أول معمل لعلاج تليف الكبد بالخلايا الجذعية.. «مجمّد حتى إشعار آخر»
د. حنان الباز داخل معمل المناعة
داخل غرف معقمة، وباستخدام أجهزة يندر وجودها داخل مصر، نجحت الدكتورة حنان الباز، أستاذ المناعة والتحاليل الطبية، مشرف معمل المناعة، منذ سنوات فى إجراء تجارب على أربعة من المرضى بتليف الكبد باستخدام حقن خلايا جذعية من النخاع الشوكى. ورغم تحسن حالات المرضى، كما ذكرت «الباز» لـ«الوطن»، ونشر ما يقرب من تسعة أبحاث بمجلات علمية عالمية بشأن هذه التجارب فإن المعمل جمّد أنشطة التجارب انتظاراً لتشكيل لجنة من وزارة الصحة للتفتيش والتصريح بالتوسع فى إجراء التجارب، لم تشكل منذ ست سنوات.
وأوضحت «الباز» أن المعمل اعتمد على تقنية إعادة بناء الأنسجة التالفة فى حالات التليف الكبدى من خلال أبحاث الخلايا الجذعية فى ظل ارتفاع نسبة الإصابة بفيروسات الكبد المختلفة فى مصر وعلى رأسها الفيروس «سى»، وارتفاع نسبة الإصابة بتليف وفشل الكبد.
ولما كانت عملية زرع الكبد هى العلاج الجذرى للفشل الكبدى، كما تذكر مديرة المعمل، وتواجهها مصاعب اقتصادية وقانونية بل وصحية فضلاً عن صعوبة إيجاد المتبرع المناسب، كان لا بد من إيجاد طريقة بديلة آمنة وفعالة وغير مكلفة للعلاج، فقد كان العلاج بالخلايا الجذعية فتحاً علمياً بدأ منذ عدة أعوام، ولم تتخلف مصر عن بدء تجريب هذا الأسلوب فى ظل تنامى مشكلة مرضى الفشل الكبدى. ولفتت «الباز» إلى أنه من خلال الأبحاث التجريبية بمعهد تيدوربلهارس للأبحاث التى توصلت إلى الطريقة المثلى لزراعة الخلايا الجذعية من عدد من المصادر منها النخاع العظمى والحبل السرى، وفى ضوء تلك النتائج أنشئ معمل معقم للتجارب الإكلينيكية السريرية بوحدة هندسة الأنسجة والعلاج بالخلايا بمعمل المناعة لاستخدام الخلايا الجذعية فى علاج تليف الكبد والفشل الكبدى.
«الباز»: نجحنا فى تحسين حالة 4 مرضى كبد بالخلايا الجذعية و«الصحة» وعدت بتشكيل لجنة منذ 6 سنوات لاستكمال العمل دون جدوى
كيف أجريت التجارب على المرضى؟ أجابت «الباز»: من خلال جولة داخل ثلاث غرف مغلقة ومعقمة بشكل جيد، تبدأ بدخول المريض إلى غرفة يجلس فيها على مقعد مصنوع من «الاستاليس» ليبدأ فى تغيير ملابسه ويرتدى ما يشبه «أفرول» أزرق معقم ليبدأ بعدها فى الدخول لغرفة أخرى يُحقن فيها بالخلايا الجذعية التى استُخرجت من جسمه، بما يضمن تجنب العديد من الآثار الجانبية.
«كلينكس ماكس»، أحد الأجهزة الموجودة بالمعمل والتى يندر وجودها داخل مصر، والوحيد المعترف به من قبَل هيئة الأدوية الأمريكية لإنتاج أكياس الخلايا الجذعية التى يمكن أن تُستخدم داخل جسم الإنسان بالعمليات الجراحية، وتخرج الخلايا الجذعية فى كيس مغلق يحوى الخلايا الجذعية بعيداً عن الدم، ما يساهم فى تجنب تعرُّض الخلايا للتلوث قبل استخدامها جراحياً، ومن خلال أرفف ووحدات تخزين من مادة «الاستانليس ستيل» ليسهل تعقيمها، تخزن عينات الحبل السرى، التى يحصل المعمل عليها بعد موافقة الأم عقب انتهاء عمليات الولادة، بالتوقيع على ورقة تفيد بموافقتها على استخدام الحبل السرى فى عمليات جراحية وأبحاث تتعلق بالخلايا الجذعية.
«نواة لأول بنك للخلايا الجذعية»، هكذا بدأ المعمل فى حفظ الخلايا الجذعية التى نجح فى فصلها من الحبل السرى فى درجات حرارة تصل إلى 180 تحت الصفر كخطوة لإنشاء بنك وطنى للخلايا الجذعية لأول مرة بإحدى الجهات الحكومية، يمكن أن تصل فترة الاحتفاظ به إلى 15 سنة.
وأوضحت «الباز» أن دول العالم بدأت فى التعاون فيما بينها لإنشاء بنوك للخلايا الجذعية لعلاج مرض مثل اللوكيميا، وفى حال موافقة الأم على التبرع بالحبل السرى لها تعطى لها ميزة بأنه فى حال إصابة ابنها فى المستقبل يمكنها الحصول مجاناً على علاج له.
«فى انتظار تشكيل لجنة»، قالت «الباز» إنه سبب تجميد التوسع فى التجارب البشرية داخل المعمل، التى بدأت منذ ست سنوات، إلا أنها رغم حصولها على موافقة لجنة «أخلاقيات البحث العلمى» التابعة للمعهد فإن وزارة الصحة عام 2011 وجهت بضرورة أن يحصل المعمل على تصريح وموافقة، وقرر وزير الصحة آنذاك تشكيل لجنة وإرسال مواصفات يجب أن يلتزم بها المعمل، وبالفعل أرسلنا ما يفيد بأن المعمل يلتزم بهذه التعليمات، إلا أنه منذ عام 2013 وبسبب تعاقب وزراء الصحة ما زلنا فى انتظار تشكيل لجنة للتفتيش على المعمل.