مأساة محمود فى اختبارات التوظيف: الـ«cv» ينجّحه.. والكرسى المتحرك يسقّطه
«محمود» على كرسيه المتحرك
مقابلة عمل.. استعد لها الشاب ابن الـ25 عاماً بلهفة، يحسب الأيام والساعات ويرتب الجمل والكلمات ليظهر فى أفضل صورة. سيرته الذاتية التى أرسلها إلى الجهة التى تطلب مهندساً أهّلته لتلك المقابلة، لكن كرسياً متحركاً يجلس عليه حال دون قبوله، لتكون دراسته وشهادته الجامعية فى الهندسة والمنح التى حصل عليها رغم مرضه بـ«العظام الزجاجية» لا قيمة لها.
كل صباح كان «محمود عباس» يخرج برفقة والده ذهاباً وإياباً إلى المدرسة، حتى حصل على الشهادة الثانوية بتقدير 94%، وكان المجموع مناسباً لدخول كلية الهندسة بجامعة حكومية، لكن مرض الشاب دفع والده لإدخاله كلية خاصة تناسب ظروفه، يتعامل فيها مع الحاسب الآلى أكثر من اللوحات والمقاعد المخصصة للرسم، ليُنهى دراسة هندسة الميكاترونيات والروبوتات بتقدير عام جيد: «كنت مبسوط ومنفتح على الحياة، رغم مرضى، كنت مؤمن إن فيه حاجة حلوة هتحصل لاجتهادى»، يحكى الشاب الذى طرق أكثر من باب بعد تخرجه رُفض فيها لا لشىء سوى أنه يجلس على كرسى متحرك: «دراستى تخلينى أشتغل من على الكمبيوتر كويس جداً، ومعايا منحة (آى تى آى) من وزارة الاتصالات كمان».
حصل على هندسة الميكاكرونكس ومريض بـ«العظام الزجاجية»
مرض الشاب يجعله قعيداً على الكرسى، فأى حركة غير محسوبة ستؤدى إلى تهشم عظامه وتعرضه لكسور متعددة، ورغم ذلك فإن والده لم يمنع عنه التعليم ليصير متميزاً مثل بقية إخوته: «عندى أخ مهندس وأخت مهندسة حاسبات ومعلومات، وأنا برضه دخلت هندسة بس فى الآخر شهادتى مانفعتنيش» قالها محمود، الذى كان والده يصطحبه فى سيارة اشتراها خصيصاً له ويتحرك بها لمسافة 50 كيلو داخل أسيوط للوصول إلى جامعته التى تبعد عن مقر إقامته: «تعبنا وشقينا عشان أخلص كليتى وفى الآخر أترفض لمجرد إنى قاعد على كرسى».
خطابات إلى وزارة القوى العامة، ووزارة البترول ومجلس الوزراء، أرسلها والده، علَّ أحداً يستجيب له، وفى النهاية حصل على خطاب من وكيل وزارة القوى العاملة بأسيوط لإحدى شركات البترول، ليكون ضمن الـ5% من ذوى الاحتياجات الخاصة، لكنه وحتى اللحظة لم يتلق رداً، ليقول والده: «ابنى متميز ومن حقه يشتغل زى ما ذاكر واجتهد».