سياسى تركى: الحواسيب الإلكترونية للحزب الحاكم تحدد مصير الاستفتاء وليس الشعب
يافوز أجار
قال السياسى التركى يافوز أجار، لـ«الوطن»، إن «التعديلات الدستورية الجديدة تجعل الرئيس رجب طيب أردوغان مسئولاً عن كل السلطات ليكون الرجل الأوحد». وأضاف، فى حواره، أن «الرئيس يلعب على وتر الإرهاب، وهناك معارضون يطلبون التصويت بنعم للتعديلات الدستورية؛ خوفاً من إثارة الرئيس حرباً أهلية فى البلاد إذا رفضناها»، مؤكداً أن الشعب التركى يرفض النظم الديكتاتورية، على حد قوله.
■ بداية، ما الذى يمنع أن تتحول تركيا إلى النظام الرئاسى؟
- مضمون التعديلات الدستورية يدل على أن «أردوغان» سيكون هو المسئول الذى يقرر كل شىء فى تركيا، الدستور الجديد يوفر له حصانة كاملة، بحيث لا يمكن التحقيق فى أى وقت كان معه، إلا فى حال موافقة 400 نائب على فتح تحقيق مع الرئيس. فضلاً عن أن تلك التعديلات تسمح لـ«أردوغان» بتعيين رئيس وزراء من خارج أعضاء البرلمان، كذلك تسمح له بتعيين أعضاء المحكمة الدستورية.. خلاصة القول هذه التعديلات الدستورية تجعل «أردوغان» المسئول عن السلطات الثلاث فى الدولة: التنفيذية والتشريعية والقضائية.
■ فى تفسيرك، لماذا يسير الرئيس التركى فى هذا التوجه، خاصة أن تجربته بدأت نموذجاً نتحاكى به فى الديمقراطية ببلد مسلم؟
- هناك تفسيرات عديدة لهذا الاتجاه الجديد، وكلنا نتفق أن «أردوغان» فى البداية أظهر أنه يدافع عن الحقوق والديمقراطية، ولكن التجارب والتطورات اللاحقة كشفت أنه «نفاق سياسى» مارسه «أردوغان» لكسب التأييد والدعم الشعبى استعداداً لتلك الأيام التى يريد أن يكون فيها الرجل الأوحد، الذى يحكم كل شىء وحده. وهناك ضرورات من أهمها، للأسف، أن «أردوغان» تورط فى جرائم فساد ورشوة كبيرة جداً، هى الأكبر فى تاريخ الجمهورية التركية، وكذلك تورط فى التعاون مع بعض التنظيمات الإرهابية، بما فيها تنظيم «داعش» الإرهابى، ورصدت أجهزة الأمن التركية والقضاء والجيش السابقة تلك الجرائم، والوثائق التى تثبتها موجودة لدى مؤسسات الدولة. لذلك يبدو أن «أردوغان» يخاف المثول أمام المحكمة لمحاسبته على ما فعله فى الفترة السابقة.
■ هل الأمر له علاقة كذلك بوجوده داخل الحزب الحاكم؟
- هو يصر أن يكون الرئيس الحزبى، يريد السيطرة على السلطة والحكم فى البلاد من جانب، ومن جانب آخر السيطرة على حزبه بأن يكون زعيماً له؛ لأنه يخاف أن تحدث هناك تطورات مفاجئة بالنسبة له داخل الحزب تفقده سيطرته الكاملة على حزبه، وربما تظهر معارضة داخلية له فى الحزب الحاكم، ومن ثم يفقد تأثيره.
■ ما توقعاتك لاتجاهات الشارع التركى صوب الاستفتاء؟
- بكل صراحة أرجح أن الشعب التركى لن يوافق على التعديلات التى تمنح لـ«أردوغان» نقل البلاد من النظام البرلمانى الحالى إلى النظام الرئاسى؛ لأن الشعب التركى يعارض الأنظمة الديكتاتورية، ولكن هذا فى حال إجراء عملية استفتاء نزيهة.
■ وهل تعتقد ألا يجرى الاستفتاء فى أجواء نزيهة؟
- نعم، فى الفترة السابقة جربنا ذلك، خاصة لما فقد حزب «العدالة والتنمية» انفراده بالحكم، توجه الرئيس للعب على وتر «الإرهاب»، فبينما كان يجرى مفاوضات مع حزب «العمال الكردستانى» الإرهابى، أقلع عن هذه المفاوضات وأطاح بطاولة المفاوضات وتوجه إلى تنفيذ عمليات أمنية وعسكرية بعد أن توقف عنها، هو بذلك كان يعمل لتوظيف الإرهاب للحصول على التأييد الشعبى. وكذلك هناك قرارات قضائية أصدرتها المحكمة العليا فى تركيا تثبت تلاعب حزب العدالة والتنمية فى النتائج. كذلك أنا أستبعد أن الشعب التركى هو من يحدد مصير الاستفتاء، وإنما الحواسيب الإلكترونية التابعة للحزب الحاكم، ما لم تحدث مفاجأة لم نتوقعها.
■ ما توقعك لما سيحدث فى تركيا فى حال رفض التعديلات الدستورية؟
- اختبرنا الأسلوب الذى يتعامل به «أردوغان» عندما يفشل، فمثلاً إذا رجعنا إلى قضايا الفساد عند كشفها، فإن الرئيس التركى قلب الأجهزة الأمنية من ألفها إلى يائها، لرفض الاتهامات الموجهة إليه. يبدو أن «أردوغان» كما صمم انقلاباً مزوراً فى 15 يوليو الماضى ليحصل على شرعية فى تصفية معارضيه، فى حال رفض التعديلات فى الاستفتاء، أخاف من أن يتوجه الرئيس لإثارة الفوضى والبلبلة فى البلاد؛ كى يقوم بإزالة من تبقوا من المعارضين فى مؤسسات الدولة والمؤسسة العسكرية، وقد يكون هناك رد فعل من الجيش التركى.
■ كيف يرد الجيش التركى؟
- بما أن الجيش التركى بات خالياً الآن مما يسميه «أردوغان» «منظمة فتح الله جولن» الإرهابية، الآن الجيش التركى تحت سيطرة عصابة «أرجينيكون» وعناصر راديكالية إسلامية، وتلك العصابة تخشى أن يجمع «أردوغان» السلطات كلها فى يده، ثم ينقلب عليهم ويقوم بتصفيتهم.
■ هل يصوت المواطن التركى بـ«نعم»، خوفاً من عواقب «لا»؟
- هذا ما يريده «أردوغان»، هناك معارضون لـ«أردوغان» يطالبون بالتصويت بنعم للتعديلات الدستورية؛ خوفاً من إثارة الرئيس حرباً أهلية فى تركيا، ولكن يبدو أن هذا سيؤثر، إن لم تكن هناك مفاجأة كبيرة.
■ ما مستقبل تركيا فى حال تحولت البلاد إلى النظام الرئاسى؟
- ليس من التكهن أن نقول إن «أردوغان» سيتوجه إلى إزالة كوادر جماعة «أرجينيكون»، أو فلول النظام السابق لـ«أردوغان»؛ لأنه ينتظر من الجماعات العلمانية المتطرفة تحركات ضده، وسيتوجه الرئيس لاتخاذ التدابير وينفذ عمليات تصفية جديدة تقيل جميع العسكريين الذين لا يريدهم «أردوغان».