نقص «الألبيومين» يهدد حياة مرضى الكبد.. والمستشفيات تحذر من «الغيبوبة»
مرضى الكبد يعانون للحصول على «الألبيومين»
يعانى مرضى الكبد الذين يحتاجون إلى حقنة الألبيومين مُرّ المعاناة بسبب عدم توافر هذا الدواء بالصيدليات، وبالتالى لا يوجد حل أمامهم للحصول على هذه الحقنة سوى قسم أمراض الكبد بمستشفى قصر العينى الذى يعج بالزحام الشديد من المرضى والمرافقين لهم، فمن خلال ممر كبير يصل إلى باب قسم أمراض الكبد يتزاحم المرضى الذين افترشوا الطرقات داخل المستشفى، بعضهم جاء بحثاً عن حقنة الألبيومين المعروفة لعلاج بعض حالات مرضى الكبد، وآخرون غلبهم المرض ويبحثون عن سرير يريحون عليه أجسادهم الهزيلة التى هدّها المرض بحثاً عن الراحة من الآلام المتواصلة.
وحيداً شارد الذهن يجلس «محمد. أ»، 55 عاماً، على أحد الأسرّة داخل المستشفى بعد أن تغير بياض عينيه ووجهه إلى اللون الأصفر الباهت، وبدأ الرجل الخمسينى يحكى بصوت متقطع معاناته مع المرض قائلاً: «أُصبت بتليف فى الكبد من 5 سنوات، وكل ما يتنفخ جسمى بالميّه ويزيد تعبى الدكتور بيكتب لى حقنة الألبيومين، وللأسف مش موجودة فى أى مكان ولازم يحجزونى فى المستشفى علشان آخدها».
«عقار الألبيومين المختفى يمثل أزمة كبيرة لبعض حالات مرضى الكبد ممن يعانون من نقص الألبيومين بالجسم، وحتى لم ينجُ منه أقارب بعض العاملين بالمستشفى»، هكذا قالت دعاء نصر، إخصائية تحاليل، متذكرة ما حدث لخالها، حيث قالت بحزن شديد: «خالى دخل فى غيبوبة بسبب زيادة الماء فى جسمه واحتاج لجرعة ألبيومين، وللأسف رفضوه فى مستشفى قصر العينى والفرنساوى، فذهبنا به إلى مستشفى الملك فهد بعد أن تدهورت الحالة وأصيب بسرطان الكبد ومات هناك».
«محمد»: «الحقنة مش موجودة ولازم أتحجز فى المستشفى».. و«عايدة»: أحتاج 3 حقن بـ1900 جنيه يومياً.. وطبيبة: الجرعات محدودة بسبب النقص.. و«عبده»: احتكار الصيدليات الكبرى يرفع الأسعار
ويؤكد مصدر مسئول بالقصر الفرنساوى، طلب عدم ذكر اسمه، أن نقص عقار الألبيومين يتسبب فى دخول حالات كثيرة من مرضى الكبد إلى الرعاية المركزة، حيث يؤدى نقصه فى الجسم إلى حدوث مضاعفات كبيرة، مشيراً إلى وفاة 9 حالات خلال شهر أكتوبر بسبب نقص هذا العقار.
وتقول عايدة صالح، 85 عاماً، إنها أصيبت قبل 30 عاماً بفيروس «سى»، مما أدى بشكل تدريجى إلى نقص الألبيومين، وتابعت: «الحقنة مش متوفرة ولما بنلاقيها بيكون سعرها غالى جداً، آخر مرة اشتريتها كانت بسعر بـ545 جنيهاً، ومعاشى مابيكفيش حتى مصاريف العلاج، الجرعة المحددة لى فى اليوم تكلفتها بتوصل لـ1900 جنيه»، مؤكدة عدم تناولها للجرعة المطلوبة بانتظام، مما يسبب لها تورماً شديداً فى الجسد وزيادة فى نسبة المياه، وقد تدخل فى غيبوبة مثلما حدث لها منذ شهور.
«عم عمر» حاله لم يختلف عن سابقيه، حيث بدأت معاناته منذ 15 سنة بسبب علاج القلب والكلى اللذين أثّرا على كفاءة الكبد وأدى إلى حدوث تليف، وبالتالى قلّت نسبة الألبيومين، ودخل فى غيبوبة لمدة خمسة أيام، ثم تحسنت حالته تدريجياً بعد تناوله عقار الألبيومين مشيراً إلى أن سعر الحقنة يتفاوت من صيدلية لأخرى فعلى حد قوله: «بعض الصيدليات بتبيع العبوة بـ700 جنيه وبعضها بـ800 وأنا عندى 66 سنة ومعاشى 1200 جنيه وباحتاجه دايماً، يا ريت الدولة توفره بسعر رخيص، أنا اتحرمت من أكل حاجات كتيرة بسبب المرض ده، زى الألبان واللحوم والأسماك والموالح، نفسى آكل ومش عارف».
وأكدت الدكتورة «س. م»، مسئولة بمستشفى قصر العينى، أنهم يعانون من نقص شديد فى حقن الألبيومين، مضيفة: «المريض المفروض ياخد 3 جرعات فى اليوم بياخد واحدة بس، وأحياناً يضطر المريض لشرائه من خارج المستشفى، والمشكلة إنه بيسبب حساسية، ويمكن أن يؤدى للوفاة بعكس الموجود هنا»، موضحة أن الألبيومين يُستخدم لعلاج حالات تليف الكبد أو إصابة جزء منه، مما يؤدى إلى قلة إفراز هذه المادة كما يُستخدم أيضاً لتحسين وظائف الكلى.
واستكملت حديثها قائلة: «نحتاج كميات كبيرة منه فى عمليات البزل التى تعنى تقليل كمية الماء المحبوسة داخل الجسم، وإذا لم يُعطَ المريض الجرعة يمكن أن تتجمع المياه على القلب أو الرئة وتؤدى للوفاة».
من جانبه قال محمد عبده، صيدلى بمنطقة شبرا، إن حقن الألبيومين غير متوفرة بالصيدليات الصغيرة نظراً لاحتكار بعض الصيدليات المعروفة استيرادها وعدم تدخل وزارة الصحة فى الاستيراد والتوزيع على الصيدليات، وهو ما أدى إلى التلاعب فى سعرها ليتراوح ما بين 500 و800 جنيه.