جهاز تشغيل شباب الخريجين.. «خرابة» تحت رعاية محافظة الجيزة.. ولافتة تعلو «محال مغلقة»
مشروع شباب الخريجين مغلق كالعادة
لافتة محطمة تحمل الكثير من الأتربة كتب عليها باللونين الأزرق والأحمر «محافظة الجيزة.. جهاز تشغيل شباب الخريجين.. المعرض الدائم لتسويق منتجات شباب الخريجين» أسفلها بوابة حديدية مفتوحة، وصف طويل من المحلات المغلقة.. «خرابة» هو الوصف الأمثل للمشهد.
الكثير من التناقض بين ما تحمله كلمة شباب المكتوبة على اللافتة بالخارج، وبين الواقع المقبض للمحال المغلقة فى عز الظهر، رغم التنوع الكبير لأنشطة المحال؛ منجد، وأجهزة كمبيوتر، مصنوعات جلدية، مستلزمات دش، هواتف محمولة، وغير ذلك الكثير، لا يبدو أن التوفيق قد كتب لأى منها، ما يؤكد أن العيب لم يكن على النشاط أو العاملين ولكن فى ظرف موحد جمعهم تحت راية الفشل.
«محمد» فتح محلاً لبيع «العسل» فلم يشتره أحد.. وتحول إلى «التنجيد».. لكن «مفيش فايدة»
الكثير من التصريحات بشأن المشروع لا يكف المسئولين عن إطلاقها، كان آخرها تلك المطالبات التى أعرب عنها اللواء كمال الدالى، محافظ الجيزة، فى نوفمبر الماضى، للمسئولين عن المنطقة، بضرورة إعادة فتح محلات شباب الخريجين بحى إمبابة، المحافظ الذى ظل يجول بين بولاق الدكرور وإمبابة لست ساعات متواصلة استقر أن ثمة مشاكل تواجه المشروع وأنه من الضرورى بحثها مع أصحابها ووضع حلول لتطوير تلك المحال واستغلالها بشكل أفضل، سواء الـ25 محلاً المطلة على نفق المنيرة من الناحية الشرقية، أو الـ20 محلاً المطلة من الجهة الغربية.
تصريحات لم تعدُ عن كونها مجرد أمنيات طيبة من المسئول عن المحافظة، فما أن انتهت الجولة حتى عاد كل شىء كما كان، ثلاثة أشهر مضت ولا تزال المحال مغلقة، فالحل لا يبدو قريباً، لم يره أى من أصحاب المحلات على أجندة المسئولين بأى شكل.
45 محلاً فى نفق المنيرة تابعاً للمشروع يبحث عن التطوير
محمد يوسف، واحد من هؤلاء، أسطى منجد يبلغ من العمر 36 عاماً، ظل يعمل مع والده لفترة طويلة، إلى أن استعان به صديقه لفتح محل ضمن مشروع شباب الخريجين، فى مجال التنجيد، عقب رحلة فشل ذريعة مر بها الصديق فى مجال بيع «العسل»: «المحل فى الأول كان بيبيع عسل، لكن محدش كان بيشترى، العسل اتخزن عند صاحبى وباظ وخسر كتير وقرر يغير النشاط ولما شاف شغلى وعرف إن الناس بتجيلى بالاسم استعان بيا» وجهة نظر تصور بها الشاب أنه سوف يعوض خسارته إلا أن الخسارة بدت مرتبطة بالمكان.
من العسل إلى التنجيد تغير النشاط بالكامل، وبدأ العمل، إلا أن الرزق بدا شحيحاً «كان فاتح جنبنا ناس كتير بتوع سيراميك وجلود، وكله قفل زى حالاتنا» ثلاث سنوات كانت كفيلة للإثبات أن المشكلة لا تتعلق بطبيعة النشاط، ولكن بطبيعة المشروع الذى لم يبد واعداً عقب التجربة بأى شكل من الأشكال.
يلخص «محمد» المشكلة بقوله «المكان مفصول عن الشارع بسور حديد، وله باب حديد، وآخره حيطة سد، لو الزبون مش جاى مخصوص مش هيدخل من الأساس» خصوصية للبيع ولطبيعة الزبون والأنشطة، لم يبد أنها على قائمة أولويات منفذى المشروع.
يواصل «محمد» حديثه طارحاً الكثير من الحلول القادرة على بعث الحياة فى المشروع «المكان جميل وحلو للشغل، بس عاوز لمسات تخدّم على الشغل، يعنى ممكن يتفتح نهايته ويبقى طريق للناس تعدى منه وتشوف البضاعة وهى معدية وتاخد اللى يناسبها، الشغل عاوز زباين وناس تعدى وتشوف، والناس ماعندهاش وقت تدخل مكان مخصوص».
يرى الشاب الأربعينى تناقضاً فجاً بين الموقع والحال: «موقعنا فى قلب العمار، بضاعتنا بياعة، عمرنا صغير، الدولة عاوزة تساعدنا، وكل حاجة بتقول إننا هننجح، لكن قلة التخديم علينا هى سر فشلنا» واقع تثبته تلك التجربة حين بادرت إحدى شركات الاتصالات الكبرى بعرض خدماتها على أصحاب المحلات، حيث وعدتهم بمساعدتهم فى صنع لافتات تحمل أسمائهم وشعارها، وتنفيذ بعض التطوير بالمحلات، إلا أنها اختفت سريعاً، الأمر الذى فسره محمد «عرفوا إنها مش جايبة همها».