بالصور| والد «أحمد» الذي مات ضائعًا في صحراء ليبيا: «عايز جثة إبني»
بدموع لا تنقطع تتتساقط كزخات مطر في ليل شتاء قاسٍ، يشرد ببصره فيتذكر ابنه الذي اختفى في صحراء ليبيا، خلال رحلة مريرة للبحث عن لقمة العيش.
سمع عاطف سعد، الرجل الأربعيني، خبر وفاة نجله تائها في الصحراء من المواقع الالكترونية؛ فعاد للبكاء من جديد وسط محاولات من أقاربه لتهدئة روعه وإثناؤه عن البكاء، لكن محاولاتهم تبوء بالفشل دائما، ثم يلتف أقاربه من حوله يخبرونه أن ما حدث هو إرادة الله وعليه الصبر، فيفلحوا أخيرا في إيقافه عن البكاء، لكن الحزن لا زال يلازمه وعلامات التأثر بفقدان نجله أحمد (19 عاما) في صحراء ليبيا لا زالت تلقي بظلالها على وجهه.
جلس عاطف سعد، العامل البسيط علي "دكة" خشبية أمام منزله، ببندر المنشأة جنوب سوهاج، يراقب المارة لعل منهم من يأتيه بخبر عن موعد وصول جثمان نجله، يسأل الشباب في المنطقة لعلهم قرأوا أخبارا على صفحات الإنترنت عن موعد وصول جثمان نجله لكنهم يخبرونه بأنهم لا يعرفون شيئا، فيطلب منهم متابعة المواقع الإخبارية علهم يعرفون أي جديد يخص جثمان نجله.
تحدث عاطف، بصوت مبحوح من الحزن والأسى لـ"الوطن": "أنا سمعت بخبر وفاة ابني صباح اليوم، حد من شباب القرية قرأ الخبر على النت وأبلغنا، وأنا كان قلبي حاسس إن حصله مكروه لأنه من يوم ما سافر من بعد شهر رمضان لم نعرف عنه شيء ولم يتصل بنا".
وأضاف عاطف، أن نجله قرر السفر إلى دولة ليبيا قبل شهر رمضان الماضي، وعندما أخبره أبلغه برفضه لفكرة السفر لخطورة الوضع هناك، لكنه كان مصرا على ذلك من أجل أن يساعده في نفقات المنزل وخاصة أنه لديه طفلين في عمر الزهور و7 بنات، وترتيب الشهيد بين أشقائه الثاني وأكبر منه بنت، لكنه رفض نصائحه وسافر إلي ليبيا، وتم القبض عليه وعاد مرة أخرى لكنه بعد شهر رمضان الماضي، أصر على الذهاب مرة أخرى إلي ليبيا واتفق مع مجموعة من أصدقائه على السفر عن طريق "عبور الحدود" وسافر بصحبة 5 آخرين من شباب المنطقة.
وأوضح عاطف، أنه ترجى ابنه ألا يسافر لكنه رفض، وخلال سفره حاول أن يحضنه ويقبله لكنه جري من أمامه ورفض مصافحته وأبلغه أنه لا يريد أن يحضنه لأنه سيضعف أمامه وقد يلغي السفر.
وقال عاطف، إنه ركب سريعا السيارة الميكروباص وانطلق في رحلته إلي ليبيا وقبل أن يعبر الحدود الليبية اتصل بأهله وأخبرهم أنه سيدخل الحدود ولن يتمكن بعد ذلك من الاتصال بهم مرة أخرى.
وتابع الرجل المكلوم: "منذ أن سافر ابني إلي ليبيا لم نسمع شيء عنه وعلمت أن 4 من الذين رافقوه في الرحلة وصولوا إلي ليبيا وابني وشخص آخر لم يتمكنا من الوصول لأنهما ضلا الطريق في الصحراء، ويضيف أنه منذ 3 أشهر "مدة سفر نجله" لم يعرف للنوم طعم وكان قبله يحدثه أن مكروها قد حدث له".
وأكد الأب، أن والدة أحمد مصابة بصدمة شديدة بعد أن سمعت الخبر ولا يعرف كيف يواسيها؟ وخاصة أنها كانت تعلق آمالا كبيرة على وصوله إلى ليبيا ومساعدته في نفقات المنزل.
وطالب والد أحمد، السلطات المصرية بسرعة استرجاع جثمان نجله من ليبيا قائلا: "عايز جثة ابني أدفنها بايدي، وانهمر بعدها في البكاء".
وأضاف الأب، أن ابنه حصل علي دبلوم "صنايع" وكان يعمل بصحبة نجار مسلح ليساعد في نفقات المنزل، وأنه لا يوجد لديهم أي دخل يعينهم على مصاعب الحياة وأن رأس ماله هو الفأس الذي يعمل به في الزراعات لدى المواطنين.