«مبادرات الخير» تنقذ الآلاف من السجن وذل السؤال
جانب من إحدى فعاليات «مصر الخير»
إنقاذ آلاف الأسر من الضياع والتفكك كان مقصدهم الأول، حاولوا بشتى الطرق الاستفادة من أموال الزكاة والصدقات والتبرعات وتوجيهها لفك أزمات العديد من السيدات اللاتى حالت ظروفهن المعيشية الصعبة بينهن وبين سداد ديونهن ووقعن فريسة لمصيدة السداد بالأجل، حتى أعيد لهن الأمل مرة أخرى، عن طريق بعض المؤسسات والجمعيات الخيرية رسمية أو قائمة بجهود ذاتية ومبادرات شبابية أخرى.
«حاولنا إنقاذ 50 ألف حالة ولسه مكملين»، كلمات بنبرة فرح على لسان سهير عوض، مدير برنامج الغارمين فى مؤسسة «مصر الخير»، حيث يعد فك ديون الغارمات أحد المصارف الأساسية للزكاة، التى تهتم بها المؤسسة، وأضافت: «إحنا بنوجه التبرعات بتاعتنا لمصارف الزكاة الثمانية، ومن ضمنها الغارمات وهم فعلاً عددهم كبير فى السجون يستاهلوا أن نمد ليهم إيد الرحمة»، وتقوم المؤسسة منذ بداية عملها بشكل فعلى منذ عام 2010 بعمل 18 خطوة من التحريات على الحالات التى يتوصلون إليها قبل قبولها وتقديم المساعدة لها، وتوضح «سهير»: «لازم نعمل تحريات مع الأمن العام والمباحث عشان ممكن يكون بعض الحالات عليهم أحكام وقضايا غير شرعية، ولازم نتأكد كمان إن الحالة اللى هنساعدها واخدة حكم نهائى من المحكمة»، وبحسب «سهير» فإن الجمعية تعمل على تقديم يد المساعدة لكل حالات الغارمين بوجه عام، ولكنها لاحظت طيلة سنوات عملها بالمؤسسة أن معظم الحالات الغارمة تكون من السيدات، وتقول: «الستات هما أكتر فئة موجودة فى السجون بسبب الموضوع ده، فى الأغلب بيكون عليها كمبيالات أو بتكون ضامن لجوزها»، ويعد شهر رمضان وقبل قدوم الأعياد، وفق «سهير»، أكثر الأوقات التى يزيد فيها التبرع لسداد دين الغارمات، وتضيف «الوقت ده بيكون الناس فى قلوبها رحمة أكتر من أى وقت تانى وبيكون نفسهم يدخلوا الفرحة على قلوب الناس».
«مصر الخير»: نسعى لإنقاذ 50 ألف حالة والتبرعات تزيد فى «رمضان».. ونوجهها لمصارف الزكاة الثمانية
ولأن عمل الخير سلسلة لا ينقطع خيطها، فمن المنصورة استطاع مجموعة مكونة من 7 شباب أن يوجهوا عائد مبادرتهم الرياضية «فات يونيتد» لفك دين 65 أسرة من الغارمات، حيث كانت الفكرة على حد وصفهم «لا على البال ولا على الخاطر»، إيهاب عباس، أحد الشباب أصحاب الفكرة، التى قامت على محاولته هو أصدقائه تقديم الخير ولكن بطريقة مختلفة، ويقول: «كنا 7 شباب تخان جداً، وكان نفسنا نشارك فى ماتشات الكورة فى الدورات الرمضانية، عملنا فريق له سبونسر وجبنا نجم الكورة محمد شوقى يشارك معانا عشان يشجعنا نخس»، وحسب «إيهاب» فإنه بمجرد مشاركة «شوقى» انهالت الإعلانات على الفريق بشكل كبير، ويتابع: «الفلوس اللى جت لينا كانت مبالغ كبيرة جداً، حاولنا إننا نوجهها لعمل الخير وسداد ديون الغارمات فى المنصورة»، واستطاع الفريق فك ديون الكثير من الغارمات وقاموا بوضع قيمة 100 ألف جنيه حداً أقصى لسداد الدين، ويوضح: «فى خلال 9 شهور قدرنا نساعد أغلب الحالات فى المدينة وكان رمضان اللى فات مفيش أى حد من الغارمات فى السجن وده شىء فرحنا جداً»، وبحسب «إيهاب» فإن دور الفريق لم يتوقف عند ذلك الحد، حيث قاموا بتوفير فرص عمل لمساعدة السيدات على العيش وعدم الاستدانة مرة أخرى، ويقول: «حاولنا نشغل معظم الحالات أنا دكتور شغلت عندى فى العيادة أكتر من واحدة، وغير من معارفى ولقوا شغل لحالات تانية» ويرى «إيهاب» أن مساعدتهم للغارمات جاءت عن طريق الصدفة، ويكمل: «احنا كنا عايزين نخس، لقينا نفسنا بندخل فى مغامرة وبنعمل خير بالملايين».
لطالما شغلهم باب سداد ديون الغارمات كثيراً ولكنهم ترددوا فى طرقه فى البداية، لما يتطلبه من توفير مبالغ مالية كبيرة لسداد ديون السيدات، هذا حال أسماء عامر، إحدى المتطوعات فى فريق «يوم خير» بالإسكندرية، وتقول: «فكرتنا فى البداية كانت قائمة على إننا نعمل نشاط خيرى يوم كل شهر، لكن بعد مرور سنة كاملة من تأسيس الفريق اتفقنا إننا لازم نوسع النشاط»، وبحسب «أسماء»، فإن فكرة عمل صندوق خدمى بالفريق يفتح كل 3 شهور، ويوجه عائده لسداد ديون الغارمات كان حلهم الأمثل لتقديم يد العون، وتضيف «عملنا صندوق وبنحط فيه تبرعات بحد أدنى 10 جنيه من أى حد حابب يشارك معانا فى التبرعات وبنساعد بيها الغارمات»، وترى «أسماء» أن المبالغ التى قاموا بتجميعها قليلة مقارنة بمؤسسات أخرى، ولكن قيمتها الحقيقية أنها تستطيع منع حالة من دخول السجن، وتابعت: «فيه حالات بتكون واقفة على ألف وألفين و5 آلاف جنيه بنحاول نساعدهم بدل ما يتحرموا من عيالهم ويدخلوا السجن على مبلغ تافه هيكبر بمرور الوقت بسبب الفوائد»، واستطاع الفريق أن يفك دين أسرتين قبل العيد لإدخال السرور عليهم، وتضيف «أسماء»: «كان نفسنا نفرح الستات ونخليهم يعيدوا مع أسرهم، فكينا دين ست كانت بتجوز ابنها وعليها ألفين جنيه والتانية كان عليها ديون توك توك 5 آلاف جنيه» وبحسب «أسماء»، فإن الفرحة التى يجدونها فى أعين الأمهات وأبنائهن هى التى تحفزهم على مواصلة استكمال الخير.
«بنساعد الغارمات بس بشروط» شعار رفعته الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن بالعياط لمساعدة السيدات الغارمات الفقيرات ومحاولة فك أسر بعضهن قبل العيد وردهن إلى منازلهن، فبحسب «محمد رجب»، مسئول اللجنة الخدمية بالجمعية، فإن الجمعية ستقدم مساعدة للغارمات اللاتى لا يزيد دينها علی 10 آلاف جنيه، وتشترط أن تكون الحالات التى ستتم مساعدتها موثقة ولها حكم قضائى، حتى يتم مساعدتها: «مقر الجمعية بتاعتنا فى العياط قدرنا الفترة اللى فاتت إننا نجمع تبرعات من رجال أعمال وتعاونا مع جمعيات للخير وبنساعد الغارمات من أى مكان مش شرط من قريتنا بس.. الخير مبيتجزأش» وبحسب «محمد»، فإن مساعدة أكبر عدد من الحالات هو السبب وراء اشتراطهم عدم زيادة المبلغ المطلوب سداده على 10 آلاف جنيه، ويقول: «عايزين نفرح أكبر عدد ممكن من الأسر» وبحسب «محمد» فإن التواصل مع المجالس المحلية ساعدهم بشكل كبير فى الوصول لبعض الحالات: «بنقدر نوصل للحالات عن طريق المجالس المحلية وعن طريق عمل إعلانات على شبكات التواصل الاجتماعى».