ما إن تطأ قدماك أرض شارع فؤاد، أقدم شوارع الإسكندرية وأعرقها، حتى تجد نفسك فى سوق تجارية عشوائية، أولها بائعة فجل وجرجير وآخرها «مقاهى» ترص كراسيها فى الخارج وتزيد من الفوضى التى يغرق فيها الشارع.
شكاوى عديدة قدمها سكان الشارع للقضاء على الإهمال الذى يسببه الباعة الجائلون، كان آخرها رقم 320/ 2 بتاريخ 22/10/2017 حى وسط، للمطالبة بإزالة الإشغالات ولكن لا حياة لمن تنادى.
مبانٍ فخمة مشيدة على الطرازين اليونانى والإيطالى يجلس أسفلها باعة الخضار والأوانى المعدنية، فيلات وقصور تنتشر بطول الشارع أمامها العديد من الإشغالات التى تسبب فوضى، مراكز ثقافية مهمة كدار الأوبرا والمتحف القومى، تجاور مقاهى وكافيهات تتصاعد منها الأبخرة ودخان الشيش.
وبحسب محمد عرابى، صاحب إحدى أقدم صالات بيع التحف والأنتيكات فى الشارع، فإن «الشارع يمثل تحفة فنية معمارية، تشهد على تاريخ الإسكندرية، خاصة أن غالبية مبانيه يعود نمط بنائها إلى مدارس معمارية أوروبية متميزة، الأمر الذى جعله كبستان يجمع أجمل أصناف الورد».
ووفقاً لقول «عرابى» فإنه «من غير المنطقى أن تتعامل الأجهزة المحلية مع شارع فؤاد كأى منطقة أخرى، لأنه يمثل مرآة للإسكندرية أمام الأجانب والسائحين، لأنه الوحيد الذى يجمع بين تحف معمارية تعبّر عن أزمنة متعددة، بدءاً من الفتح الإسلامى لمصر، مروراً بالوجود الفرنسى والإنجليزى واليونانى والإيطالى فى المدينة».
وطالبت روحية عبدالعزيز، من سكان الشارع، بالاهتمام به بشكل خاص، باعتباره «ألبوم صور يجمع كل الثقافات والأعراق» التى مرت على المدينة.
الدكتور محمد عوض، رئيس لجنة حماية التراث بمحافظة الإسكندرية، قال إن شارع فؤاد كان يطلق عليه اسم شارع «السُلطة»، نظراً لاحتوائه على مبانى إدارة المدينة، مؤكداً أن «الأمر لا يتعلق فقط بالأهمية الرسمية، بل يحتوى الشارع على دار الأوبرا فى مسرح سيد درويش، ومركز الحراسة البريطانية الذى تحول إلى قسم شرطة العطارين، وصالة الشاى التى تحولت لمطعم، وغيرها من المبانى ذات القيمة التراثية العالية».
وبحسب «عوض» بدأ الإهمال يطرق أبواب الشارع مع أول قرار رسمى يسمح بإنشاء مقهى فى الشارع سنة 2006، ما فتح الباب أمام انتشار العديد من المقاهى والكافتيريات العشوائية التى بدأت تغتال القيمة التاريخية للشارع، فى ظل غياب الصيانة الدورية، وتزايد الإشغالات فى نهر الشارع وعلى الأرصفة، وازداد الأمر سوءاً بعد «ثورة 25 يناير 2011»، حيث استغل العديد من المقاولين الوضع فى العبث ببعض العمارات ذات الطابع المميز، فقاموا بهدمها وبناء أبراج سكنية مكانها.
تعليقات الفيسبوك