"شهيد البدرشين".. من حراسة الأجداد إلى مشهد جنائزي في "الكرنك"
جانب من الجنازة
"عيون مصر الساهرة".. اسم أطلقه البعض على رجال الشرطة، وتداولوه للإشادة بدورهم في حماية البلاد، نهارا تحت أشعة الشمس الحارقة، وليلا بصمته وسكونه الشديدين، تاركين خلفهم أسرهم وحياتهم، لمنع اعتداءات أو عمليات إرهابية على المواطنين والشوارع والمنشآت الحكومية، والآثار المصرية الخالدة التي تزيد أعمارها عن 7 آلاف سنة، وتولي الحكومة اهتماما خاصا بها.
"الأهرامات الثلاثة، أبوالهول، هرم سقارة، وهرمي دهشور".. آثار عدة تجمعها محافظة الجيزة، منهم أيضا منطقة آثار أبوصير، التي أشتق اسمها من "مقر الإله أوزوريس"، حيث تضم مقابر ملوك الأسرة الخامسة، ومنها أهرامات الملوك "ساحورع، نفر إير كا رع، نفر اف رع، وني أوسر رع"، إضافة إلى معابد الشمس، لذلك تتجول بها العديد من دوريات الشرطة طوال 24 ساعة لحراسة آثار الأجداد التي تخلد ذكراهم وتشرح جانبا من حياتهم العظيمة، إلا أن أحد تلك السيارات وقعت فريسة للعمليات الإرهابية الغادرة أمس.
في الساعات الأولى من صباح أمس، وخلال مرور سيارة شرطة أعلى كوبري أبوصير بالبدرشين جنوب الجيزة، أطلق إرهابيون يستقلون دراجة نارية الرصاص الحي عليها، في هجوم أسفر عن استشهاد 5 شرطيين، وحاول الإرهابيون إشعال النيرات في جثث الضحايا، قبل أن يتمكن الأهالي من إخمادها.
المجند محمد عبدالعليم.. ابن منطقة "السبتية" بالكرنك في الأقصر، شب وترعرع إلى جانب أفخم وأقدم المعابد الفرعونية في العالم، التي تضم مختلف الآثار منذ الأسرة الحادية عشر وحتى العصر الروماني، فتربى على حب الأرض واستمد من الأجداد القوة، وهو أحد ضحايا ذلك الهجوم الإرهابي الغادر، سالت دمائه في مكان شهد على عظمة وقدرة الأجداد منذ آلاف الأعوام في الجيزة.
وتكريما للشهيد، شيع آلاف من أهالي الأقصر، بحضور محمد بدر محافظ الأقصر، واللواء عصام الحملي مدير الأمن، عقب صلاة الجنازة في مسجد السيد يوسف بالكرنك، ليذهب إلى مثواه الأخير في جنازة عسكرية مهيبة، خرجت من مجمع الكرنك والمعبد الرئيسي للإله آمون قديما، في مشهد جنائزي ضخم يحاكي النقوش الجنائزية المرسومة على جدران المعبد.