الصنايعية: «الكبار» هم المستفيدون من الغلاء.. والماكينات دمرت الصناعة
«الوطن» تحاور أحد صناع الأثاث
«بيوتنا خربت والحال واقف، ولا فيه بيع ولا شراء، وأغلب الورش قفلت والباقى بيشاور عقله»، بتلك الكلمات بدأ صناع الأثاث بمعقل صناعة الأثاث فى دمياط حديثهم لـ«الوطن»، معربين عن حزنهم الشديد بعد غلاء أسعار الخامات وإغلاق نسبة لا تقل عن 40% من الورش، بحسب محمد عبده مسلم، رئيس نقابة صناع الأثاث المستقلة بدمياط، علاوة على تشريد العمالة التى باتت مهددة بالطرد فى أى لحظة وذلك بعد عجزنا عن سداد رواتبهم.
وبوجه حزين جلس محمد صادق، 52 عاماً، نجار بورشته يضرب «أخماساً فى أسادس» غير عالم بما يخبئ له القدر بعد تدهور الحالة الاقتصادية، وترك زملاء مهنته المهنة بسبب العقبات التى تشهدها الصناعة، مضيفاً: «دى مهنتى وليس لى مصدر رزق آخر فأنا أعمل بها منذ ثلاثين عاماً».
وقال «صادق» إن «ارتفاع أسعار الخامات خطة رجال الأعمال كى يقضوا على صغار الصناع، فهؤلاء رفعوا الأسعار 3 أضعاف خلال فترة وجيزة، وما يريدونه يفعلونه، خاصة فى ظل عدم وجود رقابة عليهم، وكأن هناك خطة ممنهجة لإغلاق الورش الصغيرة لصالح الكبار»، وقال: «الشغلانة ما عدتش جايبة همها، فلم يعد هناك مكسب لنا، والمستفيد هم المستوردون لكونهم يتحكمون فى سعر المادة الخام، ويرفعونها باستمرار»، مضيفاً: «ليس لنا بديل آخر سوى ترك الحرفة وهو ما لن يتمكن الجميع من فعله»، مطالباً بمحاسبة هؤلاء الذى لم يعد يشغل بالهم سوى رفع أسعار الخامات كى تزيد مكاسبهم دون الأخذ فى الاعتبار الخسائر التى ستلحق بـ«الغلابة من العاملين فى تلك المهنة»، متابعاً «الصنايعى حينما يعمل دون مكسب يعود عليه سيتسبب له ذلك فى إرهاقه نفسياً بخلاف الإرهاق الجسدى، ورغم الحالة الاقتصادية السيئة لم أستطع قطع عيش 15 عاملاً يعملون معى ليس لهم ذنب ومسئولين عن أسر وأجورهم لم تعد تكفيهم»، واتهم «صادق»، من أسماهم بـ«الحيتان» بتدمير الصناعة بعدما استعان رجال الأعمال بماكينات «الأويما»، ما بات يهدد بالقضاء على المهنة بدعوى تحديثها، والقضاء على الفن والذوق الذى اشتهرت به دمياط من خلال الحرفة، وكأنها خطة ممنهجة لجلوس الناس على المقاهى دون عمل ما يهدد بلجوء الشباب لتعاطى المخدرات والانحراف والقضاء على اليد العاملة»، متابعاً: «دولة الصين التى صنعت ماكينات الأويما لم تستخدمها حتى لا تخلق بطالة، وهنا جاءوا بها لخلق بطالة فى مصر»، مناشداً الرئيس عبدالفتاح السيسى التدخل وإنقاذ المهنة.
ويلتقط «محمد فتحى»، 53 عاماً، طرف الحديث، قائلاً: «إحنا مطحونين فى النص بين تاجر الخشب وأصحاب المعارض، فمع ارتفاع وغلاء أسعار الأثاث يقومون بشراء الأثاث بأبخس الأثمان بسعره القديم ويقومون بالبيع بأسعار مضاعفة، ورغم كوننا الترس الذى يدير الصناعة إلا أننا ضائعون فى المنتصف، فليس لنا حقوق ولا تأمين، وأسعار الخامات فى ارتفاع مستمر يوماً تلو الآخر لجشعهم وقيامهم بتخزين الخامات من أخشاب مخزنة بمخازنهم منذ 5 سنوات ويقومون ببيعها بأسعار مضاعفة». وتابع «محمد»: «لا بد من تدخل الدولة ودعم خامات الصناعة كالأخشاب، كما دعمت لبن الأطفال وخلافه كى تستمر صناعة الأثاث رائدة»، مضيفاً: «ارتفاع أسعار الخامات دفعنى لغلق ورشتى وتسريح العمال منذ أكثر من عام، وحسبتها أنا هشترى الخشب، وهدفع من جيبى الخاص دون أى عائد يساعدنى على العيش وأسرتى حياة كريمة، وبت أعمل حالياً كصنايعى وإحنا الفئة المطحونة»، ووجه محمد رسالة للرئيس: «الحقنا يا ريس من التجار الجشعين ممن يمصون دماء البسطاء، فالخامات كل يوم فى ازدياد»، مطالباً القوات المسلحة بالتدخل وتوفير خامات الصناعة بأسعار مناسبة. وبنبرة حزينة يقول محمد أبوعطية: «الدمايطة كلهم بيعانوا من غلاء أسعار الخشب الزان المادة الأساسية فى صناعة الأثاث التى ارتفع سعرها من 2500 إلى 9500 جنيه»، متسائلاً: «كيف سيعمل الصناع دون عائد خاصة بعد تعويم الجنيه؟»، ويضيف «محمد»: «إيجار الورشة بات عبئاً علىّ فبعدما كان يعمل 4 أويمجية معى تركونى قبل شهر بسبب الماكينات الصينى التى استعان بها أصحاب المصالح لتوفيرالنفقات.