​

إذا كنت من عشاق تناول القهوة خارج المنزل فمن المحتمل أن تكون أحد رواد مقهى سلسلة "ستاربكس" الشهيرة، لكن هل خطر في بالك يوما وأنت ترتشف القهوة من كوب عليه هذه العلامة أن تسأل نفسك إلى ماذا ترمز هذه العلامة؟

تعود هذه الصورة لـ"سيرينا"وهي حورية البحر في أحد في الأساطير اليونانية القديمة.

وتتكون من رأس امرأة وجسد طير  تغوي الملاحين بغنائها الساحر حتى توردهم التهلكة.

فهل يا ترى قصد مؤسسو "ستاربكس" مدرس اللغة الإنجليزية (جيري بادوين) ومدرس التاريخ (زيف سايجل) والكاتب (جوردان بوكر) ذلك باعتبار أن الإسراف في تناول القهوة يؤدي إلى ضرر بالغ؟ وأنها حتماً ستؤدي للتهلكة والموت؟

الحقيقة أن اختلاف الأطباء حول القهوة ما بين كونها مضرة مهلكة أو مفيدة للذاكرة والإدراك قوى احتمال وجود هذا القصد خاصة مع إجماع الأطباء على ضررها البالغ في حالة إدمانها وتناولها بكثرة.

وذكرت منظمة الصحة العالمية في تقرير سابق لها، أن المشروبات الساخنة مثل الشاي والقهوة قد يؤثرا على زيادة احتمال الإصابة بالسرطان،  وكان قد أعد خبراء مرض السرطان قائمة طويلة للعوامل التي تسبب المرض أو تزيد من خطورة الإصابة به، وضمت القائمة التدخين والتعرض للأشعة فوق البنفسجية من الشمس والهواء الملوث.

وعلى الرغم من تراجع منظمة الصحة العالمية عن هذا التصريح إلا أنها لم تنف تمام عن القهوة تسببها بالأضرار، حيث قالت في تقرير لاحق: "وأظهرت بعض الدراسات أن القهوة ليس لها أي أثر على سرطانات البنكرياس والثدي والبروستاتا، غير أن الدليل بالنـسبة لعشرين نوعاً آخر من السرطانات لم يكن حاسماً".

 

القهوة في الموروث العربي

وذكر ابن منظور في معجمه "لسان العرب" لفظ "القهوة" بأنه من الإقهاء لأنها تُقهي أي تكرّه عن الطعام، أو تُقعد عنه، أى أنها سٌميت بهذا الإسم لأنها تقهي شاربها عن الطعام أي تذهب شهوته، وتشبعه.

وربط الشعراء العرب بين القهوة والموت حتى قال أحدهم: 

قوما أسقياني قهوة رومية.. من عهد قيصر دنُّها لم يمسسِ

صِرفًا تضيف إذا تسلط حكمها.. موت العقول إلى حياة الأنفس

كما ارتبطت القهوة في ذاكرة العرب بالموت والقتل، فقد تواتر الأثر على أن العرب كانوا يستخدموا مصلح القهوة في حروبهم.

وكانت القبائل في السابق، إذا حدث بينها شجارٌ أو معارك طاحنةٌ وأعجز إحدى القبائل بطل معين، كان شيخ العشيرة يجتمع بأفرادها ويقول: "مَن يشرب فنجان فلان ويشير بذلك للبطل الآنف الذكر؟" (أي: َمن يتكفّل به أثناء المعركة، ويقتله؟) فيقول أشجع أفراد القبيلة: "أنا أشرب فنجانه".

وبذلك يقطع على نفسه عهدًا أمام الجميع بأن يقتل ذلك البطل أو يُقتَل هو في المعركة.

وهكذا تحوّلت القهوة من رمزٍ للألفة والسّلام إلى نذير حربٍ ودمارٍ.

كما ارتبطت القهوة بمناسبات الموت والوفاة وأصبحت هي المشروب الرسمي لجلسات العزاء والمواساة.

لذالك فالاعتقاد الأقوى هو أن شعار سلسلة المقاهي العالمية الأشهر قد تم اقتباسه من تمثال لحورية إغريقية تغوي البحارة، وتأخذ بإيديهم إلى الموت برغبتهم الكاملة، لدلالة ما، وهو ما يتحقق بالفعل إذا ما سرقت القهوة لب بعضهم وأسرف في إدمانها حتى تصل به إلى الموت كما تفعل "سيرينا" الأسطورة الإغريقية بمحبيها.