نورهان الشيخ:المساعدات التنموية الأمريكية لا قيمة لها مقارنة بالعسكرية
الدكتورة نورهان الشيخ
توقعت أستاذ العلوم السياسية والدولية فى جامعة القاهرة الدكتورة نورهان الشيخ، نجاح زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الحالية إلى واشنطن ولقائه مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وقالت إن نتائج الزيارة ستنعكس على مزيد من التنسيق بشأن القضايا الإقليمية المختلفة ومنها القضية الفلسطينية والملفين السورى والليبى أيضاً.
وقالت «الشيخ» فى حوار لـ«الوطن» إن الجانب المصرى سيطالب الولايات المتحدة بضرورة تعزيز الاستثمارات فى مصر لمساندة الاقتصاد، فضلاً عن تعزيز المساعدات المقدمة لمحاربة الإرهاب.. إلى نص الحوار:
د. نورهان الشيخ لـ«الوطن»: أتوقع زيارة ناجحة لـ«السيسى» إلى واشنطن
■ ماذا عن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى واشنطن؟
- أتوقع أن تكون الزيارة إيجابية للغاية، وسوف تتطرق إلى كافة القضايا سواء الخاصة بالعلاقات الثنائية بين البلدين أو القضايا الإقليمية المختلفة، هناك ملف التعاون العسكرى وقضية المساعدات وما يمكن العمل بشأنها الفترة المقبلة، فضلاً عن تعزيز التعاون الاستراتيجى بين البلدين فى مواجهة أزمات المنطقة بما يصب فى صالح الجميع، كما أن المناقشات لن تخلو من مناقشة ملف الإخوان والسياسات الأمريكية تجاه التنظيم فى الوقت الحالى، وملف الإرهاب سيكون أيضاً ضمن المباحثات حيث يقول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إنه يشدد على قضية محاربة الإرهاب وإن هناك إجراءات فعلية لمواجهة الإرهاب إلى جانب التعاون الاقتصادى الذى سيتم طرحه وطلب مصر ضرورة مساندة الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار المطلوب.
■ ولكن هناك بعض مقترحات لتخفيض المساعدات للوكالة الأمريكية للتنمية التى تستفيد منها مصر.. فهل تتوقعين مناقشة ذلك؟
- هناك فارق كبير بين المساعدات العسكرية والمساعدات التنموية التى كانت تأتى لمصر منذ فترة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وأن هذه المساعدات لا قيمة لها على الاقتصاد المصرى كما يظن البعض، ويستفيد منها أشخاص بعينهم ومن قبل بعض الجماعات التى توظف تلك المساعدات فى مصالحها، والاستفادة من المساعدات تكون فى الشق العسكرى والتعاون الاستراتيجى لمكافحة الإرهاب، وهو الأهم من كافة المساعدات التنموية التى يرى البعض أنها ذات أهمية كبيرة فى مسار العلاقات بين البلدين، وأن الحديث عن الموازنة الأمريكية فى سياق العلاقة بين القاهرة وواشنطن، التى رغم الرسائل الإيجابية يشوبها بعض القلق من الجانب المصرى، وفكرة تقليص المساعدات الخارجية لمصر يعطى انطباعاً رمزياً بأن العلاقات بين الدولتين ليست كما يروج لها الإعلام، ويجعلها عرضة لبعض التقلبات فى المستقبل، لأن هذا الاتجاه قد يصطحب معه روافد سياسية، قد تنعكس على التعاون بين الجانبين فى الملفات الحارقة بالمنطقة.
■ وهل تتوقعين طرح الرئيس السيسى ملف التعامل مع الإخوان؟
- أتوقع عدم إثارة الأمر بشكل مباشر، ولكن سيتم التطرق إلى كافة التنظيمات الإرهابية، وأن مصر تراقب جيداً الخطوات التى تسعى إليها الولايات المتحدة لاعتبار الإخوان تنظيماً إرهابياً، كما أتصور أن الولايات المتحدة لم يكن لها أى اتجاه الآن ناحية الإخوان منذ قدوم الإدارة الجديدة للسلطة، ولم تطرح أى فكرة لإعادة الإخوان مجدداً إلى العملية السياسية فى مصر، وهو ما يمهد لتعزيز العلاقات بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة.
■ ولكن هناك توقعات بوجود خلاف بين الجانبين المصرى والأمريكى حول القضية الفلسطينية؟
- إن القضية الفلسطينية من الملفات المطروحة والشائكة باستمرار بين الجانبين المصرى والأمريكى، وليس من السهل أن تؤثر مصر على الموقف الأمريكى بشأن القضية الفلسطينية، وربما تسعى مصر إلى ضرورة التحذير من التداعيات السلبية الخطيرة التى تنجم عن ذلك الأمر، وأنه يجب أن تتقدم فى قضايا أخرى ولاسيما القضايا الثنائية دون أن ينصب التركيز على هذه القضية الشائكة، ورغم أنها تمثل أولوية للجانب المصرى فإن هناك الكثير من اللقاءات الإقليمية الأخرى التى يمكن التعبير عنها مستقبلاً.
■ وهل تتوقعين تغيير وجهات النظر بشأن حل القضية السورية من خلال لقاء السيسى مع ترامب؟
- وجهات النظر فى القضية السورية قد تكون مختلفة بين الجانبين، ولكن الفترة المقبلة ربما يكون هناك توافق حول وجهات النظر فى القضية السورية، وإن توجهات «ترامب» حتى الآن لم تظهر على أرض الواقع ولا يمكن إدخالها حيز التنفيذ حتى الآن، والحسم فى القضية لن يتضح إلا بنهاية 2017 ويستطيع «ترامب» وقتها أن يعمل مع الجانب المصرى على مواجهة الإرهاب فى سوريا بالتنسيق مع الجانب المصرى، ولكن منذ حملة الرئيس «ترامب»، وموقفه تجاه الأزمة فى سوريا والربيع العربى مختلف تماماً مع الإدارة الأمريكية السابقة، ويرغب فى مواجهة الإرهاب أولاً قبل أى شىء، بما يعزز أمن واستقرار بلاده وذلك عن طريق مواجهة تنظيم «داعش» فى سوريا، وهو ما تؤيده مصر أيضاً فى الوقت الراهن.
تأثير مصر على الموقف الأمريكى بشأن القضية الفلسطينية «ليس سهلاً»
■ وهل يمكن تناول الملف الإيرانى مع الرئيس «ترامب» وتأثير التعامل معه على الخليج؟
- رؤية الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب تختلف تماماً عن الرئيس السابق باراك أوباما الذى فتح الطريق أمام إيران لتصبح قوة إقليمية من خلال الاتفاق النووى، والولايات المتحدة الآن لم تمتلك صلاحيات لإلغاء الاتفاق النووى مع إيران، ولم يكن اتفاقاً ثنائياً بين أمريكا وإيران فقط، وبالتالى لم يستطع منفرداً إلغاء الاتفاق، ولكن «ترامب» يملك فقط إخراج الولايات المتحدة من التزاماتها فى الاتفاق، ولكن إلغاء الاتفاق بالكامل لم يملكه «ترامب» أو الولايات المتحدة، وإيران لا تعول كثيراً على الولايات المتحدة، فقيمة الاتفاق بالنسبة لإيران كانت تعود لروسيا والصين وهما الأساس.
■ وماذا عن التنسيق بشأن الوضع فى ليبيا؟
- الوضع فى ليبيا خطير للغاية ويشهد تطورات مثيرة خلال الفترة الأخيرة، والجانب الأوروبى هو الأكثر قلقاً من الوضع فى ليبيا بسبب الهجرة غير الشرعية والعمليات الإرهابية التى تأتى من الساحل الليبى، ولكن الولايات المتحدة تريد محاربة الإرهاب والجماعات المسلحة فى ليبيا فى أقرب وقت، وهى تدرك جيداً الدور المصرى فى مواجهة هذه الأزمة، وبناء عليه سيكون هناك تنسيق مشترك بين مصر والولايات المتحدة فى هذا الملف.
■ هل تتوقعين طرح ملف حقوق الإنسان خلال زيارة «السيسى» لواشنطن؟
- ربما لن يكون الطرح مثلما كان فى عهد الإدارة الأمريكية السابقة، والدليل عدم اهتمام وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيرلسون بتقرير الخارجية الأمريكية الصادر مؤخراً حول حقوق الإنسان، وعدم حضور المؤتمر الصحفى الخاص بإطلاق التقرير لأول مرة منذ سنوات طويلة اعتاد وزير الخارجية الظهور فيها، والجانب الأمريكى يؤكد مسألة حقوق الإنسان ولكن لن تكون القضية الرئيسية فى مسار المحادثات مثلما كانت تثيره الإدارة الأمريكية السابقة فى كافة الاجتماعات التى كانت تجرى بين المسئولين المصريين والأمريكيين، وكان يثار بسبب خلافات بين الجانبين بين حين وآخر.
■ البعض يتوقع أن يطالب الجانب المصرى بزيادة الاستثمارات الأمريكية من أجل دعم الاقتصاد المصرى.. هل تتوقعين ذلك؟
- بالتأكيد مصر ترغب فى المساعدة الأمريكية لتعزيز اقتصادها فى الوقت الذى تمر فيه بظروف صعبة، ومن المتوقع أن يطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيادة الاستثمارات الأمريكية لمصر وتعزيز دور القطاع الخاص فى إيجاد الفرص المناسبة له فى مصر خلال الفترة المقبلة بما يدعم الاقتصاد المصرى بتوفير العملة الأجنبية التى تعانى مصر من نقصانها خلال الفترة الأخيرة وتؤدى إلى عوائق اقتصادية محلية.