«الوطن» داخل غرفة التحكم المركزية لمترو الأنفاق.. «إحنا اللى بنمشّى القطارات»
يعتمد نحو 4 ملايين مواطن على مترو الأنفاق فى تنقلاتهم اليومية داخل القاهرة باعتباره أسرع وأسهل وسيلة مواصلات بالعاصمة المصرية، يعمل فى هذا القطاع الحيوى نحو 7 آلاف موظف، عبارة عن فنيين وسائقين وعمال صيانة وإداريين، هؤلاء العمال يشاركون فى تسيير مئات الرحلات اليومية التى تقل هذا العدد الضخم من الركاب على مدار اليوم، لكن هناك عدداً من الجنود المجهولين وراء هذه الحركة والعمل الدؤوب، يتحكمون فى حركة السير، وتنظيم التقاطر وإصلاح الأعطال المفاجئة، إنهم العاملون بغرفة التحكم الرئيسية لمترو الأنفاق.[FirstQuote]
«الوطن» رصدت طبيعة العمل داخل غرفة التحكم والتقت العاملين بها للوقوف على أهمية هذا المكان وللتعرف على نظام التشغيل والصعوبات التى تواجه العاملين بها.. وإلى نص التحقيق:
فى الطابق السادس من مقر الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو بميدان رمسيس، توجد غرفة التحكم الرئيسية للخطين الأول والثانى، العمل بها مستمر لمدة 24 ساعة، الغرفة متسعة من الداخل وشديدة النظافة، تشبه كابينة قيادة السفن «البريدج» من حيث الشكل الدائرى وأجهزة التحكم، صوت الأجراس والمكالمات التليفونية لا يتوقف، أجهزة التحكم ولوحات العرض الإلكترونية تملأ أرجاء المكان، جميعها متصلة ببرنامج «سكادا» للتحكم عن بعد. الغرفة منقسمة إلى قسمين، على اليمين توجد أجهزة تحكم الخط الثانى ولوحة عرض حركة القطارات بطول المسار مع مراقبة الكهرباء بالمحطات والخط، يتحكم فى هذا الخط شخصان فقط من خلال أجهزة الكمبيوتر، مدة عمل وردية مشغلى الحركة والمراقبين 5 ساعات فقط حسب التوجيهات الطبية لضمان تركيز العاملين.
عدد أفراد الوردية الواحدة بغرفة التحكم المركزية 8 أشخاص، 7 مراقبين للخطين الأول والثانى بالإضافة إلى مهندس الوردية الذى يدير الحركة، لكن عدد ورديات المراقبين يزيد على عدد المهندسين، حيث يبلغ عدد ورديات المراقبين 4 فقط، مدة كل وردية 5 ساعات فقط، أما عدد ورديات المهندسين فيبلغ 3 ورديات، حيث يتم تغييرها كل 8 ساعات، العاملون بغرفة التحكم الرئيسية من خريجى الثانوية الفنية الصناعية قسم كهرباء، يخضعون فى البداية لتدريب مصغر حتى يستطيعوا مراقبة الحركة والكهرباء، يدير هؤلاء مهندس كهرباء خضع لتدريبات كثيرة قبل عمله بالغرفة.[SecondQuote]
يبلغ طول الخط الأول نحو 43 كيلومتراً بواقع 33 محطة يعمل به 48 قطاراً و350 قائد قطار، وهو الأكبر كثافة من حيث نقل عدد الركاب يومياً، أما الخط الثانى فيبلغ طوله 20 كيلومتراً بواقع 20 محطة و200 قائد قطار، ويعمل بهذا الخط 32 قطاراً، بينما تبلغ عدد قطارات الخط الثالث 5 قطارات و50 قائد قطار حسب وصف المهندس إسماعيل فرغلى، 28 سنة، مدير تشغيل بغرفة التحكم. وأضاف: الطابق السادس ينقسم إلى جزءين: الأول، التحكم المركزى فى الحركة «C.C.P» والثانى، التحكم المركزى فى الكهرباء «P.C.P». يتم متابعة كافة أمور التشغيل والحركة بهذه الغرفة التى تنقسم إلى قسمين أيضاً: الأول لمراقبة وتشغيل الخط الأول، والثانى لمتابعة وتشغيل الخط الثانى، الغرفة أشبه بالدائرة، يوجد بالجزء الأيمن لوحة عرض حركة الخط الأول وهى تبين كافة تفاصيل حركة التشغيل وأماكن سير القطارات وأرقامها وإشارات تشغيلها، وأماكن توقفها بطول المسار الذى يبلغ 20 كيلومتراً ويعمل به 32 قطاراً.[SecondImage]
يتابع «فرغلى»: جدول تشغيل السائقين بالخطين مثل جدول حصص المدرسين، حيث يتم التحكم فى كل شىء هنا من خلال هذه الغرفة ويتم التواصل مع السائقين طول فترة الرحلة عبر أجهزة اللاسلكى وأجهزة المحمول، يقوم مشغلو الحركة بضبط إيقاع حركة السير وعمل توازن لمدة التقاطر لكى لا تزيد أو تقصر لضمان عدم الزحام فى المحطات التى تتأخر عنها القطارات، فلو تأخر قطار بمحطة الدقى لمدة دقيقتين بسبب سوء سلوك الركاب بمسك الأبواب أو شد عصا الطوارئ دون سبب فإن على المراقبين هنا إعطاء أوامر لسائقى القطارات التى تسبقه بضرورة التوقف وعدم السير، وكذلك القطارات التى تليه.[ThirdQuote]
يشير مدير وردية التشغيل بيده إلى لوحة التحكم المرئية «V.C.P» ويقول: «العلامات الحمراء الصغيرة التى تظهر بطول الخط بشكل متتالٍ فى الاتجاهين وتتحرك بمرور الوقت، هى القطارات التى تسير حالياً بالسكة، لكل قطار رقم خاص به، يحصل عليه عند خروجه من محطة البداية والنهاية.[ThirdImage]
وأوضح أن إدارة المترو تقسم الخط الثانى إلى «طالع ونازل» لترقيم القطارات، حيث يتم إطلاق أرقام زوجية على القطارات المتوجهة إلى شبرا الخيمة بينما يتم إطلاق أرقام فردية على القطارات المتوجهة إلى المنيب، وهو ما يحدث أيضاً بالخط الأول. وأضاف أن الإشارات الصفراء التى توجد بمسار الخط تعنى أن الإشارة مفتوحة أمام القطار الذى يوجد بالمحطة أو النفق.
أعلى لوحة التحكم المركزية توجد شاشة مراقبة الكهرباء، وهى مهمة جداً لمراقبة التيار الكهربائى الذى تبلغ قدرته 750 فولت لتغذية مواتير القطارات وهو جهد مرتفع. لون الخط الكهربائى على اللوحة رمادى، وهو ما يدل على عدم انقطاع التيار عن أى محطة أو عن مسار الخط، لكن إذا ظهرت الإشارات الحمراء فإن ذلك يعنى أن الكهرباء انقطعت عن الجزء الذى ظهرت فيه العلامة، وبناء على ذلك يتم التدخل بشكل سريع من قبَل عمّال الصيانة لإعادة التيار إذا كان العطل يستدعى ذلك، لأنه فى إمكان المراقب تشغيل ذلك والتحكم فيه من خلال جهاز الكمبيوتر الذى يراقب به الحركة.
تستمد قطارات الخط الثانى الكهرباء من القضيب الثالث الذى يفصل بين الاتجاهين من خلال مجمع التيار الذى يغذى مواتير القطار الموجودة ببدايته ونهايته، بينما تستمد قطارات الخط الثانى الكهرباء من الأسلاك المعلقة.
وقال مهندس الوردية إن مشكلات خطوط المترو النفقية أقل بكثير من السطحية، ومعدلات الاعتداء عليها ضعيفة لأنها محكمة والسيطرة عليها سهلة مقارنة بما يحدث بالخط الأول، حيث يتعرض للسرقات والبلطجة بشكل متكرر بسبب الانفلات الأمنى الذى تعانى منه مصر منذ ثورة يناير، كما أن المحطات السطحية بالخط الثانى تتعرض أيضاً إلى سرقات مثل ما حدث منذ أيام بمحطة جامعة القاهرة عندما تمت سرقة كابل إشارة بطول 80 متراً، ما أدى إلى تعطل حركة السير، هذه الكابلات ثمنها مرتفع جداً، حيث يبلغ سعر المتر الواحد 6 آلاف جنيه. الغريب أن هؤلاء البلطجية لا يقدرون ثمنها ويبيعونها إلى العصابات بأرخص الأثمان رغم أن النحاس بها من أجود الأنواع، ولا تنتجها إلا كبريات الشركات العالمية.
الانفلات الأمنى فى 30 يونيو أدى إلى سرقة 11 «كابل»، وهو ما أدى إلى انخفاض جودة الخدمة. عند وقوع مثل هذه الحالات نلجأ إلى الطرق البديلة واليدوية التى تعتمد على العنصر البشرى، ما يؤدى إلى بطء شديد فى حركة السير، حيث تبلغ السرعة المقررة 40 كيلومتراً فقط بينما تبلغ أقصى سرعة بالخط الثانى 80 كم، حينذاك لا يسير السائق دون تعليماتنا التى نوجهها لناظر المحطة.
يضيف إسماعيل: «بصراحة عمال الصيانة متبهدلين من كتر الشغل لأنهم بيتعاملوا مع بعض الأمور المعقدة، يتدخل المراقب فى حل بعض المشكلات لكنه يلجأ لنا أحياناً لمساعدته فى معالجة بعض القضايا وإذا كانت المشكلة أكبر منى فإننى ألجأ إلى رئيس الشركة مباشرة».
وتابع: منذ شهرين تعرض مترو الأنفاق إلى أعطال كثيرة بسبب الأحداث السياسية وما ترتب عليها من قطع «البلاك بلوك» لخطوط المترو. وهى من أكبر المشاكل التى كانت تواجهنا لأننا نحاول توقيف القطارات فى المحطات لتنزيل الركاب بدلاً من إنزالهم فى النفق، خطورة ذلك تكمن فى وجود أكثر من قطار فى منطقة واحدة وهو ما سيجعل الضغط على الكهرباء كبيراً فى تلك المنطقة وسيعرضها للانقطاع، «الفرنساويين بيتعجبوا مننا، ازاى بنتعامل مع المشكلات اللى احنا ما اتدربناش عليها زى اللى بيحصل دا».
عند قطع الطريق بخط المترو نلجأ أحياناً إلى تدوير القطارات عن طريق «تحاويل»، وهو أمر ليس سهلاً بسبب الضغط على الخط، مثل ما حدث فى 25 يناير 2013 عندما قام بعض المحتجين بقطع طريق المترو بمحطة جامعة القاهرة وحتى محطة الشهداء، فقمنا بتشغيل الخط فى الاتجاهين من شبرا الخيمة وحتى رمسيس، ومن المنيب حتى جامعة القاهرة وعزلنا باقى المحطات حتى لا تصاب القاهرة والجيزة بالشلل الكامل.
يتذكر المهندس إسماعيل قائلاً: منذ فترة اتصل بنا ناظر محطة العتبة وأبلغنا بوجود عدد كبير من الركاب على رصيف الجيزة بعد انتهاء فترة عمل المترو الرسمية، وقال: «الركاب قطعوا تذاكر ومش عاوزين يمشوا»، فقمنا بإرسال قطار خاص مباشرة إلى العتبة من محطة شبرا لتوصيل الأهالى، وهو ما حدث أيضاً فى جمعة الغضب بثورة يناير عندما تقطعت السبل بالكثير من المواطنين فى شوارع القاهرة بعد قطع الطرق وانعدام المواصلات، فقد كان مترو الأنفاق الجهاز الوحيد الذى يعمل فى ذلك اليوم العصيب، رغم ما حدث للمترو من سرقات واعتداءات وإتلاف.
وأضاف: قيادة قطارات الخط الأول تختلف عن الخط الثانى، حيث يحتاج سائق قطار الخط الأول إلى العمل مساعداً لمدة 12 سنة، ثم دخول معهد النقل 4 سنوات، ثم أداء الامتحان، وبعد ذلك يصبح سائقاً، لأن قائد القطار يحتاج إلى مساعد فى كل رحلة عكس قائد قطارات الخط الثانى الذى يقضى عامين فى المعهد فقط ثم يتخرج ليصبح سائقاً ولا يحتاج إلى مساعد، لأنه يتحكم فى كل القطار من كابينة واحدة، عكس سائق القطار الأول الذى توجد فى مؤخرته دورة حركة الأبواب، وبالتالى يعطى المساعد جرس إنذار للقائد ليغلق الأبواب.
وأشار إلى أن مصر تقوم بتصنيع عربات الوسط من قطارات الخط الثانى لأنه لا يوجد بها مواتير أما قطارات الخط الأول فقد تم إنشاء خط تجميع لها، وقد تم إبرام عقد مع شركة كورية لتوريد 20 قطاراً على عدة دفعات. ذكر إسماعيل أيضاً أن محطات الكهرباء الرئيسية للمترو توجد برمسيس وطرة والعباسية وتم ربطها جميعاً ببعضها.
فى رمضان يتم توفير وجبات لكل العاملين هنا بغرفة التحكم لعدم تعطلهم عن العمل ولضمان مستوى الخدمة، وهو ما يحدث مع السائقين الذين يعملون أثناء فترة الإفطار، حيث يحصل بعضهم على وجباته من بدايات الخطوط والبعض الآخر من محطة الدمرداش بالخط الأول.
تتحكم غرفة التحكم الرئيسية للمترو فى عدد الرحلات طوال الأسبوع من خلال جدول يتم إعداده وفقاً للأيام الطبيعية أو المناسبات أو امتحانات طلاب الثانوية العامة والجامعات، ويتم زيادة عدد الرحلات طبقاً لذلك، حيث يتم تخصيص 500 رحلة يومية بالخط الثانى فى الأيام العادية، أما أيام الإجازات الأسبوعية، فيتم تخفيض العدد إلى 400 رحلة لكن يتم زيادته فى الأعياد والمناسبات وامتحانات الثانوية العامة.
وعلى الرغم من تبعية أصول مترو الأنفاق لهيئة السكة الحديد، فإن مترو أنفاق القاهرة أنجح بكثير من السكة الحديد بسبب لائحة الثواب والعقاب بالإضافة إلى قصر طول الخطوط مقارنة بخطوط السكة الحديد التى تبلغ الألف كيلومتر أو أكثر .
هشام فتح الله، مشغل حركة ومراقب بالخط الثانى بغرفة التحكم يعمل فى مترو الأنفاق منذ 25 سنة، يجلس بجوار زميل آخر له لمتابعة ومراقبة الخط و أمامهما عدد من أجهزة الكمبيوتر، أيديهما لا تتوقف عن التحرك، وعيونهما شاخصة نحو شاشات الكمبيوتر. ينظر فتح الله إلى اللوحة الطويلة أمامه لينظر إلى طول مسار الخط بشكل عام، ثم يتابع كافة التطورات من أمامه بشاشة الكمبيوتر فبإمكانه فتح 100 نافذة. طبيعة عمل مراقبى الخط الثانى تختلف عن الخط الأول فى أمور عديدة، أولاً طريقة التحكم وعدد الأشخاص، حيث يبلغ عدد مراقبى ومشغلى حركة الخط الأول 4 أفراد عكس الخط الثانى الذى يقوم بتشغيله ومراقبته فى نفس الوقت اثنان فقط، كذلك أجهزة التحكم مختلفة، فالخط الأول أجهزته يدوية ومتعددة وممتدة بطول لوحة المراقبة. يوجد أيضاً اختلاف فى لوحة العرض الرئيسية فى الخط الأول، حيث تظهر حركة السير فى الأعلى بينما تظهر حالة الكهرباء فى الجزء الأسفل من اللوحة،
يقول فتح الله: «تعودنا على إن مفيش حاجة اسمها رمضان أو شم النسيم أو عيد فطر أو أضحى، بنفطر فى رمضان فى الشغل، وكل واحد فينا أنا وزمايلى بياكل لوحده لأن فيه قطارات ماشية على السكة، ما ينفعش نسيبها، لازم نتابعها، عشان لو وقعت فى مشكلة، كمان لازم ندخل القطارات محطات البداية والنهاية، أولادى تعودوا على عدم وجودى معهم، دا أكل عيشى، هنعمل إيه يعنى؟ وعشان شغلنا صعب محتاج تركيز شديد، ورديتنا مدتها 5 ساعات بس، لأننا بنبذل مجهود ذهنى وعصبى كبير جداً، بنفضل على أعصابنا طول الوقت اللى بنقضيه هنا، ناظر المحطة بيرمى المسئولية عليّا، وسائق القطار مش مسئول إلا عن القطر اللى راكبه لكن أنا مسئول عن الـ30 قطر اللى ماشيين فى السكة، ولما تحصل مشكلة لازم نتدخل وندى أوامر للسائقين، ولو المشكلة كبيرة نطلب مساعدة مهندس الوردية.
إلى جوار فتح الله يجلس زميل آخر له بمراقبة الخط الثانى اسمه ممدوح عوض محمد يقول: «سلوك الناس بيتعبنا وبيزود مدة تقاطر المترو، العيال اللى بتمسك الأبواب أو الرجالة اللى بتركب عربية السيدات، بيأخروا القطارات».
يتابع: «الانفلات الأمنى زاد بعد الثورة، ودا أثّر على سلوكيات الناس، لكننا نحب عملنا جداً، وفخورون بأننا نعمل فى غرفة تحكم تُسيّر حركة قطارات تنقل 4 ملايين مواطن يومياً، عملى فى غرفة التحكم أتاح لى معرفة كل شىء عن مترو الأنفاق وهو بلا شك أمر جيد، لشعورى بأنى مختلف عن الآخرين، طبيعة عملنا عبارة عن ضبط مدة التقاطر بين القطارات على الخط «طالع ونازل» وفقاً للجدول الذى نعمل بناء عليه، وهو يتيح لنا معرفة أسماء السائقين بالقطارات، محادثاتنا معهم مسجلة لكى يتم الاستعانة بها فى حالة وقوع كوارث لا قدر الله مثل الصندوق الأسود بالطائرات والسفن».
طارق عبدالنبى، مشغّل حركة بخط المرج حلوان، يقول: نأخذ أحياناً قرارات من تلقاء نفسنا فى ثوان معدودة بناء على بيانات السائق والناظر، على أن أتحمل نتائجها وحدى، فإن نجح القرار لا يشكرنى أحد عليه، لكن لو أخطأت فإنى أعاقَب عليه، فى بعض الأحيان يُنقل لى معلومات غير صحيحة، وحينذاك أنتظر لمدة نصف دقيقة أفكّر فى القرار، «باكون ساعتها مشدود وعلى أعصابى»، علينا أيضاً أن نراعى توزيع جهد الكهرباء فى المحطات والخط، أما فى أيام امتحانات الثانوية العامة فإن العمل يكون أصعب لأننا نظل متوترين حتى دخول وخروج الطلاب من اللجان، حيث نحرص على عدم تعطل الحركة فى جميع الاتجاهات «إحنا فى الفترة دى بنكون فى حالة طوارئ».
وأضاف: فى الأعياد يتعرض المترو لكثير من التعطل بسبب جذب بلف الطوارئ من قبَل الأطفال بالإضافة إلى استخدام الألعاب النارية. إذا توقف أى قطار علينا أن نوقف كل القطارات التى تسبقه ولا نسمح له بالمرور ونغلق الإشارة أمامه «ونوقف القطر اللى وراه واللى قدامه لتخفيف الزحام فى الفترة التى يتعطل فيها أحد القطارات». طبيعة عملنا أتاحت لنا معرفة أوقات الذروة فى الاتجاهين حيث تتركز الكثافة صباحاً فى اتجاه المنيب بينما تزداد فى اتجاه شبرا بعد العصر.
فى الجانب الآخر من غرفة التحكم يجلس عادل الدسوقى، 51 سنة، فى نهاية مراقبة الخط الأول، يقول: «ماينعفش ناكل فى جماعات، بناكل واحنا شغالين، لأن فيه ناس بتركب المترو بناء على السهم بتاعنا، الجميع هنا أسرة واحدة عندما أود أن أقوم لأداء الصلاة فإنى أطلب من زميلى المسيحى أن يجلس بدلاً منى مدة الصلاة، تعودنا على ذلك.
من جانبه، يقول المهندس عبدالله فوزى، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، إن غرفة التحكم المركزية هى الجهة المنوط بها مواجهة أى مشكلة وحلها على الفور، غرفة التحكم تراقب كل شىء فى المحطات والسكة والقطارات والإشارات لذلك نعتبرها أيضاً مركز الأزمات.
وأضاف قائلاً: نعتمد الآن على الشباب فى إدارة وتشغيل المترو، نحن فى طوارئ من فترة طويلة بسبب الاضطرابات والمعارك السياسية فوق سطح الأرض، لذلك أطلب من الجميع: أبعدوا المترو عن أى صراع سياسى، وأشار إلى عدم استجابة العاملين بالمترو لطلبات الإضراب والعصيان المدنى إدراكاً منهم للمسئولية. يبلغ عدد العاملين بمترو الأنفاق 7200 موظف، وأوضح فوزى أن مرتبات العاملين بغرفة التحكم المركزية مجزية وتسمح لهم بالعيش الكريم.
وأوضح رئيس الشركة أن قطع غيار قطارات الخطين الأول والثانى متوافرة تماماً، وأن ما حدث فى الشهور الماضية من أعطال متكررة نتيجة نقص قطع الغيار يرجع إلى عدم استيرادها لمدة سنوات حتى انتهى المخزون بالكامل، وأدى إلى توقف القطارات عن العمل، وتابع: سنتسلم أول قطار جديد بالخط الأول ضمن 20 قطاراً مكيفاً بعد 18 شهراً من الآن، وسننتهى من توريدها جميعاً بعد 45 شهراً.
وعن تعطل ماكينات الدخول والخروج بالمحطات قال رئيس الشركة إن قطع غيارها مرتفعة جداً وتفوق أسعار الماكينات نفسها، مشيراً إلى أن الشركة تعمل الآن على محاولة إلغاء التذاكر الورقية واستبدالها بالاستيكر الذكى المبرمج على رقم الهاتف بنفس سعر التذكرة العادية بجنيه واحد فقط.