علماء العالم الإسلامي يضعون "روشتة" لمقاومة التطرف
أرشيفية
قدم عدد من أبرز قادة وعلماء الدين بالعالم الإسلامي "روشتة" لعلاج التطرف والإرهاب خلال أبحاثهم بالمؤتمر السابع والعشرين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والذي حمل عنوان "دور القادة وصانعي القرار في نشر ثقافة السلام ومواجهة الإرهاب"، وعقد على مدار يومين مطلع الأسبوع الحالي.
وقال الدكتور عبدالله النجار عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر السابق وأستاذ الشريعة والقانون، إن الإرهاب له عدة أسباب أولها الفكرية وتكون باستغلال الدين للسيطرة على عقول الشباب، وغالبا ما يكون هؤلاء الشباب من المهمشين الذين يعتريهم اليأس من حياتهم وحينما يجدوا من يعدهم بأدوار قياديا مؤثرة وظاهرة النتائج ومع استغلال بعض أفكار دينية تسهل قيادتهم.
وأضاف النجار، خلال بحثه الذي حمل عنوان "تحديات الإرهاب من المنظور الشرعي"، أن هذا الشباب المهمل الذي لا يجد في أسرته أو مجتمعه ما يشير إلى حياة كريمة يتبع أفكار هدم الحكومة ومحاربة الدولة وبناء دولة الإسلام التي تحقق سعادة الدنيا وفلاح الآخرة وفقا لما يسمعه من المجرمين الذين يغذون عقله بتلك الأفكار، وكانت ثاني أسباب التطرف وفقا لـ"النجار" وجود بعض العبارات الفقهيه التي يحرفها أصحاب الأفكار المتطرفة ويقنعون الشباب من خلالها بأن القتال مشروع ضد الناس جميعا إلى أن يدخل الجميع في الإسلام بعد أن يضربوا نصوص الفقه وأدلة الشرع ببعضها البعض ليجعلوا الفكرة مسوغة في عقول الشباب مستغلين عدد من القضايا مثل "الخلافة والجهاد والحاكمية والولاء والبراء والجزية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخروج على الحكام ودار الإسلام ودار الحرب والمواطنة وغيرها".
وثالث الأسباب للتطرف -بحسب النجار- هي الاقتصادية، وأكد خلالها أن الذين يمارسون الإرهاب لا يمارسونها ابتغاء مرضاة الله ولا نصرة لدينه كما يزعمون ولكن هم يحصدون مقابل ما يرتكبونه من تلك الجرائم ثمنا نقدا أو عينا وأن الإرهاب بات يؤمن مصدر رزق يكفي معتنقيه عن الحاجة إلى الوظيفة الحكومية.
وأكد النجار أن أولى وسائل المواجهة الحاسمة للإرهاب هي تجديد الخطاب الديني لأن هناك اضطراب في الفهم الديني للنصوص الفقهية التي سيقت في كتب التراث وكانت ملائمة للعصر الذي سيقت فيه، والمعنى المقصود بتجديد الخطاب الديني بحسب النجار هو احترام الأصول والفهم الصحيح للواقع الحالي وإنزال الأصول عليها حتى لا ينفصل الواقع المستجد عن الأصول.
وطالب النجار بتقنين ضوابط الحديث والإفتاء الديني، وتصحيح المفاهيم المستغلة من قبل الإرهابيين، وإصلاح التعليم بما يساعد الطالب على الحوار والفهم، واحتضان الشباب وزيادة وعيهم الوطني، وتفعيل الدور العقابي للإرهاب، ودعم ثقافة المحافظة على الحياة.
وطالب الدكتور أحمد النور محمد المفتي العام بجمهورية تشاد، بالتركيز في مواجهة التطرف على أن اختلاف الأفكار وتنوعها ضرورة لا مفر منها ورحمة من الله بعباده، ونشر ذلك في أوساط الشباب.
وأوضح "محمد"، خلال بحثه الذي حمل عنوان "ظاهرة التطرف وأساليب المواجهة"، أن مواجهة التطرف مهمة مصيرية تحتاج للعلماء الربانيين واستخدام الداعية للرفق والتأني في الحوار.
وأكد الدكتور محمد أحمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، أن أهم تحديات الإرهاب هي إزهاقه للأرواح البريئة وتدميره المنشآت الوطنية ونشره للخوف والرعب بين الناس، وإضعاف الأمة وتبديد مكاسبها وتفريق كلمتها، وشق الصف، وتشويه المتطرفين للعلماء وتشويشهم عليهم، وأن سبل التعامل مع هذه التحديات يكون بتعزيز النصح وقيام الأسرة بدورها الإيجابي والفاعل في تربية الأبناء.
وأضاف "حسين" أنه ينبغي للمؤسسات الدينية الرسمية أن تطور أساليبها المتبعة في مجالات الوعظ والإرشاد والحوار وأن تصبح أكثر فاعلية وواقعية، واستخدامها لكادر متخصص قادر على تقديم إجابات عن تساؤلات الحياة المعاصرة ومراعاة الواقع ومتطلباته، والتذكير الدائم بأهمية الأمن والاستقرار في حياة الناس.
وطالب الدكتور ذو الكفل بن محمد البكري، مفتي ماليزيا، في بحثه "دور القادة الدينيين في بيان مبادئ الإسلام وأثره في نشر ثقافة السلام"، بنشر معاني الإنسانية وحسن الخلق ودعم تلك المعاني عمليا والتركيز على ثقافة التسامح في المجتمع الإسلامي وكذلك معاني الرحمة والحكمة مع المسلم وغير المسلم وتوضيح عظمة السلام في النصوص الشرعية وأسس التعايش الإنساني والتواصل الإيجابي.
وأوضح الدكتور يشار شريف أوغلو، مفتي مسلمي اليونان، أن هناك منطلقات إسلامية تؤسس لثقافة السلام منها وحدة الإنسانية التي عبَّر عنها القرآن بقوله تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة" وكذلك وحدة التاريخ والدين، حيث أكد الإسلام أن تاريخ الإنسان واحد متعاقب متسلسل وأنه لا تناقض بين الرسالات بل الدين واحد والشرائع متعددة، وطالب بدعم السلام الذاتي الداخلي والسلام العائلي وصولا للسلام الإجتماعي والوطني والأممي في العالم أجمع.
ووضع الدكتور عبدالناصر الجابري، وزير الأوقاف الكويتي، محورين لنشر الوسطية والاعتدال ومواجهة التطرف بالدول العربية الأول هو المحور التوجيهي وشمل على عدة مبادرات مثل ضرورة تطوير الخطاب الديني والاستخدام الأمثل لخطب الجمعة والدروس الدينية بالمساجد وتدريب وتطوير مهارات أئمة المساجد والخطباء وإنشاء المجالس الفقهية والدعوية الموجهة للشباب والرصد المعلوماتي للدعاوى المتطرفة، وتكوين القوافل الدعوية والتوجيهية، وكان المحور الثاني هو الإعلامي والتقني وطالب خلاله بوضع خطة إعلامية متكاملة لتأصيل مفاهيم الاعتدال والوسطية.