن التساؤل المنطقى هو: كيف استطاعت الحكومة فى ظل هذا الجهاز تحقيق نسبة نمو وصلت إلى 7% فى النصف الأخير من العقد السابق، الحقيقة أن الحكومات المصرية اعتمدت خلال العقدين السابقين على توفير معونة من الجهات المانحة تسمح بالتعاقد مع استشاريين يتم استقدامهم من القطاع الخاص والدولى، وبالرغم من أن هذا الحل كان مؤقتاً إلا أنه لم يكن ناجعاً لضمان استمرار النهوض والتطور، وأصبح هذا هو التحدى المطروح أمام الحكومة الحالية وأمام مصر الآن، وبالتالى فإن فكرتنا تقوم على أنه بدل استخدام المعونة واللجوء إليها نقوم بتدريب شبابنا وموظفينا بأنفسنا.
هل هناك برامج مشابهة تم تمويلها من جهات مانحة؟
- نعم، أول دفعة تخرجت منذ نحو 4 سنوات مولتها الأمم المتحدة بقيمة 3 ملايين جنيه، والدفعة الثانية مولتها وزارة التخطيط، ثم تحدثنا مع الحكومة وعرضنا توفير 70 مليون جنيه لتدريب موظفين حكوميين على 10 دفعات لمدة 4 سنوات، تشمل 1500 موظف بواقع 300 ماجستير 600 دبلومة و600 شهادة تدريب.
هل هناك علاقة بين الجامعة والبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب؟
- سننقل لـ«الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب» التى قرر الرئيس عبدالفتاح السيسى إنشاءها، البرنامج الخاص بنا فى الجامعة للتدريب، وسنوفر منحاً للدكتوراه فى إدارة الأعمال ليكون هناك أعضاء هيئة تدريس، ونؤهلهم لذلك.
وماذا عن القطاع الخاص؟
- تم تدريب 5 آلاف موظف بالقطاع الخاص، وبالرغم من أن رسوم البرنامج تبلغ 120 ألف جنيه، لكن مع ذلك كثيرون يأتون لأن ذلك يمثل استثمار الشخص فى نفسه، كما يعلم المردود من ذلك.
«المليجى» يتحدث لـ «الوطن»