مدير مركز «يافا»: الإرهابيون لديهم ثأر مع مصر بعد إجهاض مشروعهم فى 30 يونيو
الدكتور رفعت سيد أحمد
قال الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث، إن مصر بحاجة إلى حوار مجتمعى كبير لمواجهة ظاهرة «العائدون من سوريا والعراق»، وأكد فى حواره لـ«الوطن» أن هناك 10 آلاف مقاتل مصرى فى سوريا والعراق، وعودتهم ستكون لسيناء وليبيا. وإلى نص الحوار:
«أحمد»: نحتاج إلى حوار مجتمعى واستراتيجية اقتصادية وثقافية لمواجهة الإرهاب
■ كيف ترى مشهد العائدين من سوريا والعراق؟ وهل يذكرنا ذلك بالعائدين من أفغانستان مرة أخرى؟
- أعتقد أننا أمام مشهد أخطر وأشد، فهو لا يذكرنا فقط بل يدق لنا ناقوس الخطر، وفقاً لتقديرات محايدة من تقارير دولية كألمانيا وسوريا بذاتها والأمم المتحدة، فنحن لدينا ما يقل عن 10 آلاف مصرى عملوا خلال خمس سنوات فى العراق وسوريا تحت لواء «داعش» وأخواتها حيث جبهة النصرة وأحرار الشام والجيش الحر، وكل هذه المسميات على الرغم من اختلافها إلا أنها ليست على صلة أو علاقة بالحرية، لكنها مجموعة من الجماعات الإرهابية التى تحركها جهات دولية بشكل أساسى.
■ ولماذا يبدو شديد الخطورة كما تذكر؟
- هم أكثر خطورة، حيث إنهم اكتسبوا خبرات قتالية واستخباراتية فى دول عربية، وفى بيئة شبيهة من بيئة سيناء وأيضاً مصر والساحل الغربى مع الحدود فى ليبيا، فنحن أمام خبرة مختلفة. الأول كان يحارب فى الجبال حيث أفغانستان والفكر المتطرف الذى أُذقنا مرارته، لكن يختلف الأمر حالياً حيث الخبرة المعلوماتية والاستخباراتية، فهو على تواصل سهل بتنظيم «داعش» الأم، ولكن فى أفغانستان كان هناك تباعد مكانى، أما اليوم فتوجد حدود مشتركة قريبة مع ليبيا، والعائدون من سوريا ذهبوا إلى ليبيا واستوطنوها وهى على بعد 40 كيلومتراً من الحدود المصرية، ويعتبر ذلك تحدياً كبيراً نحن فى صدد مواجهته، والأخطر من ذلك ليس لدينا قاعدة بيانات للمعرفة به. الجيل القديم فى أفغانستان كانت له قاعدة يتم تجميعها عند أسامة بن لادن، لكن «القاعدة» الآن مفقودة، ودخلت أجيال نحن لا نعرف عنها شيئاً فى الجماعات التكفيرية.
■ أين ستكون أماكن تركز العائدين من سوريا، حال وصولهم إلى مصر؟
- تركيزهم الأساسى سيكون فى الجناح الشرقى حيث شبه جزيرة سيناء.
■ هل هؤلاء الشباب لديهم فكر تكفيرى يدافعون عنه أم أنهم مجرد مقاتلين مأجورين؟
- لا أعتقد أنهم مرتزقة، بل البعض منهم لديه فكر منحرف ومغلوط، والبعض الآخر ذهب تحت إغراء مادى، فالمرتبات تصل إلى 4 و5 آلاف دولار شهرياً على حسب نوع العنصر وهذا معلوم، ولا بد أن نكون منصفين عند التحليل فهذه الحركة حالة من حالات الفكر السلفى المنحرف أو الوهابى الذى قدمته السعودية للعالم، فالسعودية صرفت خلال ربع القرن الماضى 83 مليون دولار لتغذية هذا الفكر، الذى يركز على الشكل وسهولة التكفير، وأعتقد أن هؤلاء الشباب جزء من هذا الفكر، إضافة إلى التوظيف السياسى والمخابراتى والإغراءات المادية.
العائدون من سوريا والعراق محمّلون بخبرة قتالية واستخباراتية كبيرة وقاتلوا فى بيئة تشبه سيناء
■ بماذا تفسر أسباب عودة هؤلاء الإرهابيين إلى مصر؟ وهل لديهم فرصة لإعادة تشكيل تنظيمات تشبه «داعش» بعد عودتهم؟
- هم عائدون لأنهم ضعفوا فى البلاد التى يقاتلون فيها، ومنها سوريا، ويريدون إعادة تشكيل نواة جديدة لهم فى مناطق أكثر استعداداً أو ترحيباً، وتتمثل هذه المناطق فى ليبيا على الحدود الغربية مع مصر، ومنها إلى الساحل الشمالى، وهذا ناقوس خطر يهدد السياحة، فالسياحة ممكن أن تتوقف بسبب العمليات الإرهابية، وحدود مصر مع ليبيا تصل إلى 1120 كيلومتراً، لذالك نحن نحتاج إلى يقظة وتوعية وأجهزة أمنية قادرة على التصدى لهؤلاء الإرهابيين. هم أيضاً يريدون تخفيف الضغط على المناطق السهلة حيث ليبيا، فهى تكاد تكون بلا دولة، وكذلك ستكون هناك عودة إلى سيناء، لتنضم إلى تنظيم «داعش - ولاية سيناء» النشط هناك.
■ ما المنطق الذى يحكم تحركات هذه الجماعات ومنها تفكيرهم فى العودة لمصر، ومدى ملاءمتها لوجودهم؟
- هذه الجماعات لديها مشروع سياسى مع أجهزة ومخابرات دولية. سوريا فى الأساس دولة علمانية، وقائد الجيش السورى «سنى»، فالسبب الرئيسى لهؤلاء سواء للقتال فى سوريا أو فى العودة لمصر وغيرها هو سياسى، بناء على هذا التصور سيكون المناخ فى مصر ملائماً؛ لأن مصر أجهضت مشروع هذه الجماعات فى 30 يونيو، لذالك هناك رغبة فى الثأر من مصر، أما إمكانية التذرع بقضية المذاهب فى مصر، فالبيئة غير ملائمة للصراع المذهبى؛ لذلك استراتيجية مواجهة الإرهاب تحتاج إلى عقل سياسى، وليس أمنياً فقط.
■ وماذا تقترح من آليات سياسية لمواجهة هذا الخطر؟
- الحل بناء استراتيجية جديدة لمواجهة الإرهاب المقبل، استراتيجية توعوية، واقتصادية وثقافية، وعدم الاكتفاء بالبعد الأمنى فقط فى المواجهة سواء من خلال الجيش أو الشرطة.