من الإسكندرية إلى أسوان: 5 منتديات طرحت قضايا الصعيد و«القناة» ووجه بحرى
الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال مشاركته فى أحد مؤتمرات الشباب «صورة أرشيفية»
دشن الرئيس عبدالفتاح السيسى 5 مؤتمرات للشباب خلال عام واحد، وجاءت البداية من مدينة السلام «شرم الشيخ» فى ٢٥ أكتوبر من العام الماضى، بافتتاح المؤتمر الوطنى الأول للشباب، ثم انتقلت الفكرة إلى 4 محافظات، تمثل مختلف قطاعات الجمهورية، فشهدت القاهرة المؤتمر الثانى للشباب، وشهد صعيد مصر المؤتمر الثالث للشباب الذى عقد فى أسوان، ومن وجه قبلى إلى مدن القناة شهدت الإسماعيلية المؤتمر الرابع للشباب، ثم انتقلت رحلة المؤتمر فى محطتها الخامسة إلى وجه بحرى لتشهد مدينة الإسكندرية المؤتمر الخامس للشباب.
فى مؤتمر شرم الشيخ شارك نحو ٣ آلاف شاب مثلوا كافة شرائح وقطاعات الشباب المصرى من شباب الجامعات والرياضيين والمثقفين وشباب الأحزاب والعمل السياسى، إلى جانب الذين اشتركوا فيه عبر التسجيل على الموقع الإلكترونى للمؤتمر، وتضمن المؤتمر الذى استمر على مدى ٣ أيام، عقد سلسلة من ورش العمل الفرعية التخصيصة، ومعرضاً فنياً، وورشة اكتشاف المواهب، وعقد أكثر من ٢٣ جلسة عامة شملت محاور السياسة والاقتصاد والثقافة والفنون والرياضة وريادة الأعمال، وانتهى المؤتمر بـ7 قرارات أعلنها الرئيس فى الجلسة الختامية، هى: تشكيل لجنة وطنية لإجراء فحص شامل ومراجعة لموقف الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، ولم تصدر بحقهم أى أحكام قضائية، وإعـداد تصور سياسى لتدشين مركز وطنى لتدريب وتأهيل الكوادر الشبابية سياسياً واجتماعياً وأمنياً واقتصادياً، وعقد مؤتمر شهرى للشباب يتـم خلاله عرض ومراجعة موقف جميع التوصيات والقرارات الصادرة عن المؤتمر الوطنى الأول للشباب، وعقد حوار مجتمعى شامل لتطوير وإصلاح التعليم خلال شهر على الأكثر يحضره جميع المتخصصين والخبراء بهدف وضع ورقة عمل وطنية لإصلاح التعليم خارج المسارات التقليدية، ودعوة شباب الأحزاب والقوى السياسية لإعـداد برامج وسياسات تسهم فى نشر ثقافة العمل التطوعى، وتكليف الحكومـة بالتنسيـق مـع مجلـس النواب للإسراع بالانتهـاء من إصدار التشريعات المنظمة للإعلام والانتهاء من تشكيل الهيئات والمجالس المنظمة للعمل الصحفى والإعلامى، وعقد حوار مجتمعى موسع يضم المتخصصين والخبراء والمثقفين لوضع استراتيجية شاملة لترسيخ القيم والمبادئ والأخلاق ووضع أسس سليمة لتصويب الخطاب الدينى.
خبراء وسياسيون يطالبون باستمرارها ويؤكدون: «لم تتحول إلى مكلمة سياسية.. ومن أهم الإنجازات بعد ثورتين.. وتعطى رسالة بأن مصر تتحرك إلى الأمام»
وبعد شهرين فى شهر ديسمبر من العام، استضافت القاهرة المؤتمر الدورى الأول للشباب الذى شهد متابعة النتائج التى أسفر عنها مؤتمر شرم الشيخ، وعقدت جلسات عمل حول قضايا التعليم والاقتصاد والوعى السياسى، وانتهى المؤتمر إلى عدة قرارات، أهمها تكليف الحكومة بإعداد مشروع لتعديلات قانون التظاهر، والتوجه بطلب إلى مجلس النواب لإعادة مناقشة قانون الجمعيات الأهلية، مع استمرار عمل اللجان المشكلة لبحث حالات الشباب المحبوسين، ومبادرات العمل التطوعى والحوار المجتمعى لبحث قضايا التعليم والخطاب الدينى.
وفى يناير من العام الحالى، انتهى مؤتمر الشباب فى أسوان بعدة توصيات أهمها إنشاء الهيئة العامة لتنمية جنوب مصر باستثمارات تصل إلى 5 مليارات جنيه، واستمرار العمل فى توسيع نطاق إجراءات الحماية الاجتماعية من خلال تطوير برنامج تكافل وكرامة ليتضمن برامج تشغيل لأبناء الأسر التى يشملها البرنامج من خلال إطلاق مشروعات كثيفة العمالة، وإعلان تحويل أسوان عاصمة للاقتصاد والثقافة الأفريقية، والاحتفال بمرور ٢٠٠ عام على اكتشاف معبد أبى سمبل للترويج السياحى لمصر، وتنظيم احتفالية كبرى بهذه المناسبة، وإنهاء كافة المشروعات التنموية بمنطقة نصر النوبة ووادى كركر، وتخصيص مبلغ 320 مليون جنيه للانتهاء من تلك المشروعات قبل نهاية يونيو 2018، إضافة إلى مراجعة موقف من لم يتم تعويضه فى الفترات السابقة لإنشاء السد العالى خلال لجنة وطنية تنهى أعمالها خلال 6 أشهر.
وفى أبريل الماضى، انتقل المؤتمر إلى محافظة الإسماعيلية بمشاركة شباب من جميع الفئات العمرية، مثلوا محافظات إقليم القناة والمحافظات الأخرى، إلى جانب شباب البرنامج الرئاسى للتأهيل والقيادة، وعدد من شباب الأحزاب السياسية وعدد ممن تقدموا بطلب لحضور المؤتمر من خلال موقعه الرسمى، وتم إطلاق تطبيق مبادرة «اسأل الرئيس» لأول مرة، وهى عبارة عن تطبيق تم إطلاقه على الموقع الإلكترونى للمؤتمر، يمكن من خلاله تسجيل استفسارات المواطنين وتساؤلاتهم والتعبير عن آرائهم، ويقوم الرئيس بالرد عليها فى جلسة تذاع على الهواء مباشرة، وانتهى المؤتمر بعدة توصيات، أهمها إعلان 2018 عاماً لذوى الاحتياجات الخاصة، وإعلان تشكيل مجموعات رقابة داخلية بأجهزة ومؤسسات الدولة من الشباب، وإطلاق مبادرة لتجميل الميادين وتقنين أوضاع المشروعات الشبابية المتنقلة التى تواجه صعوبة فى استخراج التراخيص، وإعلان تشكيل مجموعة للتحفيز والمتابعة من شباب هيئة الرقابة الإدارية، ومجموعة مقابلة لها من البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة لمتابعة التوصيات والخطط لعرض نتائج مؤتمرات الشباب الدورية، ودراسة تطوير المجلس الأعلى للاستثمار وتحويله إلى المجلس الأعلى للاستثمار والتصدير، بالإضافة لتفعيل دور المجلس الأعلى للمدفوعات لدمج الاقتصاد غير الرسمى، وميكنة الجمارك والضرائب للحد من التسرب المالى، والبدء فى إجراءات إنشاء المجلس الأعلى لقواعد البيانات برئاسة رئيس الجمهورية.
«بدرالدين»: ساهمت فى خلق حالة من الوعى والحوار المجتمعى.. و«حسونة»: أعطت للجميع فرصة للمشاركة والتعبير.. و«مروان»: استطاعت أن تملأ الفراغ السياسى.. وتمثل قناة اتصال بين القيادة السياسية والمجتمع
وأخيراً شهدت الإسكندرية فى يوليو الماضى، مؤتمر الشباب الذى ظهرت خلاله فكرة منتدى شباب العالم الذى تستضيفه مصر مطلع نوفمبر المقبل، وانتهى إلى عدة توصيات أعلنها الرئيس السيسى، أهمها دعم الدولة الكامل لمنتدى شباب العالم الذى دعا إليه شباب مصر، ودعوة رؤساء وزعماء الدول الصديقة والشقيقة لحضور المنتدى، ومشاركة الشباب الواعد فى تكامل الحضارات والنقاش الجاد لصياغة رسالة سلام ومحبة للعالم، بجانب تكليف الحكومة مستعينة بنخبة من الشباب لتنفيذ ومتابعة استراتيجية 2030، وتقييمها بشكل دورى، وتكثيف جهودها لتطوير محافظة الإسكندرية من خلال زيادة الحيز العمرانى واتخاذ كافة الإجراءات التنفيذية لتوسيع المحاور المرورية، بجانب البدء فى تطوير مدينة رشيد الأثرية على أن ينتهى العمل بها بحد أقصى 3 سنوات، والانتهاء من مشروعات المناطق الصناعية بالبحيرة، وطرحها للاستثمار بالتنسيق مع هيئة التنمية الصناعية، كما أعلن الرئيس خلال المؤتمر البدء الفورى فى طرح مناطق استثمارية فى محافظة كفر الشيخ قبل نهاية العام، ما يتيح 250 ألف فرصة عمل، بالإضافة إلى نظر الحكومة فى جميع الشكاوى والمطالب التى جمعها الشباب، وإعداد كيان ثقافى فى العاصمة الإدارية الجديدة، وإنشاء بورصة زراعية فى وادى النطرون بالبحيرة خلال عام.
وقال إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن فكرة مؤتمرات الشباب من الأمور الرائعة التى اتخذتها الدولة بمنتهى الاهتمام والحرص، مؤكداً أنه لأول مرة يتم تدشين هذا العدد من اللقاءات الضخمة المذاعة على الهواء بحضور أعداد كبيرة من الشباب ومختلف قيادات الدولة وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، مضيفاً: «هذه أضخم مناقشات يمكن أن تحدث، وهى بمثابة حوار مجتمعى بين فئات عمرية مختلفة وبحضور رسمى للدولة، وهو أمر إيجابى جداً لأنه يساهم فى خلق حالة من الوعى لدى الرأى العام، وأيضاً التكامل والتبادل فى وجهات النظر»، وتابع «بدرالدين» أن الشباب لهم أهمية خاصة، حيث إن المجتمع المصرى من المجتمعات الشابة، وأكثر من 50% من المصريين شباب، ولذلك فالقيادة السياسية تهتم بشكل بالغ بفئة الشباب، مشيراً إلى أن مؤتمرات الشباب شهدت طرح ومناقشة أهم الموضوعات والقضايا وبمنتهى الشفافية دون خطوط حمراء، قائلاً: «بل إن بعض الشباب وجه انتقادات قوية أمام الرئيس والجميع سمع رأيه واحترمه، والأهم من كل ذلك أن المؤتمرات لم تتحول إلى مكلمة سياسية، ولكنها خرجت بتوصيات وقرارات يتم تنفيذها ومتابعتها».
وقال الدكتور مروان يونس، مستشار التخطيط السياسى، إن تلك المؤتمرات بمثابة «قناة اتصال فاعلة وقوية» بين القيادة السياسية على رأسها الرئيس السيسى، والشباب من مختلف الفئات والتوجهات الثقافية والسياسية والاجتماعية، مضيفاً: «تواصل الرئيس السيسى مع المواطنين بشكل مباشر من خلال المؤتمر الوطنى للشباب يؤكد إدراكه لحتمية وجود وسيلة اتصال دائمة بينه وبين جموع الشعب، وهذه المؤتمرات على مدار عام شكلت فرصة جيدة للحكومة للتواصل مع المواطنين لطرح رؤيتها فى بعض القضايا، علاوة على إطلاع المواطنين بشفافية على ما يتم فى مصر من إجراءات إصلاحية وإدارية، وشهدت طرح بعض الأفكار الجديدة والمبادرات المختلفة»، مشيراً إلى أن هذه المؤتمرات جاءت بديلة لتملأ الفراغ السياسى، بسبب عدم وجود أحزاب قوية تستطيع أن تملأ هذا الفراغ، ويكون لديها القدرة على الحشد والتنظيم وطرح القضايا بهذه الصورة.
وأضاف «يونس» أن السلطة التنفيذية فى مصر يقع عليها مجهود أكبر لشغل الفراغ، الذى أحدثه غياب الأحزاب فى الوقت الراهن، مؤكداً أن الدولة أو السلطة التنفيذية توجه عبر المؤتمر رسائل عديدة للمواطن المصرى عبر التكثيف الإعلامى والطرح والمناقشات المختلفة، وأن تلك المؤتمرات تعد فرصة جيدة للحكومة المصرية للتواصل مع المواطنين لطرح رؤيتها فى بعض القضايا والمشكلات وكيفية حلها خلال السنوات المقبلة.
وقالت النائبة أنيسة حسونة، عضو مجلس النواب، إن هذه المؤتمرات فتحت مجالاً سياسياً جديداً، وأعطت الفرصة للجميع للمشاركة والتعبير والطرح فى إطار منظم وجيد، وتعد فرصة للحوار المجتمعى الراقى والمنظم، موضحة أنه كانت هناك أزمة دائمة تتعلق بعدم القدرة على تنظيم الحوارات المجتمعية، إلا أن مؤتمرات الشباب أعطت مثالاً فى كيفية التنظيم والإدارة والخروج بتوصيات وقرارات محددة بعد مناقشات واسعة، وأضافت: «رأيت مقترحات وأفكاراً ومبادرات عديدة إيجابية وطيبة، والشباب المشارك أعطى مثالاً وقدوة فى التعامل والإيجابية، وبالتالى أدعو لاستمرار هذه المؤتمرات وعدم التوقف عنها لأنها تخلق قيادات جديدة، وتعتبر من أهم الإنجازات التى تشهدها مصر بعد ثورتين وتغييرات سياسية كبيرة».
وقال النائب طارق الخولى، عضو مجلس النواب، وأحد المشاركين فى مؤتمر الشباب الأول بشرم الشيخ، إن مؤتمرات الشباب الخمسة التى تم تدشينها فى قطاعات مصر المختلفة بمثابة رسالة أن مصر مستقرة وتتحرك للأمام وتفتح أبوابها أمام مناقشة مختلف القضايا وتبادل وجهات النظر المختلفة، مؤكداً أن الحياة السياسية فى مصر كانت تعانى بسبب عدم وجود مسارات للحوار والمناقشة، وهذه المؤتمرات أجرت الدماء فى شرايين الحياة السياسية فى مصر، وأضاف «الخولى»: «نتحرك بخطوات جيدة، ومصر الآن أصبحت أقوى مما مضى، وأتوقع نجاح منتدى شباب العالم، الذى هو بمثابة مولود لمؤتمرات الشباب التى انطلقت من مصر، وهذا المنتدى سيعطى رسالة مؤثرة وستكون ذات صدى واسع لدى مختلف الحكومات والشعوب، وتؤكد أن مصر دولة داعمة للسلام والتعايش بين الجميع ورافضة للكراهية والعنف والإرهاب بكل صوره»، وأكد أن تنظيم هذه المؤتمرات والفعاليات الضخمة وسط أعداد كبيرة من الحضور، رسالة أخرى بأن مصر آمنة ومستقرة وتواصل طريقها ولن تعطلها الجماعات المتطرفة والإرهابية.